"قيدٌ وورد".. سيرة حياة مناضل عروبي ورجل أعمال وطني

08.06.2023 05:20 PM

وطن: من معلم، إلى نقابي مناضل، ذاق مرارة السجن العديد من المرات، إلى رجل اعمال وطني ناجح، شقّ محمد المسروجي "أبو إياد" طريقه بين القيد والورد.

في كتابه "قيد وورد" الذي أطلقه، خلال حفل في رام الله، حضره أصدقائه ومحبيه وعائلته، يروي المسروجي سيرة حياته التي تمثل حقبة هامة في تاريخ الشعب الفلسطيني بدأت منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي، قدم فيها شهادة حيّة حول احتلال فلسطين، وتأسيس حزب البعث، وبداية العمل النقابي، والاقتصاد الفلسطيني تحت الاحتلال.


سيرة تحمل ملامح الفلسطينيين

وقال المسروجي لـوطن، إن كتابه يمثل سردا لأحداث وقعت في فلسطين وتأثرنا بها سواء كانت أحداثا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، فالكتاب يمثل سردا لحقبة من الزمن.

وأضاف المسروجي أن الإنسان يجب أن يكون صادقا في عمله وقوله، وأن يكون مجداً ومجتهداً في حياته، وأن يختار المكان والزمان والأعمال والمناسبة حتى يستطيع ان يتقدم.

ورأى أن ملاحقته واعتقاله لم تنل من عزيمته، لأنه دائما كان يقابل ذلك بالتحدي.

وعن الكتاب، قال وزير الثقافة السابق د.إيهاب بسيسو لـوطن، إن "قيد وورد" ليس مجرد سيرة ذاتية، بل يحمل نبض تحولات في المجتمع الفلسطيني وذكريات لمجتمع واجه الكثير من التحديات، فعندما قرأت الكتاب وجدت في سيرة محمد المسروجي كثيرا من ملامحنا كفلسطينيين، والتي تشكلت على مدار العقود الماضية، سواء ما يتعلق بالعمل الوطني أو الاقتصادي أو العام.

وأضاف: قيد وورد يعد أحد كتب التنمية الوطنية ان جاز التعبير، التي نحن بأمس الحاجة اليها في هذه الأيام التي يجب قرأتها وتوزيعها، لانه يحمل ملامحنا جميعا ويمنحنا الامل بأن لا نستسلم للضغوط والتحديات مهما بدت صعبة.

وقال الشاعر والكاتب طارق عسراوي، إن الحكايات التي لا نكتبها يسرقها اعداؤنا، لذا لا يعتبر قيد وورد، سيرة الرجل صاحب السيرة بل صاحب حقبة زمنية عاصرها المسروجي، تجيئ اليوم على لسانه فهي شهادة على الأحداث وتأسيس لما أتى بعدها.

والدٌ وجدٌ محب معطاء

ولد محمد المسروجي في القاهرة لأبوين فلسطينيين عام 1935، وتزوج من السيدة رسمية مسروجي سنة 1965، وأنجب منها ولدين (إياد وهيثم)، وابنتين (ربا وريم)، منحهما والحب والدفء والعزيمة نحو النجاح.

وقال نجله اياد إنه بالنسبة للكثيرين، محمد مسروجي هو رجال اعمال واسس عدة مؤسسات وجمعيات، لكن بالنسبة لي هو والدي ووفر لنا بيت دافئ فيه حب منذ الطفولة حتى الآن، وعلمنا حب الأرض والوطن.

وأضافت ابنته ربى: صحيح أن والدي كان مشغولا بالعمل والشركات، لكن من المهم ان اشير إلى انه منحنا كل الوقت الذي نحتاجه. وتابعت: أعدكم أن كل شيء منحنا إياه والدي سوف نبقى ملتزمين به وسنزرعه في أبنائنا.

وأعربت حفيدته ندين العلمي في حديثها لـوطن، عن فخرها واعتزازها بجدها، قائلة: بالنسبة لنا كأحفاد فخورين به، واليوم اجتمعنا حتى نقول له كم نحن فخورين به، لأن معظم الذي تعلمناه كان منه وبسببه، ونشكره على الفرصة التي منحنا إياها بالحياة، ولم يقصّر معنا يوما ما.


معلم ونقابي مناضل

تخرج المسروجي من دار المعلمين في العراق سنة 1953 وعمل أستاذ تاريخ في مدارس الوكالة لمدة 4 سنوات في الضفة الغربية، ثم مديرا لمدرسة العوجا، حاصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والماجستير في ادارة الأعمال والدكتوراة الفخرية في الاقتصاد من جامعة بيرزيت.

أثناء عمله مدرسا في الوكالة سار على طريق العمل النقابي، فشغل منصب امين سر نقابة معلمي ومعلمات وكالة الغوث في الأردن، الأمر الذي عرضه للملاحقة والاعتقال عدة مرات، وفي عام 1957 اعتقل لمدة عام وأنهى خدمته من الوكالة، وأصبح بلا عمل.

بعدها مال إلى العمل والاستثمار في قطاع الأدوية، فأنشأ مستودع ادوية القدس في مدينة القدس عام 1959، وباشر مراسلته لشركات أدوية اجنبية وحصل على العديد من الوكالات، وتوسعت شركته وأصبح لديها عدة فروع.

تحدى تضييقات الاحتلال عليه، ورفض العمل مع الشركات الإسرائيلية مقابل السماح له باستيراد الادوية الأجنبية وما زال حتى يومنا هذا يرفض ذلك، الأمر الذي دفعه لتأسيس شركة القدس للمستحضرات الطبية.

وقال أمين عام حركة المبادرة الوطنية د. مصطفى البرغوثي، إنه من الصعب وصف محمد المسروجي بصفة واحدة، فهو رجل اعمال ناجح من الطراز الأول وبارز في العمل الخيري والإنساني، واقتصادي وطني، ويتميز بأن كل خطوة وكل مشروع أنشأه كان في الواقع تحدي للاحتلال والاضطهاد الذي يواجهه الشعب الفلسطيني.

وأضاف: في عمله الاقتصادي المثمر لم ينحرف عن مبادئه، فإلى جانب الاقتصاد، كان مناضلا وطنيا ودخل السجن مع كل القادة الوطنيين المعروفين من مختلف التيارات والأحزاب السياسية، وعانى مثلما عانوا، وقد أثبت شيء مهم بانه لا يوجد تناقض بين العمل الوطني والعمل الاقتصادي الناجح.

وأعرب البرغوثي عن أمله بأن يرى مزيدا من هذه السير حتى تعرف الأجيال الشابة القادة وما صنعته في العقود الماضية.

وقال وزير الاقتصاد خالد العسيلي إن أبو اياد أضاف لكل أصدقائه وزملائه خلال الفترة الماضية، فمبادراته ليست فقط الاقتصادية بل هذا الكتاب الذي فتح طريق الفترة التي عشناها والتي روى فيها تاريخه السياسي والاقتصادي، وانا أشهد على العديد من أبواب هذا الكتاب.

وأشار إلى أن الكتاب يتطرق إلى فترة الـ76 التي لم تكتب، حيث رفعت البلديات حينها راية منظمة التحرير، في وجه الاحتلال.

وقال الكاتب المقدسي راسم عبيدات لـوطن، إن محمد المسروجي عدا عن أنه رجل اعمال واحد أعمدة الاقتصاد الوطني، بل هو قامة وطنية وقومية ورجل صاحب مبدأ وقيم واخلاق، كانت البوصلة لديه واضحة.

وأضاف عبيدات: مثل هذه القامات التي تجمع بين العمل النضالي والحزبي والنقابي والاقتصاد نفتخر بها، وهو صاحب مبدأ والتزام تجاه شعبه وقضيته ووطنه.

بدوره، قال المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس لـوطن، إن "أبو اياد" مناضل من الطراز الأول، فهو رجل وطن وفكر وثقافة، آمن بالعروبة والوحدة العربية. مضيفا: نعتبره رمزا وطنيا بامتياز لا يمكن تجاهل عطائه.

رجل أعمال وطني وسخيّ

لم يوقفه العمل السياسي والنقابي عن السير في خطى النجاح الاقتصادي، فبالمثابرة والصبر استطاع أن يصبح من أكبر رجال الأعمال في فلسطين، ويمتلك هو وعائلته العديد من الشركات المتخصصة بالأدوية والكوزماتكس، والتأمين، وأخرى متخصصة بالأوراق المالية، بالإضافة إلى مدارس المستقبل، وغيرها، إلى جانب ترأسه مناصب فخرية عليا في مؤسسات أهلية وخيرية وجامعات.

كما وضع بصمته الخيرية في جمعية إنعاش الأسرة وجمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا، وجمعية أصدقاء جامعة بيرزيت وغيرها الكثير.

وقال الدكتور بشار الكرمي رئيس جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا لـوطن، إن المسروجي كان له دور مهم وبارز في تأسيس جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا قبل نحو 30 عاما، إذ وكان من أوائل الداعمين وابرزهم للجمعية، التي كان تأسيسها نموذجا وحالة متقدمة لخفض الولادات الجديدة من المرضى وتقديم خدمات افضل للمرضى.



تصميم وتطوير