صورة من ألف صورة رام الله- كتب عاطف سعد

16.08.2014 10:43 PM

يبدو مقر حملة "أغيثوا غزة"، في ساحة جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة لزراعية) في مدينة رام اهزر، أشبه بلوحة "موزاييك" فنية تلونت  بتناغم متقن لِتُظهر الطيف الشعبي الفلسطيني المتلاحم  مع غزة بأبهى حلة. أرى أمامي بالة ضخمة مملوءة ملابس وثياب تبرع من كابول 1948 وبمحاذاة البالة توجد رافعة خشبية تحمل صناديق من الأغذية والمواد الطبية من عارورة وهنا مواد غذائية من قاوم في محافظة رام الله وهناك "رصات" زيت نباتي من مزارعي حوسان وتلك "المشاتيح" مرصوصة بفرشات وبطانيات ومواد طبية من أهالي بيرزيت وعلى يميني أرى  طرودا غذائية و كراتين بداخلها أكياسا من بودرة حليب الأطفال تبرعت بها جبهة سخنين الديمقراطية.

تستشعر وأنت تقف بين تِلال من الطرود الكبيرة والصغيرة المعبئة بكل ما ضروري لأناس شنت إسرائيل ضدهم حرب إبادة، تستشعر كم ارتقت مشاعر الحب والعطف والتلاحم بين الفلسطينيين لتتجسد ماء ودواء وطعاما لشعب غزة. و تشاهد بأم العين كيف تتجلى الوطنية الفلسطينية بأبهى صورها وهي تودع بداخل صناديق الخشب والكرتون نفحاتها الكريمة ولترسل رسالة لأصحاب مشروع الإبادة لتقول لهم: من شعب فلسطين الصامد لشعب فلسطين المثخن بالجراح. نحن موحدون ضد الإبادة وموحدون من أجل الحياة. 

صورة من ألف صورة على مداد الوطن!

  هكذا بدت صورة ساحة "أغيثوا غزة"، أمامي وفي مخيلتي عندما زرتها بدون موعد مسبق. صورة من ألف صورة ترى مثلها في نابلس وطوباس والخليل وجنين والناصرة وغيرها من المدن. إنها مثل لوحة موزاييك مرسومة بشفافية مشاعر المتبرعين الملتاعين لما جرى في غزة ومجهزة بسواعد وهمم عشرات المتطوعين والمتطوعات ليتم شحنها على وجه السرعة لتلبية نداء الواجب نحو غزة وأهلها. 

وبينما كنت أتأمل في الجهود الكبيرة التي بذلها متطوعو "الإغاثة" في رص وترتيب وتصنيف محتويات الطرود "المُتَبرع بها" وفق معايير النقل المعقدة التي تتبعها منظمات الإغاثة الدولية، وصل للساحة شخص يحمل أكياسا ثقيلة وضعها وقال لي، معتقدا أنني أحد المتطوعين المقيمين،" ها أحضرت الشالات.. والسلام عليكم.."! استوقفته، وسألته ممثلا الدور ،" مين حضرتك ومنين  وكيف النوعية بدنا إياها عال، مش تكون عتيقة." رد قائلا ،" اسمي أيمن ، أنا من حواره وعندي معرض شالات برام الله. ولله العظيم شالاتي جديدة.. جبتها من المعرض مش من المخازن ، شو أنا بأقبل ع حالي أتبرع لخواتنا وبناتنا في غزة بشالات عتيقة؟" شكرته. وقلت له، "أنا صحفي. ما تزعل من سؤالي كان مجرد فضول مني.

ومضى في طريقه تاركا عندي انطباعا قويا يوحي بأن أيمن أراد أن يبقى متبرعا مجهولا مثل عشرات الألوف من الفلسطينيين الذين هبوا في الضفة وفي داخل الخط الأخضر لنصرة أهل غزة بدون طنطنة إعلامية.

وتصادف وجودي في مقر الحملة وصول وفد رفيع المستوى من المبادرة العربية الدرزية من عسفيا ويركا وبيت جن ( داخل حدود 1948) وقد جلبوا معهم تبرعات نقدية بقيمة 43000 شيكل وتبرعات تموينية وطبية سلموها لمدير عام الجمعية السيد خليل شيحة. وبعد أن استمعوا منه لتقرير مفصل عن الأوضاع الإنسانية  الراهنة في غزة وعدوه بالإتيان بتبرعات أخرى لاحقا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير