المطلوب كبح ارتفاع الاسعار مع حلول شهر رمضان؟

19.05.2016 10:00 AM

كتب: عقل أبو قرع

ليس من العجيب أن نرى مع أقتراب شهر رمضان المبارك دوامة إرتفاع الاسعار،  وأن نقرأ عن ألقرارات حول الاسعار الاسترشادية لبعض السلع، وعن القرارات بزيادة طواقم التفتيش والمراقبة والمحاسبة، وعن الاجتماعات والمؤتمرات الصحفية التي تهدف الى حماية المستهلك والدفاع عنه وعن فلوسه وعن صحته في شهر رمضان الفضيل، ورغم كل ذلك وخلال الايام الاولى من الشهر، ترتفع الاسعار، وبشكل كبير وبشكل غير مبرر، هذا على الرغم من حملات التنزيلات من المحلات التي يلاحظها من يسير في شوارع المدن الفلسطينية المختلفة؟

وارتفاع الاسعار يعني الارهاق بل الاستنزاف المتواصل للمستهلك، ومن كل جانب وما لذلك من نتائج وانعكاسات قد تكون وخيمة على الكثير من الافراد والعائلات الفلسطينية، وخاصة حين يكون الارتفاع يشمل سلع اساسية لا غنى للمستهلك عنها، وترتبط بسلع اخرى، حيث حين ترتفع أسعار بعض المنتجات، من المحتمل ان يبدأ المستهلك الفلسطيني بالاقبال على منتجات أقل سعرا، والخطورة هنا تكمن بأن تكون هذه المنتجات أقل جودة أو قليلة الكفاءة، او ملوثة أو فاسدة، وربما لها اضرار صحية وخيمة بسبب التلوث او تراكم الكيماويات، وما لذلك من تداعيات صحية، من الممكن ان لا نلمسها الان، ولكن يمكن ان تنعكس على الناس بعد فترة، ومع العلم وحسب تقارير حديثة صدرت عن وزارة الصحة ألفلسطينية ، أن أمراض السرطان على سبيل المثال اصبحت تشكل المسبب الثاني للوفاة في بلادنا، بالضبط بعد امراض القلب؟
  
ومهما كانت المبررات والتفسيرات لارتفاع الاسعار، الا أن الوضع وفي هذه الصورة، اصبح لا يطاق، واصبح يتطلب تدخل مباشر وجدي ومتابعة ومحاسبة ومراقبة متواصلة لأسعار السوق، وبالأخص للأسعار الاسترشادية، التي تعلن عنها وزارة الاقتصاد، بين الفينة والاخرى، والامر يتطلب التطبيق الحازم للقوانين، وبشكل علني، وبالاخص ان شهر رمضان المبارك على الابواب، ونحن نعلم ان غالبية العمال في بلادنا، لا تتجاوز الاجرة اليومية له، اكثر من 80 شيكل في اليوم، اي لا تصل الى ثمن كيلوغرام من لحم الخروف أو السخل الذي يباع هذه ألايام، وقبل رمضان بحوالي 85 شيكلا، أما الاجرة اليومية لمعظم العاملات الفلسطينيات، فهي لا تصل ألى ألحد الادنى للاجور، ولا تتجاوز ال 50 شيكل في اليوم، اي لا تصل الى ثمن كيلوغرام لحم من العجل أو من البقر؟

وبدون شك، أن من أهم الأساب لارتفاع الاسعار، هو الجشع المخيف، عند بعض التجار او الموردين، واذا سألت احد التجار مثلا، عن سبب ارتفاع اسعار اللحوم، فيكون الجواب بسبب قلة العرض، اي قلة توفر العجول أو الاغنام، ولكن هل يعقل أن يرتفع السعر بشكل فجائي، وهل يعقل ان لا تملك الجهات الرسمية، خطة او برنامج لتوفير كمية من لحوم العجل مثلا، لاسابيع او لأيام، ولمناسبات خاصة معروف حدوثها مسبقا، مثل حلول شهر رمضان ألمبارك؟
 
وحتى مع صدور قائمة الاسعار الاسترشادية، الا ان غياب اشهار الاسعار او اظهارها على السلعة، سواء في حسبة الخضار مثلا، أو في المحلات التجارية، وعدم فعالية حملات التفتيش والرقابة وذلك لعدم كفاية الطواقم اوقلة الامكانيات، وكذلك ضعف ردع القوانين وعدم تطبيق قانون حماية المستهلك الفلسطيني لعام 2005 في هذا الصدد، سوف يبقي الاسعار ترتفع حسب مزاج او مستوى جشع التاجر او المزارع او المورد، ولكن الذي سوف يدفع الثمن خلال شهر رمضان المبارك، هو المستهلك الفلسطيني وافراد عائلته؟

ومهما تحدثنا عن اقتصاد السوق، وعن العرض والطلب، وعن المعابر والحدود، وما الى ذلك، من امور يمكن ان تساهم في ارتفاع الاسعار، الا انه لا يعقل ان تضاهي الاسعار عندنا الاسعار في الكثير من الدول، التي يبلغ دخل الفرد السنوي فيها، أضعاف وربما عشرات أضعاف ما عندنا، وهذا يتطلب تغيير جذري وجدي في سياسة الجهات الرسمية المتعلقة بألاسعار، وبالأخص أسعار السلع الاساسية، وهذا يتطلب المراقبة الجدية، وهذا يتطلب المحاسبة الصارمة لجشع بعض التجار، وهذا يتطلب التدخل الرسمي الجدي لايقاف شبح ارتفاع الاسعار، والذي بات يرهق ويقلق الجميع، ونحن نعرف ان نسبة الفقر في بلادنا تصل الى حوالي 25%، وان نسبة البطالة تصل الى حوالي 27% من الايادي العاملة؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير