فلسطينية من غزة تتحدى الحصار وجائحة كورونا بصناعة جهاز تعقيم ذكي

19.10.2020 08:42 PM

غزة- وطن: أن تكون مبدعا يعني أن تكون لديك القدرة على الخروج بأفكار خلاقة وفريدة، والاستجابة بمرونة وإبداع للتحديات الصعبة والمشاكل التي تواجه أعمالك. بهذه الرؤية؛ استطاعت سفيرة ريادية الأعمال الشابة الفلسطينية هبة الهندي أن تتألق في العديد من ابتكاراتها التي دُونت تحت عبارة: لأول مرة في فلسطين وبعضها الأول من نوعه عالمياً.

بعد عملٍ دؤوب لعدة أشهر عقب انتشار جائحة كورونا حول العالم، صنعت الفلسطينية الهندي أول جهاز تعقيم ذكي بمجهود فردي، كما انتجت مزيدًا من الأجهزة بكافة أشكالها المتنوعة، حيث يجري استخدامها منذ أسابيع في مستشفيات ومؤسسات دولية ومحلية تنشط في قطاع غزة.
وقالت الهندي وهي معلمة وحاصلة على لقب سفيرة رياديات الأعمال: "فكرة الجهاز ليست محاكاة بقدر ما هي دراسة لما يمرُّ به العالم وماذا باستطاعتي أن أقدم لأبناء شعبي .. " وأضافت "إنه بلدي وعلي القيام بذلك".

جهاز لمقاومة الكورونا
ومن شأن نجاح تجربة الجهاز في قطاع غزة تجنيب حوالي مليوني انسان يعيشون في مخيمات مكدسة خطر الإصابة بالمرض، الذي أزهق أرواح أكثر من مليون إنسان حول العالم منذ اكتشافه في نهاية العام 2019 في الصين بحسب منظمة الصحة العالمية.
وأوضحت الهندي في حديث خصت به -آفاق البيئة والتنمية-أن الجهاز هو صنع محلي 100%، وجرى العمل على صناعته منذ ما يقرب من الـ خمسة شهور، وذلك بعد ظهور حالات مصابة بفيروس كورونا داخل مراكز الحجر في غزة، ومن ثم اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي شلت مناحي الحياة كافة.

"توقف الحياة في الربيع الماضي مع تفشي جائحة كورونا دفعني للتفكير بضرورة وجود مثل هذا الجهاز في القطاع". إذ يعتبر وصولها إلى غزة عبر المعابر الإسرائيلية مهمة مستحيلة وفق الهندي.
وأضافت: "في البداية عملنا على تطوير عمل أجهزة تعقيم اليدين الموجودة في غزة، إلا أنني وجدت وفريقي أنها لا تتقبل درجة لزوجة المعقم (الهاي جل) المتوفر في القطاع، مما كبد المؤسسات خسائر كبيرة جراء شرائها كميات كبيرة من المعقم، لذلك توجهتُ لتصنيع جهاز يلبي احتياجاتنا المحلية".

لماذا صُنع الجهاز؟
يحتوي اختراع الهندي على جهاز متطور لتعقيم اليدين ويتم التحكم من خلاله في كمية (الهاي جل) التي تُستخدم في تعقيم اليدين، مضيفة أنه يمكن للصغار استخدام الجهاز من خلال التحكم في مكان (الهاي جل) والذي يتراوح مكانه من 1سم-30سم.
كما يحتوي الجهاز على شاشة ذكية لعرض الفيديو، ويعمل عند أخذ الحساس sensor)) لإشارة الجسم من مسافة متر وحتى عشرة أمتار، كما أنه يعطي إرشادات وتوجيهات لكيفية تعقيم اليدين واستخدام الجهاز، لافتةً إلى أنه لا يمكن السماح بدخول المكان إلاّ بعد تعقيم اليدين والجسم، والتأكد من درجة الحرارة.

وصنعت الهندي وفريقها حتى الآن ثمانية أنواع من جهاز التعقيم الذكي، وكل نوع له مميزاته، حيث يوجد الجهاز الذكي الرقمي المتطور، والجهاز الذكي، والجهاز الآمن، والجهاز الخاص بالأطفال والمدارس، والجهاز الخاص بالمطاعم، والجهاز الخاص بالبوابات والمداخل، وجهاز التعقيم الذكي الخاص بالمصاعد.

ويتراوح سعر الجهاز الواحد بين 500 إلى 1500 دولار أمريكي وفق الهندي. وهي مناسبة للاستخدام في المراكز الحكومية والمؤسسات الأهلية والمحلية والأبراج السكنية، وحتى الجامعات والمدارس ورياض الأطفال.
ووفق الهندي فإن الجهاز بمختلف أشكاله تتوفر فيه كل الأمور الاحترازية الموافق عليها من قبل وزارة الصحة.
وعدِّدت الهندي أبرز ميزات تلك الأجهزة، فمن وجهة نظرها تتمتع "بمواصفات قوية جميعها تعمل على تلبية الغرض الأساسي منها وهو توفير التعقيم المناسب للحماية من فيروس كورونا، وذلك من خلال تعقيم اليدين، والجسم والقدمين إضافة الى قياس درجة الحرارة، ووجود مكان لوضع المحارم المعطرة".

وأضافت: "كما توجد أنواع أخرى من الأجهزة تعمل على تعقيم اليدين وقياس الحرارة ورذاذ الجسم، توجد ميزة تعقيم القدمين بالكلور في أنواع أخرى من أجهزة التعقيم الذكية التي يتم تصنيعها".

وأردفت الهندي: "توجد أيضًا ميزة حساب عدد من يدخل من البوابة، ووسيلة اتصال تخبر المسؤول عند انتهاء (الهاي جيل) وضرورة إعادة تعبئته"، منبهةً إلى أنه في حال عدم وجود المعقم في الجهاز، يتم فصل زر الأمان عن البوابة وإغلاقها حتى لا يُسمح لأحد بالدخول.

ولفتت إلى أن هناك أجهزة تعقيم ذكية خاصة بالمصاعد حيث يتم ربط الجهاز بالناقل الكهربائي الذي لا يفتح لمستخدم المصعد إلا بعد إجرائه عملية التعقيم بالكامل، وكذلك توجد أجهزة يمكن ربطها بالبوابات للمؤسسات والشركات.
وأكدت الهندي أنها تعمل على تطوير الأجهزة باستمرار بما يضمن مزيدًا من الكفاءة في العمل، لافتةً إلى أن آخر ما تمت إضافته من مميزات، هو أنه مهما عقم الشخص نفسه ولكن درجة حرارته أكثر من درجة الحرارة الطبيعية، فإن البوابة لن تفتح له.
وشدّدت على أن الجهاز صديق للإنسان الذي لن يحتاج إلى لمس أي شيء، وإنما فقط عليه وضع اليد في المكان المخصص للحساس sensor)) والذي يعمل على قياس درجة الحرارة ومن ثم تزويده بكمية مناسبة من السائل ثم تعقيم اليدين ورش رذاذ للجسم، وفي نفس اللحظة تعقيم القدمين، وكل ذلك خلال خمس ثوانٍ فقط "مع إعطائك ترحيبًا بالمكان الذي توجد به".

تصنيع الجهاز وتسويقه
وذكرت الهندي أنه تم بالفعل استخدام الجهاز في المستشفى الدولي للعيون، وكذلك في أحد مخابز قطاع غزة "مخبز اليازجي"، ويتم الآن تجهيز أكثر من جهاز لعدة جهات أخرى منذ أسابيع، وكانت ردود الفعل "جيدة" ولم ترد أي شكاوٍ على هذه الأجهزة.
وفي معرض ردها على سؤالٍ حول إمكانية استخدام الجهاز في المدارس؛ أعربت الهندي عن أملها بأن يكون هناك تعاون مع المؤسسات التعليمية لحماية الطلاب وخصوصا بكشف درجة حرارتهم، واعطاء الإنذار اذا ما كانت مرتفعة عند تعقيم اليدين.

وعن رحلة تصنيع الجهاز لخّصت الهندي تجربتها بالقول بأنها جاءت مزيجَ عمل متواصل مع مجموعة من المهندسين. "كان السؤال الكبير الذي يخيم على تفكيرنا: كيف يمكننا المساهمة في التقليل من الاصابة بفيروس كورونا لإيماننا بأن القطاع اذا ما تفشى به المرض فلن يفلت منه الا القليل، ومن هنا جاءت فكرة جهاز التعقيم الذكي الذي يمكن للمؤسسات وحتى الأفراد اقتناءه. عملنا على تطوير أجهزة تعقيم بغزة ولكن كل التجارب فشلت لأن المعقم لدينا لا يتناسب وهذه الأجهزة ومن هنا كانت الإنطلاقة".

وتشير الى جملة من الصعوبات كان أبرزها الحصول على اللوحات الالكترونية والعدسات المتخصصة لذلك الجهاز والسنسور الحساس وهو قطعة الكترونية تمكّن الفريق من صناعتها والتطوير عليها لأن اجهزة التعقيم الموجودة في غزة لا تتطابق مع سنسور الأجهزة الحساسة، والكثير من أجهزة التعقيم القديمة في غزة اصيبت بالتلف، ومن الصعوبة إعادة استخدامها لأنها صناعة خارجية.
وتضيف: "نجحنا في اجتياز كل هذه الصعوبات وتمكّنا من صناعة هذه الأجهزة وأهم ما يميزها أنها لا تسمح لك بالدخول الى المكان المراد، اذا ما تبين أن هناك ارتفاع في درجة حرارتك حتى لو التزمت بكافة الاجراءات المطلوبة".

كيف يعمل الجهاز؟
وتستعرض الهندي عمل الجهاز بالقول الجهاز يقوم بعملية تعقيم للجسم واليدين بالإضافة لقياس درجة حرارته من خلال ثلاثة مستشعرات تعمل في آن واحد، فعند وضع الشخص يده للتعقيم يتم عمل المستشعرات وترسل الأوامر (الإشارات) من اللوحة الرئيسية المصُنعة لتنفيذها، كما أن عمل الجهاز يتم ربطه بالبوابات والمصاعد الكهربائية، فلا يُسمح بدخول الأشخاص إلا بعد إكتمال عملية التعقيم، بالإضافة إلى تقنية إنذار عند درجة الحرارة المرتفعة وعدم السماح للشخص بالدخول.

وبحسب الهندي يحتوي الجهاز على ثلاثة مستشعرات حيث يعد المستشعر الأول المسؤول عن تعقيم الجسم واليدين وقياس الحرارة بالإضافة إلى احتساب عدد الأشخاص الذين استخدموا الجهاز، ويرسل هذا المستشعر بيانات (إشارة) للوحة الرئيسية بأن هناك شخص سيقوم بعملية التعقيم، ومن ثم تقوم اللوحة بإرسال عدة أوامر في آن واحد مفصلة وهي على النحو التالي:
أمر لتعقيم اليدين- ثم أمر لقياس درجة الحرارة ومن ثم أمر لتعقيم الجسم على هيئة رذاذ، يليه أمر لاحتساب عدد الأشخاص الذين إستخدموا الجهاز.

وتضيف: "تعمل اللوحة الرئيسية على إرسال أربعة أوامر يتمثل الأمر الأول للمضخّة المسؤولة عن نزول المادة المعقمة لليدين والتحكم في كميتها ومدى التقاط إشارة اليد من المستشعر، حيت يستطيع إلتقاط الإشارة من 1 سم – 25 سم. فيأتي الأمر الثاني للمضخة المسؤولة عن نزول الرذاذ لتعقيم الجسم، ومن ثم الأمر الثالث للعداد لاحتساب رقم واحد لإستخدام الشخص الأول للجهاز، ومن ثم يتسلسل عدد مستخدمين الجهاز، فيما يتمثل الأمر الرابع لقياس درجة حرارة الجسم من خلال درجة حرارة اليد التي استكشفها المستشعر.

وفيما يتعلق بالمستشعر الثاني المسؤول عن عرض الفيديو عبر الشاشة الذكية حيث يقوم بإرسال إشارة عند دخول أي شخص من البوابة من مسافة 1م – 10م، ويتم تحويلها إلى اللوحة الرئيسية ومن ثم تقوم اللوحة بعملية تشغيل الفيديو.
اما المستشعر الثالث المسؤول عن فتح البوابة أو المصعد الكهربائي في حال إكتمال عملية التعقيم الصحيحة، فيقوم بإرسال إشارة إلى اللوحة الرئيسية عند اكتمال عملية التعقيم المزدوجة (يدين وجسم)، بناء على التقنيات في برمجة اللوحة الرئيسية لفتح البوابة أو المصعد .
وتشير الى أن الجهاز موفر للكهرباء حيث يعمل بدون كهرباء ولمدة ثلاث ساعات متواصلة ويعمل على بطارية ايضا لمدة ست ساعات متواصلة. وتختم بالقول: "أهم ما يميز الجهاز الجودة وأنه صناعة محلية وبأيدٍ فلسطينية".

المهندسة هبة نظمي الهندي من سكان مدينة غزة تعمل في مجال التعليم وهي مديرة شركة strategy mission للإدارة والتسويق، حصلت على جائزة منظمة التعاون الاسلامي لإنجازات المرأة، كما حصلت على لقب سفيرة رياديات الأعمال. بمجهود فاق التوقعات نجحت في اختراع جهاز تعقيم ذكي وبأنواع متعددة يستخدم في كافة الأماكن دون أن يشكل أي خطر على سلامة الإنسان.
نجحت وفريقها "صناع ابتكار" دون أي مؤسسة داعمة في تصنيع ثمانية اجهزة تمثلت في: جهاز التعقيم الذكي الرقمي المتطور، جهاز التعقيم الذكي الرقمي، جهاز التعقيم الذكي، جهاز التعقيم الآمن، جهاز التعقيم الخاص في المصاعد، وجهاز التعقيم الخاص بالأطفال.
جهاز التعقيم الذكي يستخدم حاليا في مستشفى الدولي للعيون، وفي بعض المخابز بقطاع غزة، وحاليا يتم تجهيز العشرات منه لمؤسسات ومحال تجارية ورياض أطفال وغيرها الكثير.

 

آفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير