على عتبات رمضان الكثير من الكسل والخمول والتسويف

27.05.2016 08:20 PM

كتب:ذوقان القيشاوي

بدأت في الفترة السابقة بحجز بعض المواعيد فيما يخص عملي في شهر رمضان، وبدأت الاعتذارات وجمل التسويف، فكأن علينا أن نشطب هذا الشهر من أجندة العمل وبحجة أننا لا ننتج جيداً في شهر رمضان، اعتقد أننا لمن نقرأ رمضان بالطريقة الصحيحة، ولمن نبحر في عمق القيم التي يتم تعزيزها في هذا الشهر، فكيف لنا أن نشطب من حساباتنا شهراً بأكمله؟  وكيف لنا أنا نعطل الكم الكبير من الإنتاجية بحجة صعوبة الصيام وشهر رمضان؟
يبدو أن هذا أصبح نسقاً عاما،ً وأصبح جزءاً من الثقافة المقبولة، فالمعظم يقول لك أتركنا لبعد رمضان، والمشكلة الأكبر هي بعد رمضان، فنحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع من أجل إعادة ضبط ما تعودنا عليه في رمضان، هناك مشكلة كبيرة في نمط التفكير، وكأن رمضان هو شهر الكسل والنوم والخمول، لا أنكر أن هناك طقوساً جميلة يستمتع بها الكثير، ولكن هناك الكثير من الأولويات التي تحتاج إلى تنظيم الذات وتنظيم الوقت.
إن وضع الخطط في شهر رمضان تتطلب الكثير من الذكاء والدقة، لأن الكثير من الخطط يفشل ليس تقصيراً منك ولكن لأن الكثير ممن تعتمد عليهم الخطط هم في خمول شهر رمضان بحجة الحر والعطش والجوع والسهر وضعف الطاقة الجسمانية، فمن الذكاء أن تتعامل مع هذا الواقع بطريقة لا تؤثر على مخططاتك حتى لا تكون النتائج عكسية أو كارثية في بعض الأحيان.
تعلمت من السنوات السابقة أن أنهي الأشياء الشاقة التي تحتاج إلى جهد كبير وعمل ميداني قبل دخول شهر رمضان، وأن أترك الأشياء الأقل جهدا ليتم تنفيذها خلال شهر رمضان، وتعلمت أيضاً أن استفيد من ساعات نكون فيها في قمة الذروة، فتعادل الساعة الواحدة منها أضعاف ساعات وقت الخمول، وتعلمت أيضاً أن أتكيف ما كافة المتغيرات وأن أضع الخطط البديلة، فكأننا نتكلم عن حالة طوارئ وهي بالتأكيد أشبه بذلك، وتحتاج إلى تدبر وتخطيط نوعي حتى تخرج بأقل الخسائر.
إن إدارة الذات في شهر رمضان تتطلب قدرات وخبرات في توزيع الوقت وإدارته بالشكل الأمثل، فمن المهم أن نستمتع في شهر رمضان، فلهذا الشهر الكثير من الحكايات والذكريات، وبه الكثير من الطقوس الجميلة, والتي يحب الكثيرون الاستمتاع بها وقضاء أكبر وقت ممكن حتى يصل البعض إلى مرحلة الإشباع، إن من أهم الأفكار التي قد تساهم في خلق نوع من التوازن تقع في المحاور التالية.
المحور الأول:- استثمار ساعات الصباح في الإنجاز، فالكثير منا يصل مرحلة وقت الخمول بعد ساعات الظهر، وتكون ساعات الصباح الأولى ذات إنتاجية أفضل، وهذا بالتأكيد سوف يعتمد على طبيعة العمل، وعلى تعويد الذات وبرمجتها للاستجابة لتلك المتغيرات.
المحور الثاني:- استثمار بعض ساعات المساء في أداء بعض المهام التي تم تأجيلها وجدولتها ، فهذه الفترة تصلح لبعض الأعمال المكتبية، وتكون الإنتاجية بها عالية جداً فالكثير من الأشياء الفكرية يمكن إنجازها في هذه الفترة حيث تكون الطاقة بها في أعلى مستوياتها.
المحور الثالث: تثبيت قناعة ذاتية أن الإنتاجية في شهر رمضان من الممكن أن تنخفض بنسبة معينة، وهذا شيء طبيعي، ولكن هذا لا يعني أن تتوقف الحياة وتصاب بالشلل الذي سوف يؤثر على حياة الآخرين، فهذه القناعة سوف تساعدك في برمجة الذات على هذه الإنتاجية العقلانية.
المحور الرابع: البحث والتعمق في ماهية الصوم، والحكمة منه، وما يتعلق به من قيم ومبادئ وروحانيات، إن هذا التعمق سوف يساهم بشكل كبير إلى تغيير بعد الاتجاهات لدينا وسوف يؤثر على سلوكنا وعلى نمط تعاملنا مع الأشياء بشكل مختلف.
المحور الخامس: وضع برنامج بناء قدرات وتطوير للذات خلال هذا الشهر، فهناك الكثير من الفرص التي يمكن الاستفادة منها خلال هذا رمضان، والكثير منها متوفر على الإنترنت،  فعلى الأقل أن يكون لدينا مخططاُ للاستفادة بأكبر قدر إذا لم نكن منتجين.
نحن نحتاج إلى نعود ذاتنا ونكيفها مع كل الظروف، وهذه واحدة من أهم المهارات التي يجب أن ندرب أنفسنا عليها، فالحياة في مسار متغير، والحكيم هو من قرأ كل تلك التغيرات، وخطط للتعامل معها، تمنياتي بشهر مثمر، مليء بالخير والعبادة والعطاء وكذلك العمل والإنجاز وتطوير الذات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير