اليوم السادس عشر بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 30 يناير 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: غزة ما تزال تحت القصف، أطفالٌ يستغيثون وجرائم إبادة للعائلات

03.02.2024 04:46 PM

الطفلة ليان تتصل بالإسعاف، تستغيث أنقذونا، وقبل أن تكتمل جملتها لتحدّد موقعها، عجّلت بإسكاتها إلى الأبد رصاصةٌ غادرة لتنضم شهيدةً إلى أبويها وإخوتها الثلاثة الذين قتلتهم جميعًا داخل سيارتهم قذيفةُ دبابةٍ صهيونية. أما ابنة عمّها، الطفلة الصغيرة هند بقيت تئنّ وتستغيث كلّما التفتت ورأت كلّ من حولها من عائلتها صامتين بِلاح حراك، وأمامها مدفع الدبابة مصوُّبٌ نحوهم.

لا تهتزّ لهذا المشهد مشاعر السيد بايدن، ولا مشاعر رؤساء الدول الاستعمارية، بل يعتبرونه جزءًا من دفاع  الدولة الصهيونية عن نفسها لأنّهم يرون أطفال غزة قنابلًا ستنفجر في وجوههم. كما لا تهتزّ له أيضًا مشاعر الملوك والرؤساء والأمراء العرب، ومنهم من يحاولون التعجيل بأيّ اتفاقٍ بغضّ النظر عن نتائجه كي يرضى عنهم الأمريكيون، وكي ينتهوا ممّا يسمّى الحرب في غزة.

العشرات من الشهيدات والشهداء سقطوا اليوم في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، ويستمرّ حصار المشافي في خانيونس على غرار ما حدث في مدينة غزة وشمالها. كما تكرّر اليوم حصار مستشفى الشفاء في مدينة غزّة وتشريد الناس الذين لجأوا إليه بحثًا عن مكان آمن. العشرات أيضًا من عائلات بأكملها استشهدوا في غزة نتيجة القصف المدفعي والصاروخي على أحياء غرب المدينة ووسطها، حيث تتكرّر المأساة لليوم الثالث على التوالي، وكما حدث قبل عشرة أيامٍ أيضًا لإثارة خوف وفزع الناس تحت طائلة القتل والتشريد، وتدور الأحداث هكذا دواليك.

يحدث ذلك في ظلّ الحديث عن اتفاق جديدٍ قد يُبرم من أجل تبادل الأسرى تسعى له دولٌ عربية أيضًا، وجوهر هذه المساعي من وجهة نظر حكومة الحرب الصهيونية كما يُعلن رئيسها نتنياهو بنفسه: أن يتم تسليم الأسرى المُحتجزين في غزة في إطار هدنة مؤقتة، ورفض لوقفٍ نهائيّ للعدوان الغادر على القطاع.

هذا في الوقت الذي يُمارس فيه جيش الاحتلال ومعاونيه من عصابات المستوطنين جرائمَ حربٍ بالقتل والإعدامات المباشرة في الضفة الغربية مثل الجريمة التي وقعت في مستشفى ابن سينا في مدينة جنين وراح ضحّيتها ثلاثةٌ من الشبان، حيث تمرُّ هذه الجريمة وغيرها دون أن تُدان من المجتمع الدولي الذي يتبنّى الرواية الصهيونية.

إن تمرير مثل هكذا اتفاق في ظلّ التصعيد المرعب للعمليات العسكرية الصهيونية والضغط الدولي يعني المزيد من الخسائر والأثمان الباهظة التي يدفعها الشعب يوميًا قتلاً وتدميرًا للبشر والحجر والشجر، فما يُريده الشعب وما يجب أن يحدث هو وقفٌ نهائيّ لهذا العدوان، وانسحاب الجيش الصهيوني المُجرم نهائيًا من القطاع، وعودة المواطنين إلى مدنهم وقراهم، وخطّة سريعة لإعمار ما تم تدميره، وتعويض الناس عن  الخسائر التي لحقت بهم، والأهم من كل ذلك الاستمرار في ملاحقة مجرمي الحرب على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبوها، كي لا تضيع حقوق أطفال غزة ونسائها ورجالها.

زينب الغنيمي، من مدينة غزّة تحت القصف والعدوان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير