لبرنامج "عدل بودكاست" .. الباحث بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية فراس جابر: هناك غياب خطة وطنية للإغاثة في غزة، ونظام الحماية الاجتماعية لدينا ضعيف ويعاني من مشكلات عدة
رام الله – وطن: تُعد الحماية الاجتماعية، أحد حقوق الإنسان، وتضمن للجميع الحصول على الرعاية الصحية، في المراحل العمرية المختلفة، والظروف المتغيرة التي يمر بها المواطن وتعزيز الاستقلال الاقتصادية والاجتماعية، وتأمين الكرامة ومنح الأمل بالمستقبل.
وقال الباحث في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية فراس جابر، "ان الحق في الحماية الاجتماعية، يكمن بتوفير شبكة أمان اجتماعية للأفراد داخل المجتمع بما في ذلك حالات العجز وضعف والبطالة والمرض والإعاقة، بمعنى عندما يكون المواطن غير قادر على توفير الدخل أو العمل، فان نظام الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي يوفر له هذا الدخل من أجل الحفاظ على حياة لائقة وكريمة للمواطن، وعدم الوقوع في الفقر أو العوز.
وأوضح جابر في حلقة جديدة من برنامج "عدل بودكاست" الذي تنتجه الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، بالشراكة مع شبكة وطن الإعلامية ان هناك شكلين أساسيين من البرامج الاجتماعية، أولهما برنامج المساهمات "الاشتراكات" وهذا يكون من خلال مساهمة المواطن من راتبه الشهري حتى التقاعد ثم استرداد ذلك من خلال نظام "الضمان الاجتماعي"، وثانيهما من خلال نظام التقاعد العام كالموظفين الحكوميين ومن يرغب الانضمام اليه، الى جانب دور الدولة في توفير برامج حماية اجتماعية، مثل برنامج أفقر الفقراء والمساعدات النقدية التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية والذي يحاول التخفيف من معدلات الفقر.
وحول رواتب الجرحى وذوي الاعاقة والأسرى، ومدى تغطية القانون لهذه الفئات، أكد جابر ان هناك غياب لقانون الحماية الاجتماعية، ولرؤية فلسطينية استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية، لذلك تصبح التدخلات عبارة عن قوانين متناثرة دون وجود مرجع فكري اجتماعي ينظم هذه الحقوق، وبالتالي ما يُقدم للأسرى واسر الشهداء يبقى محصورا في إطار القانون والإمكانيات المتوفرة.
وأشار جابر الى وجود مشكلتين اساسيتين في نظام الحماية الاجتماعية، تتمثلان بغياب المرجعية والتطبيق وارتباطه بالتمويل والميزانية، لافتا ان غياب الحماية الاجتماعية يُفقدها أثرها وقدرتها على اخراج الناس من الفقر الى حياة لائقة وكريمة وتمكينهم اقتصاديا وتغطية احتياجاتهم الأساسية.
ولفت جابر الى وجود صراع عميق بين طبقات المجتمع، يدفع ثمنه الفقراء والمهمشون، ويتجلى ذلك في تفاقم التفاوت الاقتصادي والاجتماعي، الذي يظهر من خلال غياب العدالة في توزيع الموارد والخدمات، حيث تستفيد الشركات الكبرى على حساب الطبقات الأقل دخلاً، موضحا "أن الشركات باتت تركز على تحقيق الأرباح دون تقديم خدمات أو دفع الضرائب بشكل عادل، مما يزيد من الفجوة الاجتماعية".
وأشار جابر ان نظام الحماية الاجتماعية يعاني من ضعف في الحماية الاقتصادية للعاملين، ما يجعل المطالبة بالضمان الاجتماعي أمراً ضرورياً لضمان حقوق الأفراد وأسرهم.
اما بشأن اعداد خطط للمستقبل في مواجهة الفقر في غزة بعد استقرار الأوضاع وانتهاء الحرب، قال جابر ان المساعدات الانسانية تنقسم الى ثلاثة تصنيفات هي الاغاثة والتعافي والعودة للحياة كما كانت، لكن حتى الان لا يوجد لدى الحكومة اي خطة واضحة مُعلن عنها في موضوع الإغاثة.
ولفت جابر الى انه جرى العمل على تشكيل وزارة الاغاثة، وقد "عقدنا اجتماعا مع وزارة التنمية الاجتماعية لكن الخطط المطروحة صغيرة جدا لا تكفي لتحمل المجتمع" مضيفا ان "ما يقدم هو مساعدات طارئة ضمن برنامج أفقر الفقراء".
وتطرق جابر الى المساعدات الخارجية، موضحا "ان الاتحاد الاوروبي وضع فيتو في بداية الحرب على غزة من اجل منع إيصال المساعدات للأهالي في القطاع من اجل تشكيل ضغط سياسي، والحكومة انصاعت لذلك دون توفير بديل من الموازنة"، لافتا "ان برنامج الفقراء كان يمول بنسبة 55 % من الحكومة و45% بتمويب اوروبي و6% تمويل البنك الدولي وهذه الاموال لم تحول للقطاع.
واكد جابر أننا "امام غياب خطة وطنية للإغاثة في غزة"، داعيا للعمل على انشاء مبادرة وطنية، لإغاثة أهل غزة وبناء منظمة حماية اجتماعية، وعدم السماح للعبث فيها من قبل المانحين، لتوفير الحماية الاجتماعية لكل الفئات.
وأشار جابر الى ان معدلات الفقر ازدادت في فلسطين، موضحا " مع تعطل عمال الداخل المحتل فإن نسبة الفقر زادت حيث وصلت الى 58% كما ان نسبة البطالة في الضفة الغربية ارتفعت، ما يدلل اننا امام حالة اجتماعية تعاني من ازمة اقتصادية اجتماعية إنسانية عالية جدا دون وجود اي برامج للتخفيف منها".
وحول دور مؤسسات المجتمع المدني ودورها في وضع قوانين والضغط على الحكومة من اجل تشريعها لخدمة الفقراء وتأمين الحماية الاجتماعية قال جابر "ان غياب البيئة الديمقراطية للثقافة السياسية داخل المجتمع الفلسطيني أدت الى ان السلطة التنفيذية أصبحت كل شيء وصاحبة كل السلطات، بدون تشريع او قضاء مستقل، ولذلك فان ما لدينا فقط هو نشاط المجتمع المدني والإعلامي الذي يساهم في مساءلة السلطة وهذا لا يكفي".
ولفت جابر الى ان وزارات التنمية الاجتماعية في اخر 3 حكومات كان لديها افتقاد لفكر تنموي اجتماعي، وكانت تعمل بخطط قديمة يتم تطويرها وتحسينها وإطلاقها دون قناعة في تطبيقها.
وبشأن فشل منظومة الحكم، قال جابر "ان غياب الحياة الديمقراطية ووجود الفساد السياسي بكافة اشكاله، وعدم محاسبة المسؤولين، وانتشار الثقافة الفردية، يجعلنا بحاجة للضمان الاجتماعي والوعي من اجل مواجهة الفقر، لافتا الى ان الفساد في وقت السلم جريمة، وفي وقت الحرب جريمة مضاعفة".
واكد جابر انه من اجل الحد من الفقر في المجتمع، وتوفير الحماية الاجتماعية، فنحن بحاجة لقلب الهرم والإنفاق على الأولويات الأساسية كالتعليم والصحة، إضافة الى التقشف في النفقات، وإعادة التفكير في التنمية نفسها من خلال تفعيل القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة والابتكار والتعليم، من أجل انتاج فرص عمل وتحقيق دخل للأسر.