حمدي فراج يكتب لوطن: القادمون من السراديب.. والذاهبون إليها

وطن: بدون لف او دوران ، بدون ديبلوماسية ، فإن كتائب القسام ، قد أعادت بناء نفسها و تنظيم مقاتليها شمالي القطاع ؛ جباليا و الزيتون و بيت لاهيا و الرمال و بيت حانون ..الخ ، على اعتبار تصديقنا أكاذيب حكومة نتنياهو على شعبها ، أن جيشها قد "اجتث" هؤلاء المقاتلين و "طهّر" منطقة الشمال . و لحجم الخسائر البشرية و العتادية التي أوقعت في صفوف جيش الاحتلال ، بتنا نعتقد ان عودة الجيش الى الشمال و بالتحديد الى جباليا ، هو بمثابة فخ حاكته القسام لتوقع فيه كل هذه الخسائر . إن هذه الخسائر ، التي لم يتكبدها الجيش في بداية الحرب تقودنا الى استنتاجات / استخلاصات ممكنة ، أولها ان تفعل خانيونس في الوسط ، ما فعلته جباليا في الشمال ، و ثانيها سقوط مقولة نتنياهو ان رفح هي آخر معاقل حماس ، و ثالثها أن ينزل نتنياهو عن شجرة رفح و يغض الطرف عن اجتياحها لاجتثاث آخر اربع كتائب لحماس ، لأنه اصبح متأكدا ان هذا ليس صحيحا او حتى دقيقا ، أما رابع الاستنتاجات ، فهو الإقرار بهزيمته التي ربطها بشجرة رفح حين قال عدة مرات منذ عدة أشهر ان انتصاره على حماس منوط باجتياح رفح . و بغض النظر إن أقر بذلك أم لا ، لأسباب مكابراتية ، سياسية و شخصية و حزبية ، فإننا نذهب الى الاستنتاج الخامس ، من ان عدم انتصاره ، أي هزيمته ، تعني تلقائيا انتصار خصمه ، حماس / القسام / السنوار ، أي المقاومة الفلسطينية في غزة ، مرتبط بهذا استنتاجات أخرى عديدة و شديدة الوقع ، ابرزها انتصار محور المقاومة في لبنان و اليمن و سوريا و العراق وايران ، و لمن لا يريد ان يفهم عن قيمة و أهمية جغرافية هذه المقاومة الممتدة و ثقلها القتالي و السكاني والاقتصادي و العسكري والأخلاقي التحرري ، فهو سيصدق ان هذا المحور سيتخلى عن انتصاره العزيز الذي مهره شعب المقاومة في غزة و غير غزة ، بأثمان غالية لا تقدر و لا تجير . من السخرية بمكان ، ان يقوم نتنياهو و أحلافه الدوليين و الإقليميين بتحديد اليوم التالي للحرب ، لا يعقل ان تقوم أمريكا بتحديد من يحكم غزة و هي شريكة لنتنياهو في هذه الحرب القذرة بالسلاح و المال و الفيتو ، المدعية انها وسيط لتحرير الرهائن و عدم دخول رفح لأن هناك وسائل افضل و أضمن للقضاء على حماس ، و قد أخطأت هذه الأخيرة ، حين قبلت ان تكون أمريكا وسيطا بل وضامنا . و الا ما معنى كل هذه المظاهرات الشعبية في شوارعها و التي تحولت في الشهر الأخير الى ثورة طلابية عارمة ، قد تطيح بالحزب الديمقراطي في الانتخابات التي باتت على الأبواب ، أما النظام العربي فعليه ان يقرأ كل ذلك بسرعة قياسية ، و يسحب يده من يد نتنياهو الذاهب الى حيث المكان الطبيعي له كمجرم حرب في سراديب الخزي المؤبد وغياهب التاريخ الآفلة التي لا ترحم ، في حين ان السنوار وربعه مقبلون قادمون من الانفاق ، سراديب القتال ، الى حيث الحرية و الشمس و المستقبل .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء