الحديث الاخير لشمعون بيرس: لم يصدقوني او يؤمنوا بي.. لكني بنيت المفاعل

11.05.2017 09:56 PM

وطن: اجرت اللقاء: عميرة لام

في الشهور التتي سبقت وفاة شمعون بيرس،  قامت الصحفية عميرة لام باجراء سلسلة لقاءات مع احد الاباء المؤسسين لاسرائيل، وخلال حديثهما انفتح بيرس في موضوع ديمونا ومفاعلها وعلاقته برابين  وعن المستوطنات.

هل تقيم حوارا مع الموت؟

" الموت سؤال لا اجابة عليه، لذا فانا لا اتعامل معه، لقد اخبرني الرئيس الفرنسي فرانسوا متيرانفي احدى المحادثات قبل وفاته اننا كلنا نعرف اننا سنغادر هذه الحياة يوما ما. المشكلة الحقيقية ليست الموت بل الحياة، يمكن ان تموت وانت حي، ويمكن ايضا ان تبقى على قيد الحياة وانت ميت.

قبل شهور من وفاته، قمت باجراء سلسلة من اللقاءات مع شمعون بيرس، كان هدف اللقاءات جمع مادة لاجل فيلم من نوع دوكيو دراما (الدراما التوثيقية)، لاجل اظهار قصته وان يقوم بها ممثل شهير. لقد اعجبته الفكرة، وصار في كل مرة التقيه يمازحني حول اختيار الممثل موازنا بين روبرت ردفورد او كيفن كونستر.
فهم بيرس ان الوقت المتبقي لديه بات محدودا، لكنه رفض ان ينغص هذا مقابلتنا ، لم تكن هناك مقابلة وداع ولم تكن لاي محادثة نهاية، كانت المحادثة معه ممتعة، انه يعرف كيف يسرد القصة، ولديه قصص كثيرة ليسردها.

لكن كان بيرس مرتاحا جدا خلال المحادثة وبسبب الفيلم حيث كان يتحدث بصراحة كبيرة . كانت سني حياته التي كشفت امامنا تسبه دراما عظيمة- من الابحار ضد التيار في بداية الخمسينات حينما اسس معد الطيران والفضاء الاسرائيليمرورا بعملية عنتيبي وموقفه من المستوطنات الى علاقته المعقدة مع اسحق رابين التي انتهت بعناق سبق بلحظات اطلاق الرصاص ومقتل رابين.

سمح بيرس لنفسه ان يقول اشياء لم يقلها ابدا قبل ذلك على الاقل ليس علنا،  عن ما جرى حينما زار المستوطنة قرب سبسطية، الوثيقة المزورة التي اقنعت الفرنسيين ببناء مفاعل نووي لاسرائيل، واصراره على عدم ابلاغ الولايات المتحدة بمشروع اسرائيل النووي قبال استشارة الفرنسيين.
معظم محادثاتي معه تمت بعد خروجه من دار الرئاسة، لم يكن لبيرس موقع رسمي، لكن جدوله اليومي كان مليئا باللقاءات والمحاضرات والمقابلات، وعادة كنا نلتقيه في مكتبه في مركز بيرس للسلام، كنا نبرمج اللقاء على ان تكون مدته ساعة ونصف ويمكن ان تصل الى ساعتين احيانا قليلة ، حيث يضرب بيده على الطاولة ويقول انتهينا لهذا اليوم انهضوا وغادروا.

بين لقاء والذي يليه، كان يبرس يزداد ضعفا، كان الضعف يبدو في صوته وخاصة حينما تخونه الذاكرة  او ينسى تاريخا او مكانا كان يخبرني: " اننا نريد تقسيم عمل جديد بين الانسان والكمبيوتر: " لندع الكمبيوتر يتذكر والانسان يحلم، لا يحتاج الانسان اليوم الى ان يتذكر هناك من يتذكر عنه، اتركوه يحلم".
المشكلة في الحياة ليست فيما تكون بل فيما تعمل

عندما سألت بيرس ما اذا كان صعبا عليه الخروج من الحياة العامة، اجاب: " ما هو السهل؟" ما هو الصعب؟ الناس يفكرون احيانا ان الذهاب في اجازة هو امر سهل، انا وكما قلت دائما اعتبرها مملة وقاتلة، كل شيء نسبي حتى عندما نتحدث عن معنى السعادة، بالنسبة لي فان السلام يعطيني سعادة اكثر من النقود، هناك ربح اعظم في الشعور بالحب من الربح في حساب البنك. المشكلة في الحياة ليست كيف تكون بل ماذا تعمل.

ورغم اننا كنا على بعد ستة شهور من الانتخابات الامريكية  اضاف بيرس: " المشكلة في انه يوجد في اسرائيل طائفة حول الحكومة ولكن لن يكون ترامب هو من ينهي ادارة العالم، حتى لو فاز ان مارك زوكيربيرغ وفيسبوك سوف يديران العالم، لان من يدير العالم اليوم هي آلية جديدة من الشركات المعولمة  التي تمسك بالمال والسلطة.

" في هذا العالم توجد ايضا عناصر خارج الحكومة تصنع قرارات، قرارات لا تحتاج الى حكومات، ان تفاؤلي اليوم يأتي من ايماني بهذه الشركات المعولمةهذا من جهة، ومن جهة اخرى هناك موجة من رهاب الاجانب، والقومية باتت سائدة اليوم انك نرينها في انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي وفي تركيا، في القوة التي يكسبها ترامب. دائما هناك موجات في التاريخ البشري. لكن اذا استمرت هذه الموجات  سوف نعود الى الحدود، الحروب، الاخطاء، هذا سيكون غباء من العالم ان يفعله ليس للعلم حدود، وهذا ما يجعلني اومن  انه في النهاية سيربح عالم العلم الجديد وليس عالم القوميات.

" اذا اردت العودة الي وحقيقة انني لا اتمتع بدور عام ، ربما يكون ذلك صحيحا لكن منذ ان غادرت بيت رؤساء اسرائيل شعرت ان علي ان اعمل بجد اكثر ، بشكل عام اومن ان على الانسان ان يعمل، لا ان يقف امام المرآة كل اليوم متفحصا هيئته ومشاعره، هذا غير ممتع ان سياسيي اليوم مسكونين بذواتهم  وشخوصهم.

لا زال المستوطنون يتجاهلون اوامر الحكومة

سألت بيريس اذا ما كان هناك شيء يندم عليه، وما هي الاخطاء التي ارتكبها فقال : " انا لست نادما ولم اندم لسبب بسيط، لانه لا قيمة ولا فائدة من الندم مالذي نفعله بالندم؟ انه جلد ذاتي. يقول الفرنسيون " من الافضل ان تكون آسفا على ان تندم، لا يوجد شيء اندم عليه.

سألت عن المستوطنات مذكرا اياه بسارة نخشون، التي حملت ابنها للختان في مغارة الماكفيلا في الحرم الابراهيمي متحدية اوامر الحكومة، وللاسف مات الولد  بعد اشهر من ختانه واصرت ان تدفنه في الخليل وقام بيرس الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك بالموافقة على الدفن.

يقول البعض ان موافقتك على الدفن ادت الى تجديد الدفن في الخليل ، هذه قضية لم تناقشها  هل كظمت ذلك؟

" انها نوع من الحظات التي لا تنسى ، حتى لو لم اتكلم عنها كل هذه السنوات، ظلت هذه القضية تسكنني. ولكن دعينا ننظر للصورة الكبرى، امرأة نمشي حاملة طفلها الميت ملفوفا بحرام  ومحضونا بذراعيها تمر عبر الحواجز  وتمشي وتمشي  هنا عملت حساباتي ، انا اعارض المستوطنات، لكن عليك ان تعرفي ما هي استثناءات القانون من يحمل مطرقة يفكر ان كل مشكلة هي مسمار ، هذا الحدث جعلني اعود لمعتقداتي ، هذه المرأة تمشي وتتقدم لا تصغي لاحد لم يعرف الجنود على الحواجز كيف يتصرفون كانت مصممة  وحزينة. لم ارد لها ان تضرب او تعتقل، لذا سمحت باتخاذ قرار غير عادي لاسباب انسانية ، هذا ما فعلته واعتقد ان ما فعلته كان صحيحا حتى لو كان في ذلك تراجعا الى حد ما".

يعرف بيرس ان اليسار لن يغفر له دوره في مشروع الاستيطان، وخلال حديثنا القى بحمل كان يحمله منذ سنين لقد كشف ان التعليمات جاءت من اناس كانوا ضمن الدائرة المحيطة باسحق رابين من مستشارين.

" لقد ذهبت الى سبسطية  لاطالب المستوطنين بالمغادرة، وعندما وصلت برفقة رئيس الاركان مردخاي غور استقبلنا بالاغاني والتصفيق، قلت لهم: اعزائي انتم مخطئون انا لم آت الى هنا لاطالبكم بالبقاء ، لقد جئت لاطالبكم بالمغادرة ، هنا مزق الحاخام ليفنغر ثيابه  وبدأوا بالصراخ علي.

" عندما كنت وزيرا للدفاع في حكومة رابين عين مستشارين اثنين  هما اريك شارون ورحبعام زئيفي واثنينهما كانا يمينيان  ويويدان الاستيطان واثنينهما ادارا معركة ضدي من مكتب رئيس الوزراء. لقد اصر المستوطنون على عدم المغادرة  وبينما كنا جالسين نتحدث  بدأت افواج من المستوطنين بملء المنطقة المحيطة ، احدهم اشار عليهم ان يعملوا ضدي، واعطاهم تعليمات بما يفعلونه، وكانوا يزودون بآخر المستجدات، لقد  ذهلت وغور، لم نستطع ان نفهم كيف يعرفون كل شيء يحدث في القيادة. بعد ذلك اعلمتني الحكومة بان احاول الوصول الى تسوية معهم ان اعرض عليهم المغادرة بسرعة خلال شهر ، عرضت ذلك عليهم  ولكنهم رفضوا في النهاية تم تأجيل الموافقة على القرار لثلاثة شهور.

ما الذي حدث بعد ثلاثة اشهر؟

ما حدث هو ان المستوطنين تجاهلوا قرار الحكومة  وحتى الان لا زالوا يفعلون نفس الشيء.

لكن لماذا شرعت تأسيس مستوطنة عوفرا؟

" لانني كنت اريد ان اؤسس شيئا ما هناك يكون شبيها لمستوطنات الناحال ان يكون لدينا جنود يعملون ويحرسون في نفس الوقت. لقد كان وضعنا في القدس ضعيفا كنا نريد ان نبني محطة رادار ، جاء المستوطنون الي وقالوا انهم يريدون استيطان تل العاصور ، قلت لهم: هل تدركون ما تقولون؟ سوف تعملون في محطة الرادار وتعاملت معهم كجنود الناحال.

والان عندما ترى ما آلت اليه المستوطنة ماذا تشعر؟

“كل شخص يعرف انني اعارض هذه المستوطنات- عارضت سابقا ولا زلت اعارض-  وعندما تم التغيير في السلطة من حزب العمل الى الليكود كان هناك 20-30 مستوطنة و6000 مستوطنة هذه حقيقة لم تكن مشكلة ولكن عندما يصبحون نصف مليون فهذا مختلف جدا، لقد حصل هذا بعد ان غادرنا السلطة بالطبع انا اسف لانها موجودة ، تحتاجين لان تفهمي انني لم اكن ابدا مؤيدا  لمفهوم ضفتي الاردن الذي يقول – عذه لنا، وهذه ايضا لنا- وهي جزء من قصيدة عبرية تبناها زئيف جابوتنسكي شعارا له، في كل حياتي آمنت بدولة يهودية اخلاقية على جزء من ارض اسرائيل افضل من ان نكون على كامل الارض في صراع دائم.
"  ظلت هذه هي المشكلة الرئيسية بيننا وبين العالم ، لان الامم المتحدة قررت حلا بدولتين، وخارطتين وقبلنا ذلك وبدلا من تطبيق الخارطتين قررنا ان نحتفظ بواحدة  ان امكانية الاحتفاظ بخارطة واحدة امر محزن يحصل لنا".

لن يغفر اليسار لك ايضا عدم التوجه لانتخابات فورا بعد مقتل رابين، مع مواءة الظرف السياسي آنذاك، كان يمكن ان تكسب اكثر ، بعدها خسرت وكسب نتنياهو
" لم اكن حتى متأكدا اننا سنفوز، فحتى رابين فاز يومها بفارق مقعدين، كان من الصعب على حزب العمل هز صورة "الفساد"، على الاغلب، كنت خائفا من حرب اهلية كان هناك كثير من التململ في الشارع في ذلك الوقت، فكرت انه يجب ان نكون حذرين  وان نهديء الاوضاع، كان هذا عندما كنت خائفا حقا من حرب اهلية يمكن ان تندلع.
 

كانت هذه المرة الاولى والاخيرة التي يعانقني رابين فيها

علاقته باسحق رابين كانت الموضوع الاكثر سخونة في حديثي مع بيرس، لكنه وبشكل مفاجيء اصبح هادئا ومذهلا وكانه انهى مهمة سلام وغفر للرجل الذي كان في الان ذاته شريكة الاكبر ومنافسه الاكبر.
 

هل تتذكر متى بدأت الكراهية بينكما ولماذا؟

" كل شخص يرى القضايا حول علاقتي برابين كأمر شخصي، لكن في الواقع بدأ الخلاف بيننا حول الانقسام الايدولوجي في مباي والذي كان مشكلا من ثلاثة معسكرات مختلفة وكنا من معسكرين مختلفين، المرة الاولى التي رأيته فيها كنا في اتحاد الطلبة والعمال الشباب، بعدها اصبح هو في البالماخ وانا التحقت بكيبوتس الموت وعينت في الهاغاناة، كنت رجل بن غوريون وهو كان نشيطا صهيونيا  ورجل تابنكين، وكان لنا اصدقاء مشتركين احدهم كان من ابناء مؤسسي مباي (شراغا نيتزر) وكان من كيبوتس رامات يوحنان، رأينا بعضنا في مكانة بشكل قصير ، لم نكن اصدقاء ولم نتكلم كثيرا وحتى انه كان هناك توتر في الاجواء.
كانت احدوت هعفودا التي ينتمي لها رابين ترعى اعضاءها وتحميهم، في مباي الذي كنت عضوا فيهكل كل عضو يعتني بذاته وقد نظر الي على انني خصم. اعرف اناسا كانوا يقولون انه من الصابرا اما انا فلست وانه كان في البالماخ ولم اكن لكن هذا لم يكن مهما  كان الخلاف هو اننا من معسكرين مختلفين.

لكنه اكتسب شهرة من كونه في البالماخ والجيش وانت لم تكن كذلك؟

" بغض النظر عن كل ما فعلته للامن، لم اكن اطلب مقابلا، لا رتب ولا اي شيء ، وحينما ارادوا اعطائي رتبة عسكرية شرفية رفضت، كنت مهتما باشياء اخرى، اخبرني رابين مرة: ان الفرق بيني وبينك هو انك تحب بناء السلطة  وانا اعرف كيف استخدمها. انا مثلا اريد ان اشتري الكمبيوتر الاول للجيش، لكن رابين عارض ذلك في البداية . وقال ان البنادق والرصاص اهم من ذلك ، كما ان رابين عارض المفاعل النووي. كنا حقيقة مختلفين في النظرة للعالم. لكن لم نخطيء ، بن غوريون كان يحب رابين.
وانت؟

" لقد فهمت اشياء لا يفهمها كثيرون، العلاقة بيني وبين رابين غير متماثلة، لم يكن لدي اي كره، لو يجرون فحصا ما بعد الوفاةعلى شخصي  لن يجدوا في قلبي كثير من الكراهية، المشكلةاذا اردت سؤالي هي ان رابين كان محاطا باناس يحرضون ضدي، حتى تم تحريضه، منذ الشباب كنت مذموما في كل شيء ، لقد اعطوني وقتا صعبا. كنت وحيدا ولم اكن مشهورا او اي شيء، ولم اكن اعرف ماذا افعل ، لم يكن هناك احد يدافع عني.في نقطة معينة اتخذت القرار الاستراتيجي الاول في حياتي- وهو ان اقرر من هو الذي يهاجمني، وقررت ان لا اكون موضع هجوم احدوت هعفودا ورابين كان ذلك بسيطا ولكنه ليس سهلا، كانت عملية وكان هناك عدوان في الطريق ، لقد كنت بطيئا في ادراك هذه النقطة ربما كانت متأخرة هناك سنين كانت علاقتي برابين مزعجة.

اذن في النهاية كنت الشخص الاخير الذي يعانقه رابين قبل موته

" في اوائل التسعينات كنا معا في المفاوضات مع الفلسطينيين، كانت هناك مفاوضات سلام في واشنطن ، لكني ادركت ان السلام لن يكون هناك ، هناك فقط توجد مؤتمرات صحفية  ذهبت الى اسحق وقلت: " لا ينتج عن هذا شيء فقط مؤتمر صحفي دعني اقوم بشيء على طريقتي، قال: مادام هذا لا يضر بالمحادثات القائمة، وعدته بذلك، مرة كتب الي ان اتوقف في منتصف الطريق ، لم انزعج، وكما تنبأت فان محادثات واشنطن لم تنجح، فيما ما بدأت به كان فعالا، وبما انه كان رئيس الوزراء فان الجمهور سيعتبر ما اقوم به مع الفلسطينيين هو من مسؤولية رابين ، احتج اليمين عليه لقد اقلقوا راحته، وكان بائسا.
" بالطبع وقفت جانبا، ورأيت كم اهين، ثم قررنا تنظيم مظاهرة قتل فيها، كان متأكدا انه سيخسر الانتخابات، ولهذا اصبحنا اكثر قرباكنا نلتقي بشكل خاص في بيته كل جمعة ، وحافظنا على النقاش في القضايا العملية ، ولم يكن يترك زوجته ليئا في الغرفة حينما كنا نلتقي.
عندما كنا ننظم المظاهرة قال لي: "شمعون انا قلق من عدم حضور الجمهور بشكل كاف، فقد كان ذلك بعد ان قامت المعارضة في معهد وينجيت بتهديده، وبعد ان حمل محتجون ثابوته في القدس، وكما تعرفين جاء كثير من الناس الى الساحة ، وكان اسعد يوم في حياة اسحق ، لم اكن يوما اسمعه يغني، لقد عانقني وقبلني لقد كانت المرة الاولى التي يعانقني فيها رابين، الاولى والاخيرة ، كانت في المشهد وكأنها وداع، لقد افتقدته كثيرا بعد ذلك".
 

بناء مفاعل ديمونا النووي
 

ماهو اكبر قرار اخذته في حياتك؟

" اولا انا انظر للامام وليس للخلف، اكثر من اعادة اجترار الماضي، انا مهتم بالتعامل مع المستقبل، لكن الامتياز الاكبر الذي حظيت به هو عملي مع بن غوريون".
الشيء الاكثر اهمية الذي فعلته في حياتي ، والذي آمل ان افعله غدا واقول لك ذلك بدون اي اعتدال: ان كلشيء عملته لم يقابل بالترحيب، بل بالسخرية، اصعب شيء في الحياة هو ان تتجاهل السخرية". ان (اكبر قرار في حياتي هو المفاعل، والذي قوبل بمعارضة كبيرة ، الى جانبه يمكن القول ان اقامة معهد الطيران والفضاء، ثم عنتيبي، ومن ثم وقف التضخم الاقتصادي.

" لم يصدقني احد، ولم يؤمن بي احد، ليس فقط الناس في الشارع، فلا احد آمن بي حتى في القيادة ، الخبرة التي اكتسبتها في مفاعل ديمونا سمحت لي ان اتعلم انه رغم السخرية ورغم الابواب المغلقة ، اصبح المستحيل ممكنا.

حقا لقد بني المفاعل وشكرا للوثيقة المزيفة

" قبل ذلك لم تكن لي اي اتصالات مع الفرنسيين، لكنني كنت عضوا في الحزب الاشتراكي، والتقيت عديد الاشتراكيين  وشكرا لارتباطاتي بالاشتراكية الدولية . لرئيس قسم العمال الفرنسي غاي موليت، التقيته في اجتماع للاشتراكية الدولية على حدود عام 1955 حيث كانت الانتخابات الفرنسية واصبحنا اصدقاء.
" بعدها انتخب رئيسا للوزراء، ولكن بغض النظر عن علاقاتي القوية مع اصدقاء فرنسيين، كان هناك خلاف في البلد حول دعم اسرائيل، لم يكن هناك اي سابقة لمثل هذا في العالم ان يقوم بلد بالسماح لبلد آخر ببناء مفاعل نووي دون التزام برقابة دولية. كان هذا لاول مرة ، وبهذا اعطونا المفاعل، لكن اجزاء عديدة فقدت، فاوضنا الفرنسيين ووزارة الدفاع بالذات ورئيس الوزراء موليت ووزير الدفاع الوطني بورجيه، وكانت هناك مفاوضات طويلة ومعقدة.

" وفي ليلة دراماتيكية عام 1957، لم نوقع الاتفاقيةفقد كانت الحكومة الفرنسية على وشك الانهيار ، فقد استقال موليت ولكن قبل استقالته طلب مني بورجيه ان أطلب منه ان يعين بورجيه مكانه، الى هذا الحد وصلت قوة علاقتنا تكلمت مع موليت  ووافق، وبعد ان عين بورجيه رئيسا للوزراء كنت في موقع استطيع ان اكتب اليه ملاحظة، كتبتها خرج من الاجتماع وقلت له" اسمع، الاجتماع قارب على الانتهاء ولم نحصل على توقيعك كوزير دفاع وقع كوزير للدفاع الوطني  (لكنه لم يكن وزير الدفاع الوطني) في ذلك الوقت ولذلك وقع بتاريخ سابق بمعنى انه زور التاريخ ووقع.
 

ما الذي حدث لطائرة المخابرات؟

" في احد الايام كانت طائرة بريطانية تحلق فوق قبرص، فكرت المخابرات عندنا ان الطائرة تحاول التفتيش عن المفاعل وموقعه، لقد ذهبوا الى بن غوريون واخبروه: "سرنا الكبير تم كشفه" كنت في افريقيا في ذاك الوقت وتم استدعائي وكان ت فترة عيد الفصح وصلت الى سديه بوكر (حيث يعيش بن غوريون) معي غولدا مائير ورئيس الموساد آنذاك، قالت غولدا ورئيس الموساد ان على بن غوريون ان يذهب لامريكا ويكشف لهم  السر الكبير  وان يبلغهم اننا توقفنا عن البناء  والا فان القوى العالمية ستجعلنا نعيش في جحيم، قلت حتى لو حلقت الطائرة قريبا، لا ارى في ذلك شيئا، ما الذي ستراه؟ جرافات؟ وقلت لهم لن نستطيع كشف سر كهذا للامريكان دون تشاور مع الفرنسيين. لقد كان سرا حساسا لهم، وافق بن غوريون على ذلك، لقد كانت لحظة ازمة.

" على فكرة، كانت معجزة ان يبقى المفاعل سريا، لان آلافا من العمال اشتغلوا في ورشاته، اليوم نستطيع بناء مفاعل ونخفيه عن الاعلام، ومن المشكوك فيه ان يبقى سرا لقد قلت دائما: هناك اشياء لا يريد الجمهور ان يعرفها ، لا يريد الجمهور ان يعرف  كم عدد الدبابات التي يمتلكها الجيش، يوافق الجمهور ان السر يجب ان يحفظ لحماية الامة، وليس علينا واجب ان نقول لهم كل شيء.

نحن خبراء بالماضي لكننا لسنا خبراء بالمستقبل
 

لماذا لم تظهر موقفك بالنسبة للقضايا السياسية الراهنة؟

لانه ليس الوقت المناسب في هذه اللحظة، وا اعتقد انها ستساعد في شيء، المشكلة هي ان الآذان مغلقة، لا احد يصغي لاي شيء هذه الايام".
ما الذي تريد ان تقوله؟
" اريد ان نعود الى كوننا دولة يهودية وديمقراطية. اذا قلنا ان العربي الجيد هو العربي الميت فهذه ليست ديمقراطية وهذا ايضا محزن توقول التوراة بوضوح : " احب الغريب، يجب ان لا يكون هناك تمييز لان التمييز ضد التوراة.
 

ما الذي حدث لنا..ز كيف وصلنا الى هذا المكان؟

" انا لست معنيا كثيرا بتحليل المشكلة ولكني معني بحلها. اولئك الذين يكتبون التعليقات العنصرية يهينون دولة اسرائيل، انا لا استطيع قبول هذا ولا احد يحتاج الى قبوله، لا فائدة لنا عندما يتحدث الناس عن المثليين والعرب في اسرائيل، كل العرب يجب ان يقتلوا؟ ان يهوديا قتل فقط لان القاتل اليهودي الاخر شك انه عربي، لدينا سيادة القانون هنا.
" صهيون يجب ان يعود من خلال العدالة لقد قالها بيغن ايضا، " يوجد قضاة في القدس، لذا لماذا لا نحمي النظام القضائي، اشعر بجرح حينما يقوم يهودي بقتل شخص ما لانه عربي.
 

هل لا زلت تعتقد ان السلام ممكن؟

" بالنسبة لنا لا زال العالم العربي ساكنا مكون من نصف من السنة ونصف من الشيعة وكفى. لا يفهم الناس ان هناك جيلا جديدا  وشابا  وان الثورة في الطريق اليهم، من بين 400 مليون عربي اكثر من نصفهم في سن ما تحت 25 عاما. هذا امر مختلف، نحن خبراء بالماضي ولكن لا خبير لدينا بالمستقبل، المستقبل يحتاج الى رؤية  ونحن نفتقد اليها اليوم، لكن اكثر ما تفتقده اسرائيل اليوم هو السلام، ان عدم وجود عملية سلام هي اكثر شيء يزعجني.
 

السياسة تحمل اسما سيئا

" لان هناك عنجهية وصلف هذه الايام،عندما كنا تحت الحكم البريطاني وكان هناك مندوب سام  وممثل للملك والذي كان يوقع رسائله ب "خادمك المطيع"، كان ذلك من اجل المظهر، لكنه كان مظهرا جميلا ، افتقد مثل هذه النغمة لدى القادة، وافتقد القادة الذين يبادرون، هناك فرق بين الكلمات والافعال، هناك من يقول: " اذا قلتها فعلتها، انها مصدر كاريزما اكثر الحكومات بما فيها الحكومة الحالية واعتقد : اذا قلت انك ستفعل شيئا ما ولم تفعله فان ذلك لا يساوي شيئا.

عن يديعوت، ترجمة جبريل محمد

تصميم وتطوير