العدوان الإسرائيلي المُستمر على طولكرم للشهر الثالث على التوالي، يسحق اقتصادها ويدفع به إلى نقطة اللاعودة

27.03.2025 11:20 PM

وطن: تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدينة طولكرم ومخيميها للشهر الثالث على التوالي، في ظل تهجير قسري وعمليات مداهمة مكثفة للمنازل وطرد سكانها بالقوة، مع استمرار الحصار والاقتحامات وسط تعزيزات عسكرية.

وتواصل قوات الاحتلال مداهمة المنازل والمحالّ التجارية داخل مخيم طولكرم، وتفتيشها وتخريب وسرقة مقتنياتها، وتحويل عدد منها لثكنات عسكرية، كما هي الحال في بعض أحياء المدينة، وهو الأمر الذي تسبب بتشويش كبير على الحركة التجارية وأثر سلباً على طبيعة النشاط التجاري، الذي سجل تراجعاً كبيراً على مستوى الضفة الغربية، جراء العدوان الإسرائيلي الشامل على الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023.

العدوان الإسرائيلي على مدينة طولكرم ومخيميها (طولكرم ونور شمس)، حوّل المشهد الاقتصادي في المدينة إلى كارثة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف والعوامل الموضوعية التي اجتمعت، وأدت إلى تراجع الدورة الاقتصادية إلى الثُلث خلال العام الماضي 2024 .

- جراء العدوان.. شللٌ تام وتراجعٌ حاد في مصادر الدخل والقدرة الشرائية
وفي وصفه للمشهد الاقتصادي في طولكرم، يقول مدير مديرية وزارة الاقتصاد الوطني في محافظة طولكرم، جهاد شحادة، إن عدوان الاحتلال على المدينة ومخيميها لم يبدأ في الخامس والعشرين من كانون ثاني الماضي، حيث إن اعتداءات الاحتلال على المدينة ومخيميها بدأت ما قبل السابع من أكتوبر 2023، واتسعت بعد هذا التاريخ الفاصل في حياة الشعب الفلسطيني، وارتفعت وتيرتها واشتدت حدتها أواخر كانون ثاني الماضي.

ويشير في حديثه لـ"نشرة وطن الاقتصادية"، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية إلى تراجع النشاط التجاري بشكل ملحوظ جراء العدوان، حيث انخفضت القدرة الشرائية لدى الأهالي بسبب فقدان الوظائف وتراجع مصادر الدخل، كما أن الخوف من الاقتحامات المتكررة جعل الأسواق أقل جذبا للمستهلكين، مما أدى إلى ركود اقتصادي غير مسبوق.

ويُضيف: عدة مصانع ومناطق صناعية اضطرت إلى إغلاق أبوابها، تبعاً للأوضاع الأمنية غير المستقرة، ما أدى إلى تسريح عدد كبير من العمال والعاملات، وبالتالي ارتفعت معدلات البطالة في المحافظة.

- أحداث السرقة والنهب، تُفاقم حجم الخسائر المادية التي تعرض لها أصحاب المُنشآت الاقتصادية في طولكرم 
ويلفت شحادة إلى مسألة غاية في الأهمية، حيث تعرضت عديد المحال التجارية للسرقة، خاصة المحال الواقعة على الشارع الرئيسي الرابط بين المدينة وبلدة عنبتا، وذلك بسبب الدمار الكبير الذي تعرضت له هذه الطريق جراء العدوان، وعدم تمكن أصحاب المحال التجارية من إغلاق محالهم وتأمينها.

ويُشير إلى أن جنود الاحتلال تعمدوا سلب ونهب المحتويات الغالية والنفيسة من هذه المحال، وعاثوا خراباً بمُحتوياتها، وفي ذات الوقت فإن الدمار الواسع الذي حل بالمنطقة يجعلها "المحال التجارية" عرضة لأعمال السرقة والنهب.

وفي هذا الصدد يقول ضيفُنا إن أحداث السرقة والنهب، تُفاقم حجم الخسائر المادية التي تعرض لها أصحاب المُنشآت الاقتصادية في المنطقة المذكورة، مُشيراً إلى توجيه دعوات للمواطنين الذين تعرضوا للسرقة لتقديم بلاغات رسمية لدى مديرية الشرطة في طولكرم.

- الخسائر المرصودة خلال العام 2024 .. تضرر نحو 700 منشأة تجارية وصناعية، وتعطل المرافق الاقتصادية لنحو 100 يوم
وحول حجم الخسائر والأضرار المرصودة خلال العام الماضي 2024، يوضح شحادة تضرر نحو 700 منشأة تجارية وصناعية في المحافظة، لافتاً إلى تعطل وشلل المرافق الاقتصادية لنحو 100 يوم من أصل 365 يوماً خلال العام الماضي، جراء الاعتداءات الإسرائيلية.

- نزيف الخسارة المُستمر لمعظم المصالح الاقتصادية في المدينة سيزيد المشهد الاقتصادي قتامة
وفي تعليقه على تصريحاتٍ سابقة لرئيس غرفة تجارة وصناعة طولكرم، قيس عوض، قال فيها إن الأوضاع في المدينة وصلت إلى مرحلة حرجة، وأشار إلى أن 22% من المنشآت التجارية أغلقت أبوابها نهائياً، يقول شحادة إن المخاطر المحدقة بالمصالح الاقتصادية في طولكرم كبيرةٌ جداً، لافتاً إلى أن نزيف الخسارة المُستمر لمعظم المصالح الاقتصادية في المدينة سيزيد المشهد الاقتصادي قتامة، ورُبما يدفعُها لإغلاق أبوابها كُلياً في المستقبل القريب.

- الآثار الاقتصادية طويلة المدى
ولا تترك الاجتياحات المتكررة آثارا مؤقتة فحسب، بل تؤدي إلى نتائج كارثية على المدى الطويل، فتدمير البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية يؤدي إلى هروب الاستثمارات، ويجعل من الصعب على رجال الأعمال تطوير مشاريع جديدة في بيئة غير مستقرة أمنياً، كما أن زيادة البطالة وتراجع الإنتاج المحلي يجعل الاقتصاد أكثر هشاشة، مما يزيد من اعتماد السكان على المساعدات الخارجية.
    
ومع استمرار التدهور الاقتصادي والاجتماعي، أطلقت الدعوات إلى تدخل حكومي عاجل لإعادة تأهيل المدينة ودعم القطاع التجاري والصناعي، ومُطالباتٌ بتشكيل لجنة إغاثة حكومية لتعويض الخسائر، وإنقاذ المنشآت الاقتصادية من الانهيار التام، وحول الجهود المبذولة في هذا الخصوص يشير شحادة إلى تشكيل لجنة الطوارئ في محافظة طولكرم وتضم في عضويتها وزارة الاقتصاد الوطني إلى جانب وزارات الصحة والتربية والتعليم والحكم المحلي، وتتضمن خطمة عملها بشكل أساسي حصر الأضرار الناجمة عن العدوان، وتعمل لإغاثة الأهالي وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

تصميم وتطوير