يوم الإنسان العالمي- تحسين يقين

19.03.2012 10:05 PM
في يوم الإنسانية، يعاود النماء لأرضنا أمل الفصول في كل ربيع، لعله أمل نماء المرأة والمجتمع، هو يوم المرأة العالمي الذي جاء تتويجا لنضالات المرأة في العالم، باتجاه الانتصار لحقوقها.

ما دلالة يوم المرأة العالمي في فلسطين؟

- الدلالة الأولى، تحقيق الحرية السياسية والكرامة والاستقلال.

- والثانية، استكمال باقي الحقوق، لأن الحرية لا تجزأ.

هل يلتقيان؟

نعم ويتكاملان، ولا ينفي أحدهما الآخر، بل لا ينبغي أن يفعل، وهذه من أولويات العمل الوطني كعمل إنساني، والذي هو أيضا عمل وطني.

ما هي اتجاهات التعامل مع قضية المرأة؟

- الاتجاه الفكري-الأيدلوجي الذي يعني بالتغيير على أسس ومعايير عالمية.

- الاتجاه النسوي التقليدي..

هل يلتقيان؟

نعم.

ما زلنا نحتاج إلى الاتجاه الأيديولوجي والديماغوجي معا!

وأعني بالأيديولوجي الفكري والقانوني والتغيير الاجتماعي، كما أعني بالديماغوغي ليس المعنى السلبي التقليدي الشائع، بل لعلي أرغب بمعنى المرونة..

بمعنى، يمكن للعمل النسوي التقليدي أن يستمر كعمل تقليدي ونضالي، يدعم مكانة المرأة ودورها، ويفعل من دورها الوطني، من المنظور النسوي المعروف.

ويمكن أن يواكب ذلك عمل معاصر واستراتيجي ينطلق من منظور النوع الاجتماعي كمفهوم شامل.

مثال: في ظل وجود أسر وأهالي لا يرغبون ببعث فتياتهم لجامعات وكليات مختلطة، هل يحرمن من التعليم أم يذهبن إلى كليات خاصة بالإناث؟

لكن هذا السلوك لا يمنع آخرين وأخريات يبعثون فتياتهم/ن للجامعات المختلطة.

وعليه قس!

وإذا كان المثال لا يشكل جوهر العمل النسوي، فإنه لا يبتعد عنه.

في كوريا الجنوبية، وهي دولة صناعية متقدمة، شاركنا فيها في دورة حول الجندر، وجدت أن هذه البلد، يسير فيها التعامل مع المرأة وفق الاتجاهين السابقين، حتى أن هناك جامعة في سول العاصمة خاصة بالفتيات، عمرها 70 عاما!

لذا لا أرى أن هناك تناقضا في مجتمعنا، بقدر ما أرى أن هناك تكاملا!

سأتحدث هنا عن الجانب الرسمي، ممثلا بوزارة شؤون المرأة، والتي هي تقود وتشارك الفعل الاجتماعي، باتجاه الارتقاء بقضية المرأة كقضية مواطنة.

ولعلنا نلاحظ أن الوزارة طليعية ومستنيرة، وتعمل على التوازن بين المعايير العالمية والوطنية، في ظل التأكيد على القضية الوطنية، وأن فلسطين تعيش تحت الاحتلال.

لقدت أعدت وزارة شؤون المرأة بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات الحكومية وبعض مؤسسات المجتمع المدني وثيقتين مهمتين للعمل الحكومي، وهما وثيقة الإستراتيجية الوطنية عبر القطاعية للنوع الاجتماعي 2011-2013، ووثيقة استراتيجيه مناهضة العنف ضد المرأة2011-2019، كما أعدت نظام التحويل الوطني الخاص بحماية النساء المعنفات، ولوائح ونظم بيوت الأمان. وسهمت قانونيا في قانون حماية الأسرة وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات..

والمطلوب ببساطة هو التعامل الإيجابي من الحكومة والمؤسسات والمجتمع مع هذه الاستراتيجيات والأدبيات والقوانين..

واليوم في ظل التخطيط وفق الأهداف الإنمائية للألفية، ثمة عمل تخطيطي للانسجام مع الأهداف العالمية من منظور الحاجة الفلسطينية، حيث ستتجه الجهود نحو غايات المساواة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية ومناهضة العنف ضد النساء..حيث عقدت ورشة عمل مؤخرا في وزارة التخطيط والتمنية الإدارية.

في الورشة التي استمرت ليومين، تعمق لدي ما ذكرت من أسئلة واجتهاد للتفكير حولها.

لقد أكد المشاركون والمشاركات على قضية مهمة وإستراتيجية ووطنية، وهي أن العمل في قضية المساواة يأتي في فضاء تحرير الأرض وتحقيق الاستقلال الوطني.

إذن تحقيق الحرية السياسية والكرامة والاستقلال لا يتناقض مع العمل على استكمال باقي الحقوق، لأن الحرية لا تجزأ.

عين على المجتمع الداخلي وعينان على المجتمع الذي يحيا تحت الاحتلال، والذي يصعب تحقيق التنمية في ظله، لكن يمكن أن نحقق شيئا فيما هو بين أيدينا؛ فهناك ممكنات ذاتية نستطيع إنجازها..بل من المؤمل أننا نكون أقوى ونحن نسير باتجاه الاستقلال.

وهذا ينسجم مع الحاجة إلى العمل وفق الاتجاهين: الأيديولوجي والديماغوجي!

هل يبدو هذا وضحا وله معنى؟

أظن ان هناك من يعتقد بذلك.

ماذا بقي للمرأة من زهر وأريج!

فمع ما يحمله الربيع من بشر، وسعادة، فإننا ما زلنا تحت أسر الاحتلال تواقين للاحتفال بالخلاص منه، لنتفرغ للربيع وأعياده البهيجة، للأسرة والأم، وأعياد والأرض..ولكننا رغم الألم الذي ما زال يعتصر قلوبنا، فإننا ننتصر عليه، وعلى الجلاد بالاحتفال، فعلى هذه الأرض الفلسطينية الرائعة والمباركة كل موجبات الفرح، بما وهبنا من بركة السماء من أزمان سحيقة.

جرح غزة والربيع..قبل ثلاث آذارات أو أربع..خمس ست.. نغص علينا الاحتلال احتفالنا ذاك بحربه عليها: الرجال والنساء والأطفال، واليوم نحن هنا نحتفل، كأن لم يتغير في الأمر شيئا سوى عظم المأساة، بعد مجزرة غزة الجديدة،..وكأن الاحتلال على موعد لا يخلفه معنا، في القتل والتدمير لنفينا خارج الزمن، وخارج المكان.

من غزة الجريحة إلى القدس، حيث تجري على قدم وساق عملية تطهير عرقي، على مرأى من العالم، دون خجل أو احترام لأية حقوق، بمبررات كاذبة مضللة، تؤكد من خلالها سلطات الاحتلال نواياها الخبيثة من انتقاص حقوقنا وسيادتنا على أرضنا..

لكن الاحتلال واهم، فنحن عصيون على الكسر والتغييب والنفي، وإننا هنا على أرضنا باقون، وباقيات.

في يوم المرأة العالمي، نطيّر تحية عظيمة تليق بالمرأة الفلسطينية، تليق بتضحياتها من غزة حتى جنين؛ فأحياء غزة تعانق في كبرياء سلوان والخليل ورام الله والجليل وحيفا ويافا، ومخيمات الشتات.. حيث اللجوء المرّ الذي طال..

هو إذن يوم للمرأة والأرض، والرجل، والأسرة، يوم وطني وعالمي، يحق لنا هنا أن نحتفل به مؤكدين على دور المرأة بشكل خاص، والتي يقع على كاهلها عبء كبير، فهي التي تتحمل آلام الاحتلال كونها الأم والزوجة والأخت، والعاملة، تماما كما كانت مبادرة دوما منذ نكبة عام 1948، حين بادرت إلى القيام بأعمال بدأتها هي أولا، ثم تبعها الرجل..هي التي بدأت بالبناء للتخلص من برد الخيمة، وهي التي سعت لتأمين الماء والغذاء أسوة بالرجل وقبله أحيانا..

فمن هذه الروح التي قامت على المشاركة في النضال والبناء وتوفير مقومات الصمود، نستلهم في كمجتمع وسلطة وطنية ومنظمة تحرير بشكل عام هذا الإنجاز الرائع في المشاركة والمساواة، لنبني عليه، باتجاه إقرار الحقوق لكلا الجنسين، بما يحقق العدالة الاجتماعية.

إننا إذ نحتفل بالمرأة احتفالنا بالرجل، دون تمييز، باتجاه تفعيل ما هو قائم من مشاركة بين الرجال والنساء، بما ينجز على الصعيد الوطني، وما يتعمق العمل عليه من تضمين مفاهيم واستحقاقات النوع الاجتماعي في بنية عملية البناء وتجلياتها على الأرض.

نحتفل بالمرأة الفلسطينية كمواطنة فاعلة مناضلة في هذا العالم، ومعها شريكها الرجل الفلسطيني جنبا الى جنب، نحو تحقيق أهدافنا الوطنية والإنسانية في التحرر والبناء، والانطلاق نحو تمنية مستدامة، يحترم فيها المواطنون والمواطنات، بما يكفله الدستور من حقوق.
تصميم وتطوير