مغنية، بدر الدين.. نصرالله؟

18.05.2016 10:30 PM

 

كتب ايمن عقيل

سواء تقبّل «حزب الله» «التبريكات» بالشهيد مصطفى بدر الدين أو دعا الجميع إلى قراءة سيرته الذاتية بخصوص تلقي رحيل القادة من السيّد عباس الموسوي إلى عماد مغنية، لا يجادل أحد، المصاب جلل. مع ذلك، الحزب أكثر احترافاً من أن يرسل إشارات ضعف إلى خصومه الذين يحيطون به من كل جانب.

ما يهم هو خطورة السؤال الذي يطفو على السطح كلما رحل أحد القادة. هل سيتمكن «حزب الله» من استيعاب هذا الرحيل؟ الرهان الأساسي ينطوي على التحقق من مسار تحول الحزب إلى مؤسسة بدلاً من كونه مجموعة من «كاريزمات» فردية ساهمت في رسم معالم سطوته وبأسه. نجح الحزب بالمحصلة في تجاوز استشهاد العديد من قادته ولم يُسجّل تأثر واضح في أدائه. في مكان آخر، بين الرحيل المدوي للشهيد مغنية إلى يوميات الحرب في سوريا التي أفقدته العديد من القادة الكبار وصولاً إلى الشهيد ذو الفقار، المراكمة قد تصنع طفرة غير مستساغة أحياناً. لا يخفى أن الأخير كان عنصراً أساسياً في قدرة العديد من رجال المقاومة على احتمال لحظات التعوّد الأولى على فكرة غياب الشهيد مغنية. ستأخذ هذه الإشكالية طابعاً دراماتيكياً إذا لم نجمع معها السيّد نصرالله. كل شيء في هذا العصر يعاند صناعة الرجال – الأساطير. العالم الآن يُنتج الكثير من الرؤساء والقليل من القادة، ولاعبو كرة القدم والفنانون العالميون استأثروا بالكاريزما تاركين للسياسيين ربطات العنق والاستقبالات الرئاسية المبالغ فيها. من أين يَصدُر إذاً السيّد نصرالله؟

فقط الذين لا يكتفون بالكليشهات للتعرّف على بيئة الحزب هم مَن بإمكانهم أن يصابوا بالدهشة للصوت شبه الوحيد الذي يخرج عن هذه البيئة والذي يذهب بعيداً في ولائه، تماماً على صورة تلك العجوز عقب حرب تموز 2006. لكن هذا الحضور الاستثنائي للسيّد نصرالله يجعل من الصعب بمكان تخيّل أي من قادة الصف الأول في الحزب في الأمانة العامة، لا أحد يمتلك حتى نسبة مئوية واحدة من حضوره. هل يحتسب الحزب لتلك اللحظة؟ لا يجدر القول بالتأكيد بسهولة تصوّر سيناريو غياب السيّد، لكن في المقابل من قال إن من يضطلع بالقرار في حزب كـ «حزب الله» يجب أن يتوقع قرارات سهلة على الإطلاق. الأمر لا يتعلق بإمكانيات قيادات الصف الأول بقدر ما يتعلق بما صنعت الأربعة وثلاثون عاماً الماضية من التجارب والمحطات بشخصية السيّد. وأن تتخلل هذه المحطات شهادة إبنه هادي، فذلك مما لا يمكن تكراره بسهولة.

ربما، على الحزب أن يخطو باتجاه حذف سؤال ما بعد الغياب برمّته، تماماً كما هي الحال في سياق غياب أحد القادة في الدول أو المدراء التنفيذيين في الشركات الكبرى. الخطوة الأولى بالتأكيد تكمن في المأسسة، وهذا ما يضطلع به الحزب. ولكن الخطوة التي لا يرى المراقب لها أثراً هي أن يساعد الحزب جمهوره على التعوّد أكثر على سماع ورؤية الحزب من خارج حنجرة وعمامة السيّد.
في النهاية، لا توجد مؤسسات وحسب حتى في الدول الناجزة. في السياق الإنساني، هناك دائماً أشخاص يصنعون الفارق ويتمنّعون على التفسير بالواقع الذي لا يملك أن يجيب على سائر أسئلة تفوقهم. السيّد نصرالله أحد هؤلاء بالتأكيد.

نقلا عن السفير

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير