لأجل تحالف بروتستانتي يميني- سني - يهودي

27.11.2016 10:33 AM

ترجمة وطن: كتب: رؤوف بكر

للوهلة الاولى يبدو ان ما يفرق بين الدول ذات الاغلبية السنية في البلدان العربية، اسرائيل، واليمين البروتستانتي الامريكي اكثر مما يجمعهم، لكن التحديات المفروضة من قبل التغييرات الاقليمية والدولية تظهر اكثر من اي وقت مضى الى اي مدى يمكن لنوع من " التحالف بين رغبات الايدولوجيين"ان يساهم في تعديل الوضع في هذه المنطقة بالذات وفي العالم بشكل عام.

في الحقيقة هناك نقاط لقاء مشتركة بين دول الخليج (عدا عمان)، المغرب، مصر، الاردن، تركيا، اسرائيل واليمين البروتستانتي الامريكي. النقطة الاولى هي تهديد التمدد الايراني، فالايرانيون وحلفائهم العراقيون واليمن ولبنان وسوريا لا يخفون عدوانيتهم ضد اسرائيل ورغبتهم في تدميرها. وهم يحملون نفس المستوى من الضغينة تجاه العرب السنة والاتراك والى حد ما الاكراد خاصة في العراق.

تنشط ايران كما لو انها سيد الاقليم، اما العراق على سبيل المثال فلديه فرصة للتحول الى مأوى امريكي، لكن بدلا من ذلك استغلت ايران القلاقل هناك واستطاعت ان تجرها الى فلكها. ما كان يدعى سابقا "حارس البوابة الشرقية"بات الان كعب اخيل لدول الخليج العربية وذلك بسبب الهيمنة الايرانية ، حيث تدعم حكومة بغداد قوات الحشد الشعبي التي تتحول الى نسخة عراقية من الحرس الثوري الايراني الذي يريد مسح اسرائيل عن الخارطة . ورغم ذلك فان الحكومة العراقية الحالية التي تشترك مع حزب الله بالخلفية الدينية، لا ترغب بعلاقات دافئة مع الفلسطينيين، هذا لا يعني انها لن تستخدمهم كأداة ضد اسرائيل اذا طلب منها مستقبلا من قبل ايران.

حاول الروس ايضا واكثر من مرة تدفئة علاقتهم ببغداد،  وذلك عبر عروض مساعدات عسكرية واستخبارية بدعوى محاربة الارهاب، وانهاء ترحيل السكان السنة من مدنهم وقراهم.

في اليمن تسعى ايران الى تحقيق هدفين من نشر الاضطراب من خلال دعمها لحركة الحوثي، بما يجعل البلد نقطة عبور نحو القرن الافريقي، في جانب، وفي الجانب الاخر خلق اضطرابات في المنطقتين الجنوبية والشرقية من السعودية حيث يعيش شيعة واسماعيليون.

رفع حلفاء ايران في اليمن شعار " الموت لامريكا واليهود"  في تطابق مع شعارات الميليشيا العراقية. من جانبها منعت روسيا قرارا للامم المتحدة يدين الحوثيين وسياساتهم ولم تتردد في دعم التدخل الايراني الذي يواجه التحالف السعودي هناك.

بالنسبة لسوريا، تحاول طهران خلق نسخة سورية من حزب الله على حدود الجولان، اصبحت صانعة القرار في دمشق التي كانت عاصمة الخلافة السنية الاموية، فيما الميليشيا الشيعية منتشرة على طول الحدود الاسرائيلية في الجنوب والتركية في الشمال.

بالدعم الروسي، يحاول الايرانيون المضي قدما نحو سيناريو ما تصفه عقيدتهم الشيعية " يوم القيامة" وذلك عبر تسريع تدمير حلب قرب الحدود التركية حيث يعتقدون ان المعركة المروعة ستحدث هناك بين "جيوش المهدي"  (قوى الله) و"المسيح الدجال" (قوى الشيطان).  في عام 2012 حذر وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف من ان بعض الدول في المنطقة ( قاصدا دول الخليج وتركيا) تريد ان تبني حكما سنيا في سوريا. وليس سرا ان الكرملين والاسد يطرحون انفسهم " حماة للاقليات" في الشرق الاوسط، وخصوصا المسيحيون الشرقيون.

يعتبر تدخل روسيا في سوريا سافر، لقد انشأت قاعدة بحرية وتدخلت عسكريا بكلفة تقدر بثلاثة ملايين دولار يوميا، وذلك دون ذكر اربعة تصويتات لصالح سوريا في مجلس الامن. وللتأكيد على "الحرب المقدسة" في سوريا ينشط الاعلام الروسي بنشر صور للرهبان يباركون المسلحين، والاسلحة بما فيها الطائرات الحربية، فيما رجال الدين الارثودوكس موجودين في معظم الوجدات العسكرية، في وقت يتزايد فيه تأثير الكنيسة الروسية في السياسة.

ان تشكيل جبهة، او على الاقل تعاون مشترك بين اسرائيل وتركيا والدول العربية  والتي يمكن ان تضم ايضا قوات كردية وعربية داعمة، مع الاخذ بعين الاعتبار مخاوف تركيا من الاكراد وطموحاتهم يمكن ان يشكل ضربة للتحالف الايراني الروسي ومشروعهما الذي يستمد دعمه من تواطؤ اليسار الامريكي. هذا يمكن ان ينعكس بوضوح في السياسة في لبنان، حيث تشير كل الدلائل الى هيمنة حزب الله المسلح باكثر من 100 الف صاروخ والموجهة نحو اسرائيل.

هذه المليشيا تشكل دولة فوق دولة وليس دولة داخل دولة. بالنسبة للسنة ، هناك شعور بالتهميش والاهانة بسبب تأثير حزب الله، كحامل سلاح وحيد وسط غياب دعم ضروري عربي الذي يعتبر غير قريب في وقت تمد ايران كل الدعم للشيعة. نجحت طهرات في وضع لبنان في قبضتها من خلال العراق وسوريا. كما كان الروس دائما ممانعين لادانة حزب الله كحزب ارهابي وكان يرسل ممثلية بشكل متواصل للقاء قادة الحزب معتبرا ان الحزب هو جزء من الطيف السياسي الشرعي في لبنان، بعكس دول الخليج وتركيا التي لها تاريخ من العداء مع الحزب.

  لا تثق اسرائيل بنظام بنى نفسه ايدولوجيا على نوايا مستترة (التقية). ان ايران تسعى لبناء قوة اقليمية عظمى تعتقد بقوة "بنهاية العالم"، وهي ايدولوجيا يمكن ان تتحقق من خلال تدمير الاعداء. هذه القوة ستكون بالتأكيد منافسة لاسرائيل، اذا لم تكن تهديدا داهما لها، حتى لو اسقط سيناريو "نهاية العالم". ان هدف ايران هو ان تتمدد في الارض العربية وتسيطر على مضيقي هرمز وباب المندب، حيث تمر ربع تجارة النفط في العالم، اضافة الى البحر الاحمر وقناة السويس حيث يمر منها عشر تجارة العالم. في نفس الوقت الذي تستمر فيه روسيا بالسيطرة على البحر المتوسط من غرب سوريا، داعمة العلويين الذين هم جزء من الشيعة.

بدن شك لا تنظر عمّان بسهولة الى نشاطات ايران في المنطقة. اما الرباط بدورها فقد تدهورت علاقاتها مع ايران عام 2009 بعد اتهامها بالتدخل في شؤونها الداخلية رغم ان المغرب بعيد جغرافيا عنها وعن دائرة تأثيرها. بالنسبة للقاهرة فان تطبيع العلاقات معها غير ممكن ويحمل سجلا من الشكوك. هذه الدول الثلاث (مصر، الاردن، والمغرب) لها علاقات مع اسرائيل  بما فيها صفقات تجارية، تنسيق سياسي، واعتراف دبلوماسي. كما انها اكثر الدول العربية قربا من دول الخليج، فيما علاقتها بتركيا ليست سيئة، عدا عن توتر غير جوهري ومتغير بين مصر وتركيا.

السلام مع الفلسطينيين سيكون اكثر واقعية
لقد تحسنت العلاقات بين تركيا ودول الخليج كثيرا، واثبتت استقالة الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي السعودي الجنسية اياد مدني وبعد اغضاب الحكومة المصرية  ان العلاقات بين مصر والسعودية غير قابلة للمس، اكثر من ذلك ان المليارات العشرة التي هي قيمة صفقة الغاز الاردنية مع اسرائيل هي حيوية كخطوة في اطار التحالف المنشود.

دافع آخر يمكن ان يحرك مثل هذا التحالف هو الحرب على الارهاب السني، ليس هذا العامل فقط  ما يمثل تهديدا لاسرائيل والولايات المتحدة وتركيا والدول العربية السنية، لكنه يملك ايضا تحديا لمجتمعاتها خاصة السنية منها. انها تحتجز هذه المجتمعات كرهائن وتساهم في تحطيم بنيتها وتمنعها من تحرير طرق تفكيرها للتقدم نحو التنمية والتفاعل الحضاري مع العالم.

واكثر من ذلك فهي تتشارك مع الشيعة في تسريع  سيناريو " يوم القيامة" خالقة مزيدا من الاضطراب والتهديدات المباشرة  لامن المنطقة . الارهاب السني الذي يصنف هذه المجتمعات كـ "كافرة" لا زال يجد في اوساطها بعض التعاطف معه. ولذلمك فان التأخير في الحرب الجدية عليه سيقود الى تجنيد المزيد من المليشيا. لقد انتشر في كثير من المناطق حتى في الضفة الغربية وقطاع غزة، دافعا نحو التطرف ومعيقا للسلام ومهتما بمعارضة الاخرين.

في حسبة بسيط فان نتائج المقاربة العقيمة الحالية من قبل " تحالف المتشككين" الذي اطلقه اوباما وادارته وروسيا في محاربة الارهاب في ظل تجاهل الشريك الشيعي هو بحق ضعيف اذا ما قورن بامكانيات تحالف بين الادارة الامريكية اليمينية في البيت الابيض بقيادة ترامب واسرائيل وتركيا والدول العربية.

نقطة اللقاء الثالثة هي  يجب ان تديرها الادارة اليمينية الامريكية، فقد نتج عن 8 سنوات من ادارة اوباما تراجعا في مكانة الولايات المتحدة الدولية، ان هناك شعور عام في اوساط حلفاء امريكا في الشرق الاوسط انها تجاهلتهم في لحظة حاسمة وانهم تركوا ليواجهوا مصيرهم وحدهم بعد ان فتحت الباب لايران. فاسرائيل لم تعد الحليف المفضل كما كان. الاختلافات بين رئيسي البلدين لم يعد لها سقوف.

لقد كانت اتفاقية المساعدات العسكرية لاسرائيل مخيبة للامال في بعض بنودها في مجال الالتزام بامن اسرائيل. بالنسبة لواشنطن فان الشرق الاوسط وشمال افريقيا يجب ان يكونا دائما في بؤرة التركيز، ليس فقط من اجل الطاقة ومصادرها ولامن اسرائيل، ولكن من اجل واجباتها السياسية والتزاماتها التي تعطيها مكانة القوة الاعظم.
لقد انصاع اوباما لايدولوجيا يسارية سافرة نحت باتجاه التحالف مع " ارهاب شيعي منضبط وموجه مركزيا" . بناء على نصائح مستشاريه وما اشار اليه هو شخصيا قبل اشهر . لم تخف تركيا والدول العربية عدم اقتناعها بسياسة اوباما المتساهلة نحو طهران، والتي ذهبت حد تحويل المجلس الوطني للايرانيين الامريكيين كلوبي ايراني في واشنطن مع ملاحظة ان هذا المجلس قد دعم انتخاب هيلاري كلينتون. 

حتى السعودية بدأت تشعر انها مستهدفةمن اليسار الامريكيوان معاهدة كوينسي باتت من الماضي. لكن اليوم يمكن ان تستبدل هذه المعاهدة بأخرى بين بلدان المنطقة، خاصة وان امكانياتها الاقتصادية والعسكرية  والروحية يمكن ان تساهم في تحقيق السلام والازدهار وتدافع عن هذه البلدان ومصالحها الحيوية. فقط بعد تقليم اظافر روسيا وايران وحلفائهما وبدعم من ادارة امريكية جادة ومصممة على استعادة نوع من الاستقرار في الشرق الاوسط . يبدو ان يسار التيار الرئيسي في امريكا والذي يملك تأثيرا كبيرا في الاعلام مرتاحا لنهج اوباما الذي ترك الشرق الاوسط لايران ولم يؤمن بالقيم الامريكية.

وقعت اربع دول عربية في قبضة طهران (سوريا، لبنان، العراق واليمن)، هذا سيتغير اذا طبقت نظرية " تحالف الايدولوجيات الراغبة" مع الاشارة الى ان دول الخليج تجلس على 40% من الصناديق السيادية العالمية ، وان التأثير المتنامي لروسيا في المنطقة هو تهديد للمصالح القومية الامريكية . بعض دول الخليج ، اسرائيل ، مصر وتركيا  وحتى بعض السياسيين اللبنانيين  يجب ان يتوجهوا الى موسكو طالبين المساعدة والحلول بعد الشعور بخيبة الامل من السياسة الامريكية التي قادها اوباما.

ولذلك فانه من الحاسم ان يقوم التيار اليميني الامريكي المحافظ باستعادة سيطرة امريكا في المنطقة بعد ان تركها اوباما للروس والايرانيين والاقليات المتحالفة معهما والتي خلقت هذه الفوضى. واذا اراد اليمين الامريكي استعادة امريكا الى خطها يجب ان يعتمد على اسرائيل وتركيا و الدول العربية في تأليف تحالف" يهودي بروتستانتي سني" في مواجهة التحالف "الشيعي، الارثودوكسي – اليساري الامريكي"، هذه الدول لديها كثير من النقاط الاستراتيجية المشتركة  سياسيا واقتصاديا وتاريخيا وامنيا وحتى ايدولوجيا.

يجب ان لا يكون التحالف بالضرورة زواجا كاثوليكيا، ولا زواج مصلحة دون مشاعر. منطقيا هو يحمل وجهات نظر مختلفة وتناقضات يشوبها عقود من عدم الثقة لكنها يمكن التغلب عليها.

شكرا لمثل هذا التحالف، فالسلام مع الفلسطينيين سيكون اكثر واقعية، لان مظلة التحالف ستقنع بالفعل الاطراف بالبدء بالمفاوضات، وتقود الدول العربية وتركيا للجم من يعارضون السلام مثل حماس. وبذلك فان الكرة في ملعب الفلسطينيين، لينظروا الى الصورة الاكبر وليستوعبو التغيرات الضخمة في المنطقة، لاجل ان يعبروا من " المفهوم القومي" الضيق الى الايدولوجي الاوسع: ان يكونوا جزءا من التجمع السني.

سيسمح الوصول الى تسويةحول القدس للرياض لتوسيع تأثيرها الاسلامي في وقت تكون ايران ساعية الى التحكم بمصادر الطاقة والاماكن المقدسة في مكة والمدينة ووضعها تحت سيطرة شيعية. لقد ذهبت ايران بعيد في تحريض الشيعة في دول الخليج على الثورة ضد الحكام وهذا يعني ان طهرانتفرض تهديدا وجوديا لدول المنطقة وستكون بهذا تهديدا لكل العالم. وطموحاتها النووية تكشف انها لم تطو صفحة محو اسرائيل عن الخارطة.

سيكون شمعون بيرس مرتاحا في قبره اخيرا لو استعيد مفهومه عن الشرق الاوسط الجديد، ولان آمال السلام اواسط التسعينات قد شجعت هذا المفهوم، فان مصالح دول المنطقة بحاجة اليه هذه الايام، بدعم اليمين الامريكي في التغلب على الاختلافات واجراء تعديلات على التطورات الجديدة لمواجهة مخاطر الارهابين السني والشيعي معا والوضع المتردي لليسار الامريكي.

عن يديعوت- ترجمة جبريل محمد

تصميم وتطوير