تفاصيل صفقة الأسلحة الامريكية-السعودية ، وما هي شروطها؟

27.05.2017 07:47 PM

وطن:كتب اليكس فيشمان في "يديعوت احرونوت" كيف سعت الحكومة الاسرائيلية الى تجنب اي توتر مع الادارة الامريكية حول صفقة الأسلحة السعودية- الامريكية وصفقات السلاح التي تم توقيعها مع الكويت والامارات أيضا، وكان ذلك باصدار تعليمات واضحة من قبل ديوان رئيس الحكومة للطاقم المهني والبيروقراطي بأن لا تتدخلوا.

وأضاف فيشمان لقد تخلت اسرائيل عن تطبيق القانون الامريكي الذي يهدف الى الحفاظ على الفجوة النوعية العسكرية بيت اسرائيل وجاراتها في الشرق الاوسط، وتلقى اعضاء الكونغرس الامريكي ضوءا أخضرا عندما وقف السفير الاسرائيلي رون دريمر في الكونغرس واعلن بأن اسرائيل "لا تشعر بالقلق" ازاء الصفقة الأمريكية – السعودية

صفقة الاسلحة مع السعودية تتدحرج منذ  2011 في عهد اوباما

واستطرد فيشمان في 24 كانون الثاني 2017، هبطت في السعودية اولى طائرات F15SA، التي تعتبر اخر طرز من هذه الطائرات. وتحمل هذه الطائرات رادار AESA، الذي يجعل طائرات F15 المتوفرة ايضا لدى سلاح الجو الاسرائيلي، طائرات مختلفة تماما. ليس صدفة ان هذا الرادار – الذي بني بشكل خاص لطائرات الجيل الخامس، "الشبح"، F35 و F22- يتم تصنيعه فقط من قبل شركات قليلة في العالم، من بينها شركة "التا" الاسرائيلية.

واضاف فيشمان ظاهرا، لا توجد لهذه الطائرات أية علاقة بصفقة الأسلحة الضخمة التي يبلغ حجمها 110 مليار دولار، والتي بادر اليها الرئيس ترامب، وتم توقيعها في مطلع الأسبوع في الرياض. انها تنتمي الى صفقة قديمة تتدحرج منذ 2011، في عهد اوباما، والتي كان يفترض ان تطبق في 2014، لكنه تم تأخيرها. ما الذي حدث لكي يتم تنفيذها بالذات في عهد ترامب.

يتضح انه في 2011 ادارت حكومة اسرائيل برئاسة نتنياهو، حربا شاملة ضد الادارة الامريكية، وطالبت بأن لا تشمل طائرات F15 التي اشترتها السعودية، الرادار المتطور ومنظومات اسلحة اخرى، خاصة صواريخ جو أرض التي يتم توجيهها بالليزر، ويمكنها تدمير منظومات الدفاع الجوي. وفي 2013، بعد عامين من النقاش المرير، وافقت الولايات المتحدة على عدم ارسال الرادار المتقدم كما هو، ولا الصواريخ الجوية التي يمكنها ان تسبب الضرر لقدرة سلاح الجو الاسرائيلي على حماية اجواء الدولة. والمفاجأة، ان رئيس الحكومة نفسه (مع وزير امن جديد) يتقبل بتفهم الان وبصمت صارخ صفقة الطائرات نفسها بين اميركا والسعودية والتي كانت قد حاربها بكل ما اوتي من قوة.

وهكذا، في نهاية صفقة الطائرات تلك التي ولدت لدى اوباما وتطبق لدى ترامب، ستكون لدى سلاح الجو السعودي 152 طائرة F15، من بينها 84 طائرة حربية جديدة، و68 طائرة تم تطويرها من خلال تزويدها بمنظومة الرادار والذخيرة الجديدة. وستحصل قطر على 72 طائرة F15 جديدة، بينما ستحصل الامارات المتحدة على سربين من طائرات F16 من خط الانتاج الأخير (بلوك 61) التي تتفوق بشكل لا يقاس على الطائرات المشابهة المتوفرة لسلاح الجو الاسرائيلي.

في كل ما يتعلق بصفقات الأسلحة الأمريكية – السعودية، احنى نتنياهو كل اجهزة الامن: ابتداء من سلاح الجو، الذي يكون بطبيعة الحال اول من يعارض صفقات اسلحة كهذه، بواسط قسم التخطيط، الذي يفترض ان يبلور عمل الطاقم، مرورا بالقسم السياسي – الامني في وزارة الامن، الذي وقف حتى الآونة الأخيرة في منطقة التماس بين استقالة رئيس القسم السابق، الجنرال احتياط عاموس غلعاد، وبين دخول خليفته زوهر بلطي، وصولا الى وزير الامن نفسه. صحيح ان ليبرمان قال هذا الاسبوع في لقاء لإذاعة الجيش: "انا لا شاعر بالطمأنينة ازاء سباق التسلح الاقليمي والمشتريات السعودية الضخمة". لكنه يبدو ان العيش بسلام مع رئيس الحكومة يعتبر حاليا، مهمة بالغة الاهمية.

تفاصيل صفقة الأسلحة وماذا تشمل، وما هي شروطها

الصفقة الأمنية بقيمة 110 مليار دولار التي تم توقيعها هذا الاسبوع في السعودية، صاغها البيت الابيض مع دخول ترامب الى منصبه، لكنها تعتمد على سنوات من النقاش بين البلدين. تتركب الصفقة من خمس فئات. الاولى، الدفاع عن الحدود ومحاربة الارهاب، تشمل 150 دبابة ابراهامس من الطراز الاخير، 150 مروحية ساعر بلاك هوك، 40 طائرة نقل تشينوك، بالونات ضخمة تحمل رادارات بعدية المدى، رادارات مضادة للقذائف، فوهات مدفعية ومصفحات جديدة.

الفئة الثانية، المعدات البحرية وحماية الشواطئ، وتشمل اربع سفن جديدة متعددة الاهداف، كان يرغب بها سلاح البحرية الاسرائيلي ايضا، لكنه لن يتم العثور على ميزانية مناسبة لهذا الغرض. لقد التزمت السعودية بعدم ابحار هذه السفن في البحر الاحمر، وانما في الخليج الفارسي فقط. كما تضم هذه الفئة مروحيات بحرية، طائرات رصد، تحذير ودوريات بحرية، سفن حراسة ومنظومات اسلحة متطورة مركبة على السفن. الفئة الثالثة، تطوير سلاح الجو السعودي، وهذا يشمل طائرات حربية، شحن وتجسس.

اما الفئة الرابعة، الدفاع الصاروخي، فتشمل تطوير بطاريات باتريوت وبيع صواريخ THAAD، مع منظومة الرادارات طويلة المدى والمتطورة. اضف الى ذلك، وهذه هي الفئة الخامسة، التزام شركة التكنولوجيا الأمريكية ريثاون بإقامة مركز انتاج وتطوير كبير في السعودية، لبيع قدرات السيبر والحاسوب المتطورة للسعودية. وحسب ما نعرفه، فان القائمة الكاملة لم تصل قبل ذلك الى وزارة الامن والجيش، وفي كل الاحوال تم منع الجهاز الامني من الازعاج.
شركة لوكهيد مارتين التي حظيت بحصة تبلغ 24 مليار دولار من الصفقة الحالية، اعلنت بأن الصفقة ستوفر 18 الف مكان عمل في الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة القريبة، لاصحاب المهن الذين سيعملون ليس فقط في الانتاج وانما، ايضا، في صيانة المعدات التي تشتريها السعودية. هذا هو احد الاسباب الرئيسية لقرار ترامب المضي مع هذه الصفقة بكل قوة. لقد عاد الى الولايات المتحدة مع عدة عشرات وربما مئات الاف اماكن العمل الجديدة، وربط بين الاقتصاد السعودي والامريكي، ووسع اعتماد جهاز الامن السعودي على الولايات المتحدة. وتقف من وراء الصفقة، ايضا، النظرية التي يمثلها رئيس مجلس الامن القومي، الجنرال هربرت مكماستر. انه يحاول تطبيق افكار نظرية تولدت في عهد اوباما، وتصبح عملية اكثر في عهد ترامب: تشكيل تحالف امريكي – سني راسخ في الشرق الاوسط من دون فحص جدائل الانظمة السنية الاعضاء في هذا التحالف، خلافا لإدارة اوباما التي خلقت قطيعة مع قسم من هذه الدول.

لقاء ترامب مع الـ 50 زعيما اسلاميا في الرياض كان قمة العملية التي يقودها ترامب لتشكيل هذا التحالف. في ديوان رئيس الحكومة لم يرغبوا بازعاج ترامب حين عمل على تأسيس تحالف سني قوي ضد داعش والايرانيين، والذي تدعمه اسرائيل من كل قلبها. ولكن داخل الغرف المغلقة يبثون في وزارة الامن "القلق المتفائل". يجب عدم الخوف الى هذا الحد من الصفقة السعودية، يهمس الناس هناك، ويقولون: "الرئيس ترامب سيعوضنا، انه لن يخيب املنا، هناك من نعتمد عليه.

مصر تتسلح، ايضا

لكنه بالنسبة للسعودية تعتبر الصفقة مجرد فصل واحد في السباق نحو التسلح الاقليمي. مصر في خضم مفاوضات متقدمة مع روسيا على صفقة امنية بحجم حوالي 11 مليار دولار، تشمل طائرات حربية من طراز ميغ 35، وسوخوي 35، ومروحيات حربية جديدة، ومنظومة دفاع اس 300، وقذائف وصواريخ وغيرها. من كل ما هب ودب. وهذا بالإضافة الى شراء اربع غواصات من المانيا، حاملتي طائرات من فرنسا، وصفقات موقعة من الادارة الامريكية. اعداء مصر اليوم هم ايران، السودان ليبيا، ومن سيأتي بعدهم. يجب طرح هذا السؤال ايضا بالنسبة للسعودية.

من حيث النوايا، السعودية هي دولة صديقة. من حيث بناء القوة، من يعرف أي نظام سيكون هناك بعد عشر سنوات؟ القوة التي بنتها الولايات المتحدة لصالح الشاه الايراني انتقلت الى آية الله. في تركيا حدث انقلاب معاد لإسرائيل، وهذا يمكن ان يحدث ايضا لدى جيران اخرين. والصحيح ان غالبية السلاح المتطور اليوم هو سلاح محوسب، وضلوع البائع في ما يفعله الشاري حاليا بفوق بكثير ما كان في السابق، مما يعني ان اعتماد السعودية على الصيانة الامريكية لمنظومة الاسلحة يعتبر امر مثيرا.

في حال استبدل النظام في السعودية، لن يكون من المؤكد ان النظام الجديد سيجد ما سيفعله بالطائرات. ولكن كما قال حد قادة سلاح الجو، يكفي ان يصاب طيار سعودي واحد يقود طائرة F16، بالجنون او يتم تجنيده من قبل داعش، لكي بتسبب بضرر لإسرائيل. ولذلك فان موافقة اسرائيل على التخلي عن حق مراقبة بيع السلاح في الحي، كان خطوة انتهازية.

لقد عرضت الولايات المتحدة على اسرائيل مقابلا سياسيا سيقلص التهديدات الكامنة في التضخيم العسكري للدول العربية. لقد وصل ترامب الى اسرائيل مع رسالة من 50 دولة اسلامية – على رأسها السعودية- تدعو اسرائيل الى المشاركة الفاعلة والعلنية في التحالف الاقليمي امام التهديد الشيعي وداعش. واوضح ترامب لنتنياهو ان السعودية تملك مصلحة بالتعاون المشترك الممأسس مع اسرائيل، على غرار التعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة ودول غرب اوروبا. وعلى سبيل المثال في مجال التعاون في العلوم.

يجب على بنيامين نتنياهو ان يقرر الآن ما اذا كان مستعدا لتقديم المقابل ، على شاكلة خطوة معينة تسمح بفتح الحوار مع الفلسطينيين. المقصود ليس خطوة دراماتيكية، السعوديون لا يطالبون باتفاق سلام. انهم يطلبون خطوة صغيرة كتحويل منطقة C  الى B، شيء اولي يسمح لإسرائيل بأن تكون جزء من الائتلاف. وفي المقابل تنوي السعودية البدء بخطوات عملية لتطبيع العلاقات، تشمل تقديم تأشيرات دخول لرجال الاعمال الاسرائيليين. الان يجب على نتنياهو ان يقرر. هل يريد تقليص سباق التسلح والانضمام الى عضوية الشرق الاوسط، الحلم الدافئ لقادة الصهيونية على مختلف اجيالها، او يحافظ على الائتلاف مع بينت وسموطريتش؟

تصميم وتطوير