في القدس، علينا ان نعيد الحسابات-ايهاب الجريري.

02.03.2013 11:08 AM
رام الله - وطن: علينا أن نعترف بما لا يدع مجالا للشك بأن مؤسساتنا الرسمية فشلت في مواجهة الماراثون، أو ما يسميه البعض ماراثون توحيد القدس، لقد فشلت مؤسساتنا فشلا ذريعا، فشلا يجب ان يحاسب عليه البعض، ويجب ان تقم التجربة من خلاله، فعلينا ان ندرك أنا ما حصل من تنظيم للفعاليات الرسمية في مواجهة الماراثاون الإحتلالي لا يتعدى كونه فضيحة، خسرنا فيها جولة أخرى من المواجهة في القدس.

لقد كتبت قبل اسبوع من الآن رسالة للرئيس محمود عباس، طالبته فيها بتوحيد الجهود المبذولة لمواجهة الماراثون الإحتلالي، ومما قلت فيها " ما يحدث في القدس مخجل ومعيب، وخاصة أن الكل في القدس بيضرب بسيف الرئيس، لا يعقل أن نواجه ماراثون اسرائيلي في القدس بثلاث أنشطة فلسطينية متصارعة، ثلاث أنشطة فلسطينية مشتتة، ثلاث ماراثونات فلسطينية هزيلة، ثلاث جهات فلسطينية تعمل كل واحدة منفصلة عن الأخرى (وكلها جهات محسوبة على السلطة)، القدس لا تحتاج وزير فقط، ولا تحتاج محافظ فقط، القدس تحتاج إلى هيئة وطنية عليا مستقلة لمتابعة شؤونها وتقديم الدعم المطلوب، ووضع النهج المطلوب للعمل فيها. أما ما يجري الآن، وكيف يجري، سيجعلنا فقط نخسر ما بقي من القدس".

ما الذي حدث في القدس؟ كيف حضرنا أنفسنا لمواجهة الماراثون الإحتلالي؟ أي صدى لكل ما قامت به الجهات الرسمية الفلسطينية في مواجهة هذا الماراثون؟ إن كل ما حدث لا يتعدى سباقات صغيرة سرعان ما تم تشتيتها من قبل شرطة وجنود الإحتلال بدون أي ضجة لقلة المشاركين فيها، خاصة أن قوات الإحتلال اعتقلت اثنان من اهم الناشطين في القدس عشية المارثون وهما عمر الشلبي ومنى بربر، وكل منهما كان رأس حربة في مواجهة هذا الماراثون، فلم نستطع لملمة أنفسنا، ولا لملة الأنشطة ودفعها باستمرار للتقدم، هذا عدا عن أن أنشطتنا كانت مشتتة، مما شتت الجهود الإعلامية في الترويج لها وفي دعمها، في حين أن دولة برمتها هي دولة الإحتلال، خططت، وروجت ودعمت لنشاط واحد. وبالتالي فإننا شتتنا كل جهودنا ونحن الحلقة الأضعف في القدس، في حين أن دولة الإحتلال ركزت جهودها وهي أصلا المسيطرة على تفاصيل القدس، باستثناء التمرد في عقول وصدور الشباب والجيل الجديد فيها.

إن تقييم ما جرى في القدس لمواجهة الماراثون الإحتلالي، من شأنه أن يساعد في إنجاح فعاليات المقاومة الشعبية في القدس أكثر وأكثر، لا يمكن من الآن فصاعدا القبول بنفس اخفاقات الماضي في العمل في القدس، لأنه باختصار شديد، لم يبقى من القدس الكثير كي نجرب، أو كي نمرر الإخفاق تلو الإخفاق. هنا لا الوم النشطاء في القدس، بل الوم المؤسسات التي كان بإمكانها أن تقوم بتوحيد تلك الجهود، بدلا من دعم أنشطة بحد ذاتها على حساب أخرى، وفي النهاية لم ننجح وفق الحد الأدنى المطلوب للنجاح. السؤال الملح الآن، إذا كانت معركتنا مع الاحتلال في القدس بهذا الحجم، وبهذه الاستراتيجية، لماذا لا توجد حتى الآن هيئة وطنية عليا مستقلة لإدارة المعركة في القدس؟

لقد سطع نجم الشباب فقي القدس بالأمس، ونجم المبادرات الشبابية، والأندية الرياضية، والتجمعات الصغيرة التي اربكت سلطات الإحتلال، والتي فرضت الوجود الفلسطيني في القدس، فرفرت الأعلام الفلسطينية في كل المفارق، وعلى كل الطرقات، بمبادرات صغيرة غير مدعومة، وبجهود شباب لا يعرفون حسابات المصالح والانتهازية، كل ما كان يهمهم هو أن يمسحوا خطا الغرباء عن القدس، وأن يجوبو في شوارعها معلنين الأمل للناس هناك، مؤكدين أنهم موجودون وبأنه لا توجد قوة على الأرض يمكن لها أن تمحي وتطمس وجودهم هناك، لقد أثبتوا أنهم جيل جديد من الشبان في القدس، وهو الجيل ذاته الذي فاجأ الإحتلال في القدس أثناء الحرب الأخيرة على قطاع غزة بحجم وقوة المواجهة، وهو نفس الجيل الذي اشعل الضفة بالأمس، وهو نفس التحدي المستمر في بلعين منذ ثماني سنوات بلا كلل او ملل، وهو اللامألوف الذي نراه كل يوم جمعة في كفر قدوم من مواجهة لم يعهدها الإحتلال، هناك حيث يعيد الاحتلال حسابته في كفر قدوم لا نحن... يجب ان نقيم كل ما جرى في القدس لمواجهة الماراثون، ويجب ان نجعل الاحتلال يعيد حسابات في القدس أيضا...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير