اتفاقية لإنتاج الكهرباء من نفايات مكب زهرة الفنجان.. "آفاق" تكشف أبرز بنودها

21.06.2022 11:53 AM

وطن- فراس الطويل: يعود مكب زهرة الفنجان في شمال الضفة إلى الواجهة من جديد. هذه المرة بمشروع لاستغلال كميات النفايات الهائلة وتحويلها إلى كهرباء.

في نهاية أبريل/ نيسان الماضي، وقعّت الحكومة الفلسطينية ممثلة بوزير المالية شكري بشارة، ووزير الحكم المحلي مجدي الصالح، مع شركة ائتلاف الشمال، اتفاقية منح امتياز لمدة 25 عامًا لحرق النفايات وتوليد الطاقة.
مشروعٌ تؤكد الحكومة أن هدفه الأول "معالجة التحدي البيئي" الناتج عن المكب وذلك بالتخلص من النفايات والاستفادة منها في الحصول على الكهرباء في إطار خطط تنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد كليًا على "إسرائيل".
في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز ملامح "اتفاقية الامتياز" التي لم تُنشر للعلن، واكتفت الحكومة بنشر بيان صحفي عن توقيعها.

عودة إلى البدايات
تأسس مكب زهرة الفنجان عام 2007 على مساحة 220 دونماً، حلًا لمشكلة عشرات المكبات العشوائية في محافظتي جنين وطوباس.

يقع المشروع في منطقة زهرة الفنجان (وادي علي) بين بلدتي عرابة وعجة، ويبعد حوالي 15 كم جنوب جنين، و25 كم غرب طوباس، و23 كم شمال نابلس، و 24 كم شرق طولكرم، و50 كم شمال قلقيلية، فيما تبلغ التكلفة حوالي 14 مليون دولار.
بلغت تكلفة المشروع في حينه 14 مليون دولار، منها 9 مليون دولار قرض من البنك الدولي، 1.2 مليون دولار مساهمة من الهيئات المحلية، 3,75 مليون دولار منحة من الاتحاد الأوروبي، بسعة 2,25 مليون طن من النفايات. إلا أن المكب أصبح يستقبل النفايات من محافظات قلقيلية وسلفيت وطولكرم ورام الله والبيرة (بعد تعثر إقامة مكب رمون شرق المحافظة)، ما يعني أن هناك زيادة كبيرة في النفايات تفوق قدرة المكب الذي كان مخصصًا لاستقبال النفايات من محافظتين فقط.

مع تفاقم مشكلة المكب بسبب الكميات الهائلة من النفايات وعدم اقتصاره على نفايات جنين وطوباس وتوسعه لخدمة محافظات شمال الضفة ورام الله والبيرة، بدأت احتجاجات السكان في تلك المنطقة في إثر الروائح والمكاره الصحية الناتجة، وسط مطالبات بنقله.

لم تنجح خطط مجالس الخدمات المشتركة في تقليل كميات النفايات، وفشلت خطط فرز النفايات على مستوى المنازل والبلديات، وبقي تدفق النفايات إلى المكب في تزايد مضطرد مع تزايد أعداد السكان وانضمام محافظات جديدة ترحل نفاياتها إلى زهرة الفنجان.
مسيرة فشلت معها أيضًا كل محاولات الاستثمار في إعادة استخدام بعض أنواع النفايات، خصوصًا أن أكثر من 50% من النفايات في الأراضي الفلسطينية عبارة عن مخلفات عضوية.

يبلغ معدل كميات النفايات المرّحلة إلى زهرة الفنجان سنويًا قرابة 430 ألف طن، وبحسب وزارة الحكم المحلي تبلغ الكميات اليومية ما معدله 1200 طن يوميًا، أي 36 ألف طن شهريًا. كميات ترى وزارة الحكم المحلي أنه يجب النظر إليها من منظور آخر يستدعي الحد من الآثار البيئية والتوجه نحو استثمارها لإنتاج الطاقة.

عقد الامتياز وبداية الفكرة
في عام 2019 شكلّت الحكومة لجنة ضمت وزارة الحكم المحلي، ووزارة المالية، وسلطة جودة البيئة، وسلطة الطاقة، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وشركة النقل الوطنية للكهرباء.
أجرت اللجنة دراسة لواقع المكب، وخلصت إلى أن النفايات الناتجة يمكن استثمارها في إنتاج الطاقة، وفي حينها قررت الحكومة طرح مناقصة دولية لجلب مستثمرين في هذا المجال.

تنافست شركتان دوليتان على المناقصة، وحصل على عقد الامتياز ائتلاف شركة الشمال الذي يضم خمس شركات فلسطينية وهولندية وأردنية ممثلة بشركة "صروح". عطاء وصفته الوزارة بأنه الأول في الإقليم في مجال الاستثمار بالنفايات لتوليد الكهرباء.
وفي 28 أبريل/ نيسان الماضي، وقعّت الحكومة ممثلة بوزير المالية شكري بشارة، ووزير الحكم المحلي مجدي الصالح، مع شركة ائتلاف الشمال ممثلاً عنها زهير عورتاني، اتفاقية منح امتياز للنفايات وتوليد الطاقة في المكب بحرقها ضمن مواصفات بيئية.
وجاء التوقيع بعد قرار مجلس الوزراء بالمصادقة على توصيات اللجنة الوزارية للمشروع لإنتاج الكهرباء والتخلص من النفايات، وتكليف وزراء المالية والحكم المحلي بتوقيع الاتفاقية، ويتضمن المشروع وفق بيان صحفي نشرته وزارة الحكم المحلي، تصميم وبناء وتملّك وتشغيل محطة معالجة النفايات الواردة إلى مكب زهرة الفنجان في محافظة جنين وتحويلها إلى طاقة.

على هامش التوقيع، وصف وزير الحكم المحلي مجدي الصالح الاتفاقية بأنها "حدث مفصلي في إطار الجهود لتحويل النفايات من عبء صحي وبيئي إلى فرصة استثمارية تساهم في تحفيز الاستثمار في قطاع الخدمات على المستوى الوطني".
وشدد الصالح على أهمية المشروع في "معالجة التحدي البيئي والصحي الذي فرضه واقع المكب، وبالتالي إيجاد حل عملي لتحدي النفايات، الأمر الذي سينعكس ايجابًا على أهالي المنطقة".
بدوره، أشار وزير المالية شكري بشارة إلى أهمية هذا "المشروع الإستراتيجي" وما سينتج عنه من مخرجات تسهم في زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، الأمر الذي ينسجم مع توجهات الحكومة في هذا المجال، على حد تعبيره.

أبرز بنود الاتفاقية
بموجب عقد الامتياز، جرى منح ائتلاف شركات الشمال حق الاستثمار في نفايات زهرة الفنجان بمبلغ يفوق 100 مليون دولار لمدة 25 عامًا، تلتزم خلالها الحكومة بتوريد 1200 طن نفايات يوميًا، مقابل أن يبني الائتلاف محطة قدرتها ( 40 – 43 ) ميغاواط تتكفل الحكومة بشرائها بأسعار أقل بقليل من الأسعار المشتراة من "إسرائيل"، وتباع بعد ذلك للمناطق التي تعاني نقصًا في التيار وبنفس التعرفة الرسمية، وفق مستشار وزير الحكم المحلي وليد أبو حلاوة، متحدثًا لمراسل "آفاق البيئة والتنمية".
وبموجب الاتفاقية، تكون الحكومة ملزمة بتوفير الكمية المتفق عليها من النفايات (36 ألف طن شهريًا)، وفي حال تشغيل مكب رمون شرق رام الله وما سينتج عنه من تراجع في الكميات الصادرة عن محافظة رام الله والبيرة، عدّ أبو حلاوة أن هذه النقطة لن تكون مشكلة، إذ أن مجالس الخدمات والهيئات المحلية ستكون قادرة على توفير الكميات بسهولة مع زيادة أعداد السكان وما ينتج عنهم من نفايات.

ومن المتوقع أن تبدأ عملية توليد وبيع الكهرباء في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، تعدّ خلالها الحكومة اتفاقية أخرى ملحقة بعقد الامتياز لتنظيم عملية نقل الكهرباء من المحطة في زهرة الفنجان إلى التجمعات السكانية المستهدفة.
وبحسب مصادر تواصل معها مراسل "آفاق البيئة والتنمية"، أفادت أن الأسعار التي ستدفعها الحكومة مقابل الكهرباء المشتراة، ستبقى ثابتة عند المبلغ المتفق عليه في الاتفاقية، ويتراوح بين 35 و40 أغورة لكل كيلو واط.
وستكون الكمية اليومية المنتجة في حال عمل المحطة الجديدة لمدة 10 ساعات يوميًا بحدود ( 40 – 43 ألف ميغاواط/ساعة)، تبلغ قيمتها 15 ألف شيكل يوميًا، بما يعادل 5.4 ملايين شيكل سنويًا تدفعها الحكومة للشركة المنتجة، وتبيعها بعد ذلك وفق التعرفة الرسمية. 

ويبلغ حجم الطلب السنوي على الطاقة الكهربائية في الضفة، ألف ميغاواط بقيمة سنوية تصل 700 مليون دولار معظمها من إسرائيل.
فيما يرى متابعون أن تنويع مصادر الطاقة المحلية سيكون خطوة مهمة في سبيل تخفيف الاعتماد على إسرائيل التي تورّد نحو 90% من حاجة الأراضي الفلسطينية. وأخيرًا، بدأ صندوق الاستثمار الفلسطيني باستثمارات لتوليد الكهرباء من الشمس في مناطق متعددة سواء في أريحا أو جنين.

لكن مشروعًا من هذا النوع لا بد من انعكاسه على السكان خصوصًا في تلك المنطقة، وهي نقطة يقول أبو حلاوة إن الفائدة المرجوة للتجمعات المحيطة بزهرة الفنجان ستكون بتخفيف الروائح والمكاره الصحية إلى حد كبير بعد التحول في طريقة معالجة من النفايات من عملية الطمر إلى الحرق "الصحي" ضمن مواصفات بيئية عالية.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير