مآثر جديدة لزمن بدى أنه تقادم

15.01.2016 11:12 AM

وطن - كتب: حمدي فراج:مع تواصل الانتفاضة فعالياتها وتقديم شهدائها ارواحهم رخيصة في سبيل تحقيق اهدافها، وتجاوزها المئة يوم من عمرها مسيجة بالاف الأسرى والجرحى، تزداد مآثر ذوي الشهداء مأثرة مأثرة، وكأن ارواح ابنائهم الشهداء وبناتهم الشهيدات، تراودهم ليلا ونهارا، وتحثهم على اجتراح مبادرات تقترب من حد المعجزات التي سطروها في مواجهة الجنود على الحواجز فرادى دون ان يرف لهم جفن من الاسلحة التي يتدجج بها الجند مقابل سكين استلها من مطبخ امه خلسة قاصدا اقرب مواجهة، واحيانا يترك وراءه وصية كما مع آخر شهيد "مؤيد جبارين" يطلب من امه مسامحته، لكن "لا بد للفيد ان ينكسر ولليل ان ينجلي".

لقد عمدت سلطات الاحتلال في مستوياتها السياسية والامنية، الى معاقبة اهالي الشهداء في احتجاز جثامينهم والاساءة اليها عبر استحضار الاباء للتعرف اليها واطلاق اقذع الاوصاف عليها، "ابنك فطيسة" كما قال ضابط المخابرات لوالد الشهيد الطفل مأمون الشريف من الدوحة. ولكن الاهالي وقفوا موقفا جماعيا في رفض النزول عند اشتراطات الاحتلال المذلة، والتي يتعارض النزول عندها مع روحية شهيدهم وايثاريته، وهذا ما عبر عنه بوضوح والد الشهيدة "اشرقت فلسطين"، عندما قال : اينما تكون فإنها على ارض فلسطين.

والد الشهيد بهاء عليان من جبل المكبر، الذي لم يتسلم جثمان ابنه بعد، قامت السلطات اياها بهدم منزله، لكنه شوهد وهو يقدم التبرعات لعائلة الشهيد مؤيد الحلبي في البيرة لكي يسهم مع غيره في اعادة بناء منزله الذي تم هدمه بدوره. "ناهز المبلغ المجموع نصف مليون شيكلا". وكأن هذا الوالد الذي فقد ابنه وبيته، يريد ان يقول لنا انه لم يفقد ارادة التواصل والاستمرار التي استنها واشتقها ابنه بهاء، وكأنه يعيد لشعبنا مآثر واخلاق حقيقية لزمن انتفاضي قديم، عمره من عمر بهاء واكثر. استبدلناها بنزعات الاستحواذ والاستئثار والاستهلاك. هل تستقيم اخلاق اب فاقد لابنه ولبيته "وطنه الصغير"، يبادر ويسارع كي يتبرع لاعادة بناء بيت شهيد آخر، مع اخلاق المستحوذين على المال والشركة والامتياز والوكالة،  فلا تراهم يتبرعوا رغم ان لديهم المال الوفير والابن المدلل والبيت القصر.

في مخيم شعفاط، قال والد احد الشهداء ان لديه أربعة ابناء اخرين كلهم رهن الوطن، لكنه اردف: "كما لدي اربعة عشر حفيدا"، وبدأ بتسميتهم واحدا واحدا.

في مخيم العروب، قالت ام الشهيد خالد جوابرة، انها من علمته على حب الوطن والذود عنه حتى الشهادة، والاهم انها شاركت في تشييعه وحملت في نعشه وظلت واقفة على قبره حتى مواراته الثرى. وقالت انها الاولى في حمله شهيدا بعد ان حملته في احشائها جنينا ينبض تسعة اشهر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير