عام على الإبادة واستهداف قطاع العدالة وعمل المحامين في غزة
نقيب المحامين فادي عباس لوطن: استهداف الاحتلال لقطاع العدالة تهدف إلى خلق حالة من الفوضى المجتمعية وتدمير السلم الأهلي ضمن خطة أشمل تدفع المواطنين للتهجير
أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى من المحامين
تدمير الاحتلال لمبنى النقابة في غزة يمثل جزءًا من نهج منظم يستهدف كافة مرافق الحياة في فلسطين
تدمير الاحتلال لقطاع العدالة يندرج في إطار خطة الاحتلال المتكاملة لخلق الظروف المؤدية لتهجير الشعب الفلسطيني قسرا من أرضه
"إسرائيل" تتعامل وكأنها فوق القانون الدولي، نتيجة منحها غطاء من بعض القوى المؤثرة عالميا
الهيئات الأممية المطلوب منها حفظ السلم في العالم تسارع الخطى نحو الفشل في مهمتها
يجب الحفاظ وصون سيادة القانون لان البديل لذلك هو شريعة الغاب
رام الله – وطن: قال فادي عباس نقيب المحامين، ان التاسع من تشرين الأول يصادف الذكرى الأولى لتدمير قوات الاحتلال لمبنى نقابة المحامين الفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل حرب الإبادة المستمرة والمتواصلة منذ أكثر من عام.
واكد عباس أن تدمير قوات الاحتلال لمبنى نقابة المحامين يندرج ضمن سياسة الإجرام المنظم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وتستهدف كافة المرافق الحياتية والحيوية التي من خلالها يمكن للإنسان الفلسطيني البقاء على أرضه.
ولفت عباس خلال حديثه لبرنامج "وطن في الظهيرة" ضمن موجة "غزة الصامدة، غزة الامل" عبر شبكة وطن الإعلامية ان تدمير قطاع العدالة والمؤسسات العدلية يندرج في إطار برنامج وخطة الاحتلال المتكاملة لخلق الظروف المؤدية لتهجير الشعب الفلسطيني قسرا من أرضه.
ولفت عباس ان حكومة اليمين المتطرفة، ترى الصراع ببعده الديمغرافي، ولذلك هي تسعى لتنفيذ مخطط التهجير، وهذا يمكن ان يحدث وفق منظورها من خلال تدمير قطاع العدالة، كون ذلك يؤسس لحالة يعي الاحتلال آثارها، لأنها تسهم في خلق حالة فوضى مجتمعية، وتداعيات على السلم الأهلي وتعزيز ثقافة استيفاء الحق بالذات في ظل غياب منظومة قادرة أن تفرض حيز من القانون.
وتطرق عباس الى استهداف الاحتلال مبنى النقابة في غزة، لافتا ان "استهداف مقر نقابي يأتي في سياق العدوان المتواصل على شعبنا، والمستهدف به فئة المحامين ونقابتهم التي تعد الجهة المخولة قانونا في تنظيم مهنة المحاماة"، وبالتالي فأن "تدمير مقر نقابة المحامين يعني تدمير الجهة الأكثر التصاقا بالسلطة القضائية".
ولفت عباس ان الاحتلال استهدف مئات المحامين، فاستشهد منهم أكثر من 100 محام ومحامية، إضافة الى مئات الجرحى، في سياق الاستهداف المباشر لهذه المنظومة، وضمن الاستهداف الشامل لكل ما هو فلسطيني، والذي يندرج في إطار سياسات التهجير والتطهير العرقي والفصل العنصري التي لم تنفك يوما عن المشروع الاستيطاني الإحلالي.
واكد عباس ان حالة الفصل العنصري تتعمق كل يوم في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهذا يتجسد بالإغلاق على المدن والقرى والبلدات، والحواجز العسكرية، وحالة الاعتقال العشوائية التي طالت أكثر من 11 ألف مواطنا منذ بداية العدوان بينهم أكثر من 40 محام ومحامية غالبيتهم العظمى رهن الاعتقال الإداري.
وأشار عباس ان الاحتلال يعتمد على الاعتقال الإداري الذي يعني عدم توجيه اتهام للمعتقل، وهو ما يضعه في سياق الاستهداف العام لشعبنا بمختلف قطاعاته، مشيرا ان تبعات تلك الاعتقالات المهنية كبيرة ولها ارتدادات مباشرة على أعمال المرافق العدلية والسلطة القضائية، ويضعف قدراتها على تحقيق الأهداف المرجوة من وجوده كجسم يحكم بالعدل بين الناس ويحقق العدالة.
ولفت عباس ان ما تقوم به حكومة نتنياهو، هو الدفع بخطة متسارعة نحو مشروع الحسم، التي تستهدف المؤسسات الفلسطينية في مختلف القطاعات وتدميرها بشكل مباشر أو غير مباشر، وعطب فعالية الخدمات التي تقدمها والتي يستفيد منها المجتمع الفلسطيني، وخلق بيئة طاردة للفلسطينيين، في إطار المشروع التهجير المرتبط بالبعد الديموغرافي.
وأشاد عباس بدور المحامين الوطني، لافتا ان المحامين كان لهم دورا طلائعيا في الحركة الوطنية الفلسطينية، وكانوا من "أكثر الفئات التصاقا بهذه الحالة فمنهم من استشهد ومنهم من كان اعتقل ومنهم من أبعد قسرا، ومنهم من التصق في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وهو ما يؤكد ان المحامين وجسمهم النقابي جزء لا يتجزأ من الحالة الوطنية الفلسطينية، ولذلك فان فعالية هذا الجسم العملية تضعه في دائرة الاستهداف الإسرائيلي".
وأشار عباس الى أهمية الدور المنوط بنقابة المحامين، والجسم الحقوقي، والمرتبط في فضح جرائم الاحتلال التي تنتهك المنظومة والقرارات الأممية الحقوقية، لافتا الى وجود التزامات دولية على المحامي مرتبطة بالدفاع عن مبدأ سيادة القانون، وتكريس وحماية حقوق الانسان، وهو ما يوفر قدرة في التأثير على الرأي العام من الجانب الحقوقي والمناصرة في الدعاوى القضائية.
وأشار عباس الى ان هذا الدور الذي يقوم به المحامين، يشكل عبئا على المنظومة الاستعمارية التي لطالما أدارت ظهرها للقانون في مختلف السياقات، خاصة ان المحامين دوما ما يربطون أحكام القانون الدولي، بما ترتكبه إسرائيل من جرائم، تصنف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وحول ملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية، قال عباس " ان محكمة العدل الدولية اتخذت وعلى ضوء الدعوة التي تقدمت بها جنوب أفريقيا لمواجهة جريمة الإبادة ثلاثة قرارات تمثل تدابير احترازية بسبب وجود وقائع إبادة"، لافتا ان ما يحدث من قبل الاحتلال العسكري وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها يعني ان هناك دولة احتلال تتعامل وكأنها فوق القانون الدولي، وهذا للأسف نتيجة منح بعض القوى المؤثرة عالميا والتي لها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي الحماية والغطاء لإسرائيل.
وتابع عباس " أقيم مجلس الأمن لمهمة رئيسية هي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ولكن للأسف تبدلت تلك المهمة إلى فعل معاكس بمنح دولة الاحتلال التي ترتكب جرائم واضحة المعالم غطاء للاستمرار في سلوكها وجرائمها.
وأضاف عباس ان "المنظومة الأممية المرتبطة ارتباطا مباشرا في تطبيق وحماية أحكام القانون الدولي وعلى رأسها هيئة الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يسيران بخطى متسارعة في فشل تحقيق المقاصد التي أنُشأت من أجلها وتحديدا الحفاظ على السلم والأمن الدوليين".
وتابع عباس " ان هذا الفشل يتعمق ويتوسع في ظل ان إسرائيل بصفتها قوة احتلال توسع من نطاق هجومها في الأراضي الفلسطينية المحتلة نحو المنطقة العربية، ما قد يضع المنطقة في حرب تتسع في الإقليم أو العالم"، لافتا ان الهيئات الأممية تسارع الخطى نحو الفشل في مهمتها، في تكرار مشابه لعصبة الأمم المتحدة التي فشلت في مهمتها.
ولفت عباس "ان المواطن الفلسطيني، والمجتمع القانوني يعيشون خيبة أمل شاملة وجامعة، من بقاء كل ما هو مرتبط بالقانون الدولي وحقوق الانسان حبرا على ورق".
وعن الدور الذي تقوم به نقابة المحامين على الصعيد الوطني، أكد عباس ان "المحامين صامدين رغم انتهاكات الاحتلال وأثبتوا قدرتهم على الثبات على الأرض وهم يعيشون في ظروف غاية في التعقيد".
وتابع عباس " ان نقابة المحامين نقابة وطنية مهنية، تتابع كل ما يحدث في فلسطين، وبالتالي في إطار المسؤوليات المكلفة، تتخذ المواقف والقرارات التي تنسجم مع الحالة الوطنية الفلسطينية".
وأضاف عباس" ان النقابة كان لها إسهامات في العديد من الفعاليات والنشاطات الوطنية، وفي حملات المناصرة المرتبطة بحقوق شعبنا، بالإضافة للتعاون مع نقابات المحامين في الوطن العربي وفي الإقليم وفي العالم، كونها جزأ لا يتجزأ من اتحاد المحامين العرب، وكذلك الانخراط في تقديم البلاغات للمحاكم الدولية لإنصاف الشعب الفلسطيني وكشف الجرائم التي يرتكبها مجرمي الحرب، وهذا يعد دور أصيل لنقابة المحامين نحاول الحفاظ عليه ما أمكن رغم كل التحديات والعراقيل التي تواجهنا"، مضيفا ان ذلك الدور ينطلق من إيماننا أن الشعوب ومن بينها الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير مصيره، ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه ولابد أن يكون العدل هو سيدة الموقف.
وشدد عباس على أهمية سيادة القانون، محذرا من ان البديل الطبيعي لحكم القانون هو شيوع الظواهر السلبية، مثل استيفاء الحق ذاتيا عبر مسلكيات تعني بالضرورة مسلكيات متناقضة لما هو موجود في القانون، وهو ما يمثل استهدافا للمرافق العدلية سواء نقابة المحامين او القضاء او النيابة عامة.
وأشار عباس ان هذا الوضع يعني بالضرورة ضرب قدرة وفعالية هذه المؤسسات عن أداء المهام المكلفة بها في سياق تحقيق العدالة المرتبطة بحقوق المواطن، موضحا " ان المواطن الذي يذهب إلى المحكمة يكون حامل مظلمة معينة بغض النظر ان كانت في الجانب المدني أو في الجانب الجزائي، متأملا وجود فاعل وجهة يستطيع من خلالها تحصيل حقوقه.
وتابع عباس ان "البديل الطبيعي لضعف المؤسسات وتعطلها هو تغول هذه الظاهرة الخارجة عن قيمنا المجتمعية، والتي تتناقض مع مبدأ سيادة القانون، وتشرع شريعة الغاب، ولذلك المطلوب فلسطينيا وتحديدا من الجهة المستوى الرسمي تحصين الحالة القضائية، بتدعيمها وتقديم الإمكانيات التي بحاجة لها على المستوى البنيوي او على مستوى الكوادر القضائية والموظفين".
وأشار عباس انه من أجل زيادة فعالية أجهزة إنفاذ القانون لابد من مراجعة وتقييم حالتها العددية واحتياجاتها، بهدف تمكين موقفها وقدرتها على القيام بمهام إنفاذ القانون، وكذلك الأمر بما يتعلق بالمحامين ونقابتهم، مشيرا الى أهمية التكاتف والتفكير بشكل واقعي ومنطقي لخلق حالة منسجمة لتخطي هذا الظرف الصعب في ظل ما يمارس ويحاك ضد الشعب الفلسطيني من مؤامرات تستهدف وجوده على الأرض.
وأكد عباس ان نقابة المحامين صاحبة موقف مهم ورئيسي في المجتمع الفلسطيني وفعال في الجانب الحقوقي، ولذلك تدرك انها يجب ان تكون جزء رئيسي ومهم في سياق ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وهي تعي ان ذلك يتطلب منها مسؤوليات كبيرة، تدفعها للانخراط على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بالشراكة مع المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني ونقابات المحامين لبلورة المواقف وآليات العمل.
وأشار عباس ان نقابة المحامين لها شبكة من العلاقات الحيوية مع نقابات المحامين حول العالم، ومع مؤسسات حقوقية متخصصة، وضمن هذه الشراكة تقوم ببناء هذه حالة حقوقية وقانونية تشكل أساسا للقضية الفلسطينية.
وأكد عباس ان الظرف الحالي وما يتعرض له الشعب الفلسطيني يتطلب دوما تفاعل مجتمعي واسع في سياق المجتمع الحقوقي ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية ذات الاختصاص، لاسيما مع وزارة الخارجية، مشيرا الى أهمية توظيف الشراكات التي تجمع هذه المؤسسات بما فيها نقابة المحامين مع المؤسسات الشريكة في الإقليم وفي العالم من أجل توظيفها في خدمة الحالة الحقوقية في فلسطين، التي تستجيب لتطلعات الشعب الذي يعاني من ويلات الاحتلال وله الحق الكامل في نيل حريته وتقرير المصير والاستقلال.