مركز أوراد لوطن: بعض نتائج استطلاعات الرأي تعبر عن شعور المواطنين بانفصال القيادات السياسية عنهم تحديدا في قطاع غزة

19.11.2024 05:27 PM

على السياسيين والقيادة الانتباه لما يجري في الضفة من مخططات الاحتلال، ومدى الجاهزة والاستعداد لأي مواجهة قادمة

تأييد نسبة من الجمهور لخيار إدارة دولية او عربية لغزة يعكس انفصال القيادات عن المواطنين وهذا يشكل خطرا على القضية الفلسطينية

هناك عدم اكتراث من قبل القيادات والحكومة بشأن نتائج استطلاعات الرأي في فلسطين

كان هناك فرصة للحكومة الحالية لرفع أسهمها وشعبيتها لدى الجمهور، لكنها لم تفعل ذلك بسبب غياب دورها

 



رام الله - وطن: أجرى مركز العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد" استطلاعا للرأي في الضفة الغربية وقطاع غزة مؤخرا، حول عدد من القضايا الحالية والمستقبلية المتعلقة باستمرار العدوان على قطاع غزة، وتطلعات المواطنين لإدارة القطاع بما يسمى "اليوم التالي" للحرب، والآمال الفلسطينية المتعلقة بمسار المفاوضات، وما هو المأمول من الحكومة الفلسطينية الحالية، وسط غياب لدورها الملموس لدى المواطنين، حيث رصد الاستطلاع تراجعا اقتصاديا كبيرا لدى الفلسطينيين.

وتحليلا لنتائج الاستطلاع قال مدير مركز "أوراد" د. نادر سعيد، خلال حديثه لبرنامج "شد حيلك يا وطن" ضمن موجة " غزة الصامدة، غزة الأمل" الذي يبث عبر شبكة وطن الإعلامية إن استطلاعات الرأي تعد آلية لسماع صوت الرأي العام، وهو الصوت الخافت خاصة في الحروب، وأهالي غزة يشعرون الآن بأنهم معزولون لوحدهم ولا يكترث بهم، أو يتحدث معهم أحد.

وأضاف سعيد انه رغم كل الظروف الصعبة، الا أن هناك 30% من المواطنين يرون ان الأمور قد تكون إيجابية، يقابلها نسبة عالية تصل الى 78% من المواطنين في غزة يقولون ان الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ، مشيرا الى أن رأي أهل غزة هو الأهم لأنهم يعيشون الواقع ويتعرضون لكل ما يرتكبه الاحتلال في القطاع، كما أنهم العامل الأهم الآن لأنهم باتوا وحيدين ومعزولين.

وأشار سعيد الى أهمية استطلاعات الرأي كونها أداة لتعبير المواطنين على رأيهم بكل ما يجري، مشيرا الى ان نسبة المواطنين المتفائلين تعكس معاني الصمود والإحساس بالقوة التي تعتريهم رغم كل ما يجري.

وحول أبرز النتائج التي جاءت في الاستطلاع وهي ان 60 % يؤيدون بشكل كلي وجزئي المواجهة العسكرية شمال الضفة، واعتقاد 52 % أنها تساهم إيجابيًا في إنهاء الاحتلال، وما إذا كانت النتيجة متساوية بين الضفة وغزة، قال سعيد إن هناك تباين في نتائج استطلاعات الرأي بين الضفة وقطاع غزة.

وأوضح سعيد أنه منذ بداية العدوان على قطاع غزة ظهرت مؤشرات لتباين واسع متزايد بين الضفة وغزة بحيث أن ما يحدث في الضفة يأتي كردة فعل إنسانية، بحيث يزيد التضامن مع غزة إذا زاد الإحساس بدعم المقاومة وحركة حماس.

وتابع سعيد "هذه النتائج تقول للسياسيين والقيادة أن عليكم الانتباه لما يحصل في الضفة، وما الخطة التي نسير باتجاهها وسط محاولات الاحتلال اغراقنا بها، وما هي الجاهزية للمواجهة القادمة باستمرار غياب دور الأحزاب والقيادات".

وذكر سعيد ان هناك 73% يؤيدون إدارة حكومة فلسطينية لقطاع غزة، بينما هناك 21 % في غزة يقولون إنهم لا يجدون مشكلة في إدارة دولية أو عربية للقطاع.
وقال سعيد ان مثل هذه النسبة ليست قليلة وتدلل ان القيادات انفصلت بأجمعها عن الناس في قطاع غزة، كما تشكل خطرا على مجتمعنا بحيث سيتم تصفية القضية الفلسطينية باتجاهين هما تصفية قطاع غزة وجعله هيكل عظمي للدولة الفلسطينية من خلال صفقات تجارية كبيرة في المنطقة، أو جعله منطقة سياحية كبيرة ووضع أهل غزة في الواجهة على أنهم عمال وموظفين لدى شركات دولية وعربية ستأخذ السيطرة في قطاع غزة بمعنى شراء غزة وفق تخطيط الاحتلال، على ان يتم اجراء مراجعة شاملة للضفة الغربية والرأي العام الذي يدعم ويؤيد المواجهات والمقاومة كخيار، وهو ما يطرح تساؤلات حول شكل هذه المواجهة والخيارات القائمة في ظل عدم وجود آلية للتوازن ما بين غزة والضفة.

ولفت سعيد الى أن نسبة تأييد حل الدولتين واستمرار المفاوضات وصلت الى 75% في غزة، واعتبرها سعيد نسبة طبيعية كونها تعبر عن مطلبهم ورغبتهم بوقف إطلاق النار ومدخل اظهار حسن النية للسلام، مقابل أن هذه النسبة في الضفة تصل الى أقل من النصف.

وأشار سعيد ان هذه المؤشرات مهمة كونها تعكس توجهات الشارع، وتشي بمن يقود ويوجه القضية الفلسطينية بعيدا عن منظمة التحرير وحتى من حركة حماس حول خيارات دولة فلسطينية واحدة على سبيل المثال، في ظل ما أظهره الاستطلاع ان أكثر من ربع المستطلعة آراؤهم يختارون دولة من النهر للبحر، وهو ما يدفع للتساؤل حول من يحمل هذا المشروع والخيار في ظلال التباين بين الفصائل والأحزاب والشارع.

وأضاف سعيد استنادا الى النتائج "من الواضح أن هناك فراغ هائل في قيادة الشارع، العجز والانتظار، وبالتالي فإن ترك المجال لكل أعداء القضية الفلسطينية لسد الفراغ سواء على المستوى العربي أو الدولي أو الإسرائيلي كما يحدث في الشارع في قطاع غزة اليوم من تهيئة معينة لعائلات وأشخاص من خلال الصفقات التجارية والتحكم بالناس".

وأكد سعيد "أن عدم الرضا من أداء الحكومة الحالية في قطاع غزة في ارتفاع علما انه كان بإمكانها تحسين ذلك" موضحا " أن الحكومة السابقة وفي الأشهر الأخيرة من عمرها كانت من أقل الحكومات الحاصلة على تأييد إيجابي من الناس، ولذلك كان هناك فرصة أمام الحكومة الحالية التاسعة عشر الحالية لرفع أسهمها ولكن للأسف مع غياب دورها في قطاع غزة، والحديث عن غياب دورها في الضفة الغربية كدورها في المجالس المحلية والأداء في التعليم".

وتابع سعيد " ان المواطنين لا يلمسون دور الحكومة في القضايا المهمة، ولهذا يتوجب عليها أن تكون مبادرة ومجابهة في الإعلام والدبلوماسية وفي بقية الأمور فالحكومة لا تتقدم من مكانها".

وضمن الحديث عن دور الحكومة قال سعيد إن 92% من المواطنين حسب الاستطلاع يقولون بان وضعهم الاقتصادي تراجع بنسبة كبيرة، ويرون ان من واجب الحكومة ان تخلق برامج عمل حتى تخفف من هذه النسبة من ناحية، ولتشعر المواطنين بوجودها وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية بينهم، وتشع بما يعاني منه الناس.

وأكد سعيد أنه رغم كل الظروف، والخلافات الداخلية الا أن فلسطين في قلب كل المواطنين وتنتقل من جيل الى اخر، لافتا أن الجيل الحالي أكثر تمسكا وإيمانا بحقهم ويعلمون بان السبب الرئيسي في التأخر نحو التنمية والازدهار هو الاحتلال، ويمتلك الجلد والقدرة على التحمل للسير الى الأمام.

وتطرق سعيد الى أهمية استطلاعات الرأي، مشيرا الى أن ثقافة استطلاعات الرأي موجودة منذ عقود في فلسطين الا أنها تواجه الآن صعوبات وعقبات خاصة في قطاع غزة نظرا لما يتعرض له من حرب ابادة، منوها الى أن الباحثين في غزة يصرون على مواصلة عملهم نظرا لما تحمله نتائج هذه الاستطلاعات من دلالات هامة.

وأضاف سعيد إن دول العالم الديمقراطية تولي أهمية لاستطلاعات الرأي وتأخذ بعين الاعتبار نتائجها وتدرس دلالتها على الحكم وتبني عليها الخطط، الا أننا في فلسطين نعاني من عدم اكتراث ولا مبالاة القيادات والحكومة بهذا الاستطلاعات ونتائجها وهذا ليس مفهوما.

تصميم وتطوير