استعدادٌ إسرائيلي أمريكي لتوزيع المساعدات في غزة، واستبدالُ المساعدات المالية بالغذائية في لبنان.. خطواتٌ جديدة لتصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة
وطن: نظم اتحاد لجان حق العودة (حق) اعتصاماً جماهيرياً، أمام مكتب مدير خدمات الأونروا في مخيم البداوي في لبنان، نهاية الأسبوع الماضي، شارك فيه ممثلو الفصائل واللجنة الشعبية الفلسطينية وحشد من كوادر وأعضاء الاتحاد وجمهور من أبناء المخيم.
وحمّل الاتحاد إدارة الأونروا مسؤولية التداعيات السلبية، الناتجة عن تقليص خدماتها الأساسية لا سيما في مجال الصحة وبرنامج الامان الاجتماعي، وخلال الاعصتام تم توجيه انتقادات للأونروا، إثر توجهها لاستبدال المساعدة المالية بالمساعدة الغذائية، في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الراهنة، التي يعيشُها اللاجئون الفلسطينيون في لُبنان.
- أدوار الأونروا تتجاوز تقديم الخدمات، الأونروا تحمل أبعاداً سياسية جوهرية تتعلق بحق العودة
وفي تعليقه على ذلك يؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان، أركان بدر، أن أهمية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تتجاوز الجانب الخدمي، إذ تحمل أبعاداً سياسية جوهرية تتعلق بحق العودة.
ويوضح بدر، خلال حديثه لبرنامج "شد حيلك يا وطن"، ويبث عبر شبكة وطن الإعلامية، ضمن موجة "غزة الصامدة.. غزة الامل"، أن لجان حق العودة الفلسطينية في لبنان تنظم حراكاً مزدوج الأهداف، في المقام الأول تسعى للدفاع عن الأونروا في مواجهة الاستهدافات الإسرائيلية - الأمريكية المتصاعدة للأونروا، والتي بلغت حدّ السعي إلى إغلاقها وحظر أنشطتها في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وفي المقام الثاني تهدف للضغط على إدارة الأونروا من أجل الاستجابة لمطالب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويطالبون باعتماد خطة طوارئ اغاثية شاملة تستجيب لحاجة اللاجئين في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الكارثية.
- نسبة الفقر تتجاوز الـ85%..اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعيشون أوضاعاً كارثية
ويضيف بدر أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون أوضاعاً كارثية، تفاقمت بفعل الأزمة الاقتصادية اللبنانية المستمرة منذ أربع سنوات، إلى جانب العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
ويشير بدر إلى أن إنشاء الأونروا جاء مرتبطاً بتنفيذ القرار 194، ما يجعل استمرارها ضرورة ملحّة، خاصة في ظل تزايد معدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي تتجاوز الـ85%، وفقاً لدراسة مسحية أجرتها الأونروا مؤخراً.
- دور الأونروا تقليديٌ وغيرُ متناسب مع حجم الكارثة
وخلال حديثه ينتقد بدر تعاطي الأونروا مع الأزمات المتراكمة والمُتصاعدة، معتبراً أنه تقليدي وغير متناسب مع حجم الكارثة، ويأتي في إطار استهداف حق العودة ضمن العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده.
ويُشدد بدر على أنه لا بديل عن الأونروا إلا الأونروا، ولا بديل عن الأونروا سوى تطبيق قرار حق العودة لللاجئين الفلسطينيين رقم 194، داعياً المرجعية الفلسطينية في لبنان ومنظمة التحرير إلى تكثيف الحراك على المستويين السياسي والجماهيري، للضغط على إدارة الأونروا لوضع آليات وخطوات عملية تضمن الاستجابة لمطالب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
- الظروف الصعبة وعدم الاستقرار .. تهديدٌ مباشرٌ لحق العودة
ويحذر ضيفُنا من استمرار الحال على ما هي عليه، لافتاً إلى مخاطر كبيرة، فالظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون تدفعهم إلى الهجرة وعدم الاستقرار، وهو الأمر الذي يهدد النسيج الاجتماعي الفلسطيني ويمس بحق العودة، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف قضية اللاجئين منذ نحو 8 عقود.
- تحول مفاجئ بتوزيع مساعدات غزة.. شركة أميركية قد تتولاها
وتتعدد أوجه الحرب المسعورة على الأونروا، ولا تقتصر على تجفيف مواردها المالية، وتقليص خدماتها وتدخلاتها في مناطق عملياتها الثلاث في الخارج (لبنان، وسوريا، والأردن)، وفي تحول لافت عمّا جرت عليه العادة سابقاً، وبينما لا تزال المفاوضات بين الوسطاء جارية في الدوحة من أجل تمديد وقف إطلاق النار في غزة، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، أنه لا يمانع تولي الجيش الإسرائيلي مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، في خطوة كانت تلقى معارضة شديدة من قبل سلفه هرتسي هليفي.
وأبدى زامير استعداده لتبني نهج مغاير تماماً لما اتبعه هليفي، الذي رفض بشدة مشاركة الجيش في توزيع المساعدات أو إدارة أي جوانب مدنية في القطاع حتى ولو بشكل مؤقت، ما تسبب حينها في خلافات مع المستوى السياسي في إسرائيل.
- ما الذي تريده "إسرائيل" من إعلانها الأخير؟ وما علاقته بالمساعي الإسرائيلية الأمريكية لترحيل الفلسطينيين من غزة؟
وفي تعليقه على ذلك يقول الخبير في شؤون الأونروا سامي مشعشع، إن وكالة الغوث فشلت في القيام بمُهماتها كما عهدها في حروب الاحتلال المُتتالية على قطاع غزة، ويعدّ ذلك تحولاً خطيراً في مسار عملها الانساني الإغاثي.
ويقولُ إن تصريحات رئيس أركان الاحتلال الجديد باستعداد جيش الاحتلال تولي مسؤولية توزيع المساعدات الانسانية في قطاع غزة إنما هي بالون اختبار، مشيراً إلى محاولات اسرائيلية وأمريكية مُتعددة لإيجاد بدائل محلية أو اقليمية، تشارك الوكالة أو تحل محلها، خاصة بعد طرد الوكالة من شمال غزة في بداية عدوان الاحتلال على القطاع.
ويذكر أن تصريحات زامير الجديدة تتماشى مع تصريحات ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، ومع فكرة ايجاد بدائل للأونروا، وكذلك لسد ثغرات التوجه الدولي لما يُسمى باليوم التالي لغزة.
- تولي جيش الاحتلال تقديم المساعدات للاجئين بدل الأونروا، فكرةٌ جُرِبَت في السابق ولم تنجح
ويقول مشعشع إن فكرة تولي جيش الاحتلال تقديم المساعدات للاجئين بدل الأونروا، جُرِبَت في السابق ولم تنجح.
ويؤكد مشعشع أن تراجعاً كبيراً طرأ على أدوار الوكالة ليس فقط في قطاع غزة، وإنما في مخيمات شمال الضفة الغربية أيضاً، لافتاً إلى أن الوكالة كانت تتميز بقدرتها على التحرك سريعاً وفاعليتها بتقديم الخدمات الطارئة، ولكن ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على مُخيمات شمال الضفة للشهر الثاني على التوالي، لا تزال خطة الأونروا للاستجابة الطارئة لا تُلبي احتياجات مئات الالاف من اللاجئين في شمال الضفة وغزة، أضف إلى ذلك كله إعادة هندسة أدوارها في مناطق عملياتها الثلاث في الخارج.
- ما السبيل لمواجهة مخاطر تصفية الأونروا وشطب حق العودة؟
ويوضح أن الهجوم على الأونروا مزدوج بهدف انهائها سياسيا والقضاء على حق العودة والمساهمة في الترحيل والتهجير، بالتوازي مع تجويع الوكالة الأممية مالياً وتجفيف موادرها المالية.
ولمواجهة ذلك يُشدد مشعشع على بذل المزيد من الجهود في مسارين أساسيين، المسار الأول يتثمل بالامين العام للامم المتحدة والمفوض العام للأونروا، بحيث يكون سداً منيعاً أمام محاولات تفتيت الأونروا، إلا أن الامم المتحدة وإدارة الأونروا العليا بدأت تتكيف مع الواقع الجديد وتهادنه ولا تتخذ اي خطة لمواجهة التحديات التي تواجهها، وفي المسار الثاني ويعتبر مساراً فلسطينياً خالصاً، لا بد من التحرك سريعاً لتدارك هذا الخطر، وتحديد الرؤية وتصميم خُطة داعمة ومناظرة ورديفة، لتلك التي تُحاك لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين.