سوريون بعد سريان الهدنة: البلد اجمل بدون حرب

27.02.2016 08:04 PM

وطن: وكالات- للمرة الاولى منذ سنوات، تمكن احمد (11 عاما) السبت من التوجه الى حديقة قريبة من منزله ليلهو مع اشقائه من دون ان يصطحبهم والدهم، بعدما اطمأن الى سريان وقف اطلاق النار في مدينة حلب ومناطق سورية اخرى.

ويقول احمد وهو يتأرجح مع اطفال اخرين داخل حديقة في حي السكري في شرق مدينة حلب لوكالة فرانس برس "كان والدي يأخذنا بنفسه للعب في الحديقة يوم الجمعة فقط عندما يتأكد من عدم وجود قصف او اشتباكات قريبة".

ويضيف مع ابتسامة عريضة "اما اليوم ومنذ الصباح فسمح والدي لي ولاخوتي بالذهاب بمفردنا الى الحديقة القريبة من منزلنا، بعدما تأكد من الاخبار انه ما من اشتباكات او قصف".

وحي السكري الواقع في الاحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في مدينة حلب هو احدى المناطق التي يشملها وقف اطلاق النار الذي بدأ تنفيذه اعتبارا من منتصف ليل الجمعة - السبت بموجب اتفاق وقف الاعمال العدائية الاميركي الروسي المدعوم من الامم المتحدة.

وشهدت المناطق المشمولة بالاتفاق هدوءا السبت لم تعرف له مثيلا منذ اندلاع النزاع الذي اسفر منذ منتصف اذار/مارس 2011 عن سقوط اكثر من 270 الف قتيل ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

ويعرب العديد من السوريين المقيمين في مناطق تحت سيطرة الفصائل المقاتلة او قوات النظام عن سعادتهم لصمود الهدنة وتوقف القصف والمعارك المستمرة منذ خمس سنوات.

ويشير اسامة ديري وهو من سكان حي المغاير في حلب الى انه فوجىء بحركة الناس النشطة منذ الصباح في المدينة.

ويقول "نستيقظ في العادة على حركة خجولة من الصباح حتى الظهر بسبب الطيران، لكننا حتى الان لم نسمع صوت مدفعية او طيران على الاطلاق".

وتشهد مدينة حلب التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا وثاني اكبر مدنها معارك مستمرة منذ صيف 2012 بين قوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية والفصائل المقاتلة التي تسيطر على احيائها الشرقية. وغالبا ما تتعرض الاحياء الشرقية لقصف مدفعي وجوي بالبراميل المتفجرة اوقع الاف القتلى منذ اندلاع النزاع فيما يستهدف مقاتلو المعارضة الاحياء الغربية بالقذائف ما يتسبب دوريا بمقتل مدنيين.

وفي حي بستان القصر في شرق حلب، يأمل ابو نديم (40 عاما)، وهو عامل مطبعة بان "تنجح الهدنة وان يستمر وقف اطلاق النار (...) لعلنا نستعيد جزءا بسيطا من حياتنا قبل الحرب".

-عودة من الجبهة-

الهدنة مكنت ايضا عددا من مقاتلي المعارضة من العودة الى منازلهم في حلب، ومن بينهم ابو شريف الذي يقول "عدت الان من موقع تمركزي الذي يعد خط تماس بيننا وبين قوات النظام".

ولا ينكر هذا المقاتل تبادل "رشقات نارية بين الحين والاخر" لكنه يضيف "الشيء الجيد انه لم يحدث قصف جوي او مدفعي" مؤكدا انه "لم تحدث هجمات او محاولات تسلل من قوات النظام".

وفي السياق ذاته، يلفت ابو عبدو الاسير وهو قائد عسكري في حركة احرار الشام الاسلامية الى "حصول اشتباكات بالسلاح الخفيف بعد منتصف الليل بيننا وبين قوات النظام، لكنها لم تستمر اكثر من نصف ساعة".

ويؤكد "منذ ذلك الحين نحن ملتزمون بالهدنة ما دامت قوات النظام ملتزمة بها".

وحركة احرار الشام هي احد ابرز الفصائل الاسلامية النافذة في سوريا والمتحالفة على جبهات عدة مع جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) المستثناة مع تنظيم داعش من الاتفاق.

وتعد هذه الهدنة الاولى بهذا الحجم التي تلتزم بها قوات النظام والفصائل المعارضة منذ بدء النزاع في العام 2011، ويسري تطبيقها، بحسب مصدر سوري رسمي والمرصد السوري لحقوق الانسان، بالاضافة الى مدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي، على الجزء الاكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوبا، وريف حمص الشمالي (وسط) وريف حماة الشمالي (وسط).

وفي ريف حمص الشمالي، لا يخفي حسان ابو نوح الناشط في مدينة تلبيسة التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة دهشته لصمود وقف اطلاق النار.
ويقول لفرانس برس "نحن نشعر بالضياع. لقد تغير برنامج حياتنا اليوم. في العادة نستيقظ عند الثامنة صباحا، موعد تحليق المروحيات وبدء الحفلة (القصف)".
-"الناس تعبوا"-

وفي المناطق القريبة من دمشق، نعم السكان بيوم غير اعتيادي جراء توقف القصف والمعارك على جبهات عدة.

ويقول شادي مطر الناشط في مدينة داريا غرب دمشق، ان الساعات الاولى لسريان وقف اطلاق النار شهدت هدوءا تاما. ويضيف "عادة في مثل هذا الوقت، تحلق ثلاث او اربع طائرات لرمي البراميل المتفجرة. اما اليوم فالحمدلله لم يحدث اي قصف".

ورغم سقوط قذائف عدة على منطقة العباسيين في شرق دمشق السبت، وفق ما نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري، يحتفظ سكان العاصمة بتفاؤلهم.

ويقول بسام سلحب (55 عاما) وهو تاجر في دمشق لفرانس برس "لاول مرة في سوريا نشعر بالامان بعد التزام الجميع بالهدنة"، مضيفا "علينا ان نتفاءل جميعا ونساعد كل الأطراف لاستمرار الهدنة (...) لأن الناس تعبوا وملوا والأزمة طالت والهدنة هي الحل الوحيد".

ولا يخفي عمار الراعي (22 عاما)، وهو طالب جامعي في كلية الطب في دمشق انه فوجىء "بالهدوء الذي حصل منذ ليل أمس (الجمعة)"، مضيفا "أحد أصدقائي في ألمانيا بعث الي برسالة في الصباح يسألني مازحا: هل انتهت الحرب، ومتى تنصحني بالعودة؟".

ويتابع "ربما هي المرة الأولى التي نستيقظ فيها من دون أصوات قصف أو مدفعية، دمشق أجمل من دون حرب".

المصدر: فرانس برس

تصميم وتطوير