شخصيات درزية وطنية عبر وطن.. الاحتلال يحاول استغلالنا لتنفيذ مخططاته الاستعمارية وتفتيت المنطقة
رام الله – وطن: يلعب الاحتلال على وتر الطوائف والأقليات في المنطقة العربية وتحديدا بما يعرف بدول الطوق، لتفتيت المجتمعات الأصلية بما يخدم مشروعه الاستعماري الاستيطاني، مستخدما استراتيجيات متعددة لتفكيك الهويات الجماعية وتقويض تماسكها الداخلي.
ويبدو الاحتلال وعلى ضوء التطورات السياسية في سوريا، يخطط لتفتيت المجتمع السوري، من خلال استهداف "الطائفة الدرزية"، واظهارها بمظهر المطبع من خلال الزعم بحمايتها، والتلميح لإمكانية قيام دولة درزية، وكانت اخر فصول تلك المحاولات السماح بزيارة الوفد الدرزي من جنوب سوريا الى الداخل المحتل.
وأثارت هذه الزيارة جدلاً واسعاً وانتقادات عديدة حتى من أبناء الطائفة نفسها مع تحذيراتهم من محاولة الاحتلال بث الخلافات خدمة لمخطّطاته في المنطقة، خاصةً بعد التصريحات الإسرائيلية التي تعهّدت "بحماية دروز سوريا".
ودفعت هذه الزيارة أهالي قرية حضر السورية الى اصدار بيان استنكروا فيه زيارة بعض المشايخ إلى فلسطين المحتلة استجابة لدعوة من جهات موالية للاحتلال، مؤكدين فيه إن "إسرائيل" تستغل زيارة دينية لزرع الانقسام بين أبناء الطائفة الدرزية، وتسعى لاستخدامهم خطاً دفاعياً لتحقيق مصالحها التوسّعية، وأنه لا يمكن تجاهل جرائم الاحتلال في الجولان المحتل والضفة الغربية وقطاع غزة،" مشدّدين على أن "انتماءنا للشعب السوري، وأن المشايخ الذين قاموا بالزيارة لا يمثّلون إلا أنفسهم".
وحول هذا السياق قال الدكتور علي أبو عواد الناشط السياسي من الجولان المحتل خلال حديثه لبرنامج "شد حيلك يا وطن" الذي يبث عبر شبكة وطن الإعلامية، أن الاحتلال يعمق المأساة السورية والعربية، باستخدام الواقع السوري الحالي لخدمة مصالحه التوسعية.
وأبدى أبو عواد استغرابه من التهويل والتضخيم الإعلامي لزيارة الوفد الدرزي السوري، والذي تمثل زيارته استجابة لمشاريع الاحتلال، موضحا "ما زلنا نقع تحت وطأة واقع التنميط من قبل أنظمة وبعض وسائل الإعلام التي آخر همها خدمة الأجندات العربية"، موضحا انه خلال سنوات الحرب في سوريا كان يجري تواصل مع السوريين في الجولان المحتل من قبل وسائل الاعلام بصورة شبه يومية، ولكن بعد سقوط النظام في سوريا انقطع الاتصال معنا نهائياً، ولم يعد هناك أي تواصل معنا كدروز وجولانيين حتى في القضايا التي تهمنا.
وأضاف أبو عواد "أن تاريخ الدروز ملتصق بشكل وجداني بالوطن السوري على مر التاريخ، ويرفضون الانفصال، ومن يتحدث اليوم عن الأعلام الدرزية بنية الانفصال وإقامة دويلة درزية، فأنه يتناسى أن الدروز أسقطوا تلك المخططات والاعلام بأنفسهم بالسلاح بعد أن وضعته فرنسا بهدف تقسيم سوريا، وبعد احتلال الجولان أسُقطت الدولة الدرزية على يد من تبقوا من سكان الجولان في الأرض المحتلة وهم قلة".
وتابع أبو عواد "رغم محاولات الاحتلال وبعض وسائل الاعلام استغلال الوضع القائم لضرب المكونات في سوريا وفلسطين والمنطقة، الا أننا في الجولان نشعر أننا فلسطينيون بقدر ما نحن سوريون، ولكن للأسف البعض يحاول التضليل وتشويه الصورة، مثمنا فتح المجال لتوضيح الحقيقة عبر شبكة وطن".
وأضاف أبو عواد "أن الاحتلال يستغل كل فرصة كما هو الحال في الواقع السوري وحالة الفوضى والأزمات الاقتصادية لإغراء البعض، خاصة في المناطق التي تخضع أمنيا له كما في بلدة حضر شبه المحتلة والواقعة شرق الشريط الفاصل، ولكنها أمنياً تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي".
وأشار أبو عواد الى احتلال جيش الاحتلال لمناطق في جبل الشيخ، والتي بدأ العبث بها كما يحلو له، باستخدام كل ما يمكن استخدامه من أوراق ومخططات، وتحديدا محاولات استخدام الدروز بصورة علنية أو سرية وإظهار "إسرائيل" انها حامية للدروز.
وتابع أبو عواد أن "شعبنا السوري والدروز بشكل خاص في قلب الثورة، وهذا الاحتلال لم يستطع أن يُسقط الجولان أو يجعله يرضخ لمشروعه وأفشل محاولاته لفرض هذه المؤامرة علينا"، مشيرا ان الاحتلال حاول استغلال زيارة الوفد الدرزي السوري للجولان المحتل، لخلط الأوراق لذلك على كافة أبناء شعبنا الفلسطيني والعربي والسوري التعامل بوعي مع كل ما يجري، وعدم السقوط في مصائد الاحتلال وفيما يحاول وصمة لنا والانتباه لذلك.
لم تتوقف إسرائيل يوما عن ضرب النسيج الوطني الفلسطيني والعربي، من خلال ضرب الصوت الوطني في الطوائف خاصة الدرزية، وتهميش نضالهم وكفاحهم لمواجهة هذه المخططات.
وقال سعيد نفاع الناطق الرسمي باسم الحركة التقدميّة للتواصل، ان الحركة الصهيونية، ومنذ العام 1920 وهي تعمل بشكل ممنهج وفق سياسة فرّق تسد.
وأضاف نفاع "بعد تشكل اللجان الوطنية والنضال والكفاح ضد الاستعمار، ومع بدء الهجرات اليهودية للبلاد، كان توجه الحركة الصهيونية وفق تعليمات رئيس المنظمة حينها لضرب تلك اللجان التي كان يطلق عليها اللجان الوطنية الإسلامية المسيحية، وتشكيل لجان أخرى لضرب هذا التوجه، واستمر هذا الامر طيلة سنوات الانتداب البريطاني ومباشرة بعد النكبة".
وأشار نفاع أن التحدي الأساس بالنسبة لدولة الاحتلال كان يكمن بكيفية التعامل مع من تبقى من الفلسطينيين في أرضهم بعد احتلال فلسطين عام 1948، وهل يتم التعامل معهم كأقليات قومية أو مجموعة طوائف ومذاهب، لتقرر بعد ذلك وبشكل واضح التعامل على مستوى طوائف ومذاهب، لأن اعتبارنا كأقلية قومية كان سيحتم على إسرائيل وحسب كل القوانين الدولية رغم أنها لا تحترم أي قانون، استحقاقات هي أبعد ما يكون عن تنفيذها.
وتابع نفاع ان "الاحتلال الاسرائيلي سن عام 1951 قانون فرض الخدمة الإجبارية في الجيش، والذي يسري مفعوله على كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية بغض النظر عن انتماؤه، ولكن في البداية ولأسباب لدى الحركة الصهيونية والدولة، اقتصر التجنيد على اليهود فقط، وأعفي منه كل من هو غير يهودي ومن ضمن ذلك الدروز".
وتابع نقاع "لاحقا وبعد سنوات، تم إلغاء هذا الإعفاء عن الشباب الدروز والشركس، وهذه المعلومات يجب ألا تغيب عن البال خاصة أن هدف الاحتلال كان واضحا وهو تقطيع أوصالنا كشعب أو كأمة، ولمواجهة ذلك جرت معارك صعبة في تلك الأيام، وبقي القانون رغم النضالات الكبيرة التي قام بها الكثير من الشباب الدروز".
وعن زيارة الوفد الدرزي الأخير الى الجولان المحتل قال نفاع " ان تشكيل هذا الوفد يأتي في إطار هذه الخطة الإسرائيلية، علما أن الوفد لم يضم أي شخصية اعتبارية"، موضحا أن أهالي بلدة الحضر أصدروا بيانا واضحا لكل وسائل الإعلام قالوا فيه ان الوفد لا يمثل مجموع الأهالي، بل يمثل الأشخاص بشكل فردي، وان توقيته الآن على ضوء ما يحصل في سوريا، هو استمرار لدق الأسافين بين مكونات الشعب السوري والعربي.
وأوضح نفاع أن الحركة الصهيونية منذ عشرات السنين تقوم بحملة تحريض تشمل كل الدروز بشكل عام، وهذا الأمر خطير ويجب التعامل معه بوعي وبتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية قبل 48 وبعدها، وبمعرفة مساهمة العرب الدروز في هذه المعركة.
وتابع نفاع " أن مخططات الاحتلال تجاه سوريا ولبنان وشمال فلسطين، ومحاولات وخلق حاجز وما رسموه بدويلة درزية، هو مخطط قديم، حيث يسعى الاحتلال الآن لاستغلال الوضع السوري بشكل واضح لتنفيذ مثل هذه المخططات وتعميق الخلافات ودق الأسافين بين مكونات الشعب السوري واللبناني والفلسطيني والعربي مع مواصلة الاحتلال منع حتى التواصل الإنساني بين العائلات الدرزية الواحدة في الجولان المحتل وسوريا".