"رحلة الالام" الى 45 دقيقة

11.03.2019 08:55 AM

رام الله- وطن-مي زيادة: تبحث عيوننا عنهم..نلتفت يمينًا ويسارًا ونتساءل فيما بيننا اين انس وعمر؟..وعندما تلتقي العيون يبدأ القلب بالخفقان بسرعة وكأنه سيخرج لهم مهرولا من فرط الشوق والانتظار والشغف... هكذا وصفت ليلى لحظات اللقاء الاولى بشقيقيها الاسيرين انس وعمر حمارشة يوم امس في سجن "مجدو"، مع شقيقاتها ضحى ومجد وساجدة وجدتها بعد منع والدتها على حاجز الجلمة من الزيارة وسحب تصريحها.

رغم رحلة الالام الطويلة، ومحطات الانتظار والتفتيش الكثيرة، الا ان لحظة اللقاء تُنسي الانسان ألم جسده وروحه، كما تروي ليلى لوطن، قائلة: "خرجنا من المنزل السابعة صباحا، ركبنا باصات الصليب الاحمر المخصصة لأهل الاسرى، اخذنا التذاكر وتوجهنا الى الجلمة، عبرنا من البوابات الالكترونية حيث التفتيش وفحص الجوازات والهويات والتذاكر، احتجزني الجنود انا واختي مجد في غرف منفصلة لدقائق لاجل الفحص الامني".

وتتابع، "من الجلمة استقلينا الباصات الى سجن "مجدو"، وهناك تبدأ رحلة عذاب جديدة، تبدأ المجندة بقراءة اسماء الاسرى وتقسيمها الى مجموعات، كنا في المجموعة الاخيرة، وبدأت الزيارة الساعة الثالثة عصرا".

وتضيف "بدأت المجموعة الاولى بالدخول من بوابة الفحص الجسدي، حيث يمنع ادخال اي شيء حتى علبة المحارم الورقية، تُعطيهم التصريح ويمكنك ادخال الكتب ان سمحوا لك، والتي يجب ان تكون بحسب مواصفاتهم، ولتستمر رحلة العذاب مع مرحلتي التفتيش عبر البوابة والتفتيش الجسدي من خلال مجندة للنساء وجندي للرجال".

وتتابع "بعد انتهاء التفتيش المذل والمهين، تجد نفسك في قاعة انتظار طويلة وكبيرة جدا، وتبقى فترة انتظارك مربوطة بالحظ فقد يمر الوقت سريعا ويحين موعد لقائك بقريبك الاسير وقد يطول ويطول جدا الانتظار ".

وتصف ليلى لحظة رؤيتها لشقيقيها قائلة " دخلنا وبدأنا بالنظر من حولنا حتى وجدنا انس وعمر، ركضنا وبدأت القبلات والضحكات والقلب لم يتوقف عن الخفقان طوال الزيارة، والعيون بدأت باللمعان، لكن وقت اللقاء ليس طويلا فنجلس منفصلين بعائق زجاجي بيننا وسماعة اذن في الجانبين نأخذها بالتناوب للحديث معهم".

وتضيف "لم يتوقف انس وعمر عن الحديث رغم التعب والارهاق والمرض والحزن بسبب منع والدتي من الزيارة، الا ان انس سرعان ما بدأ يروي لنا ماذا يفعل مع شقيقه والاسرى الاخرين، فأخبرنا انه يلعب كرة الطائرة، وضحكته الساحرة محبوبة لدى الاسرى في القسم رغم صغر سنه، وروح الفكاهة لديه عالية رغم قيد السجن، واخبرنا عمر انه سيطهو اليوم "فتة عدس رهيبة"، وبدأ يخبرنا عن مكوناتها وكيف سيطهوها، تحدثنا وضحكنا كنا سعيدين، حتى قرع الجرس، وبدأ الجنود باخراجنا والصراخ بأن الزيارة انتهت، وكأننا صدمنا بشحنة كهربائية قوية، غابت الضحكة وامتلأت العيون بالدمع على الفراق، عدنا الى البيت وبقيا في السجن".

يذكر أن انس، اعتقل من منزل عائلته في بلدة يعبد قضاء جنين في السابع من تشرين اول الماضي، وحكم بالسجن مدة عامين علما ان يعاني من مرض نادر في القدمين، أما عمر مازال موقوفا دون حكم، واعتقل في الثامن والعشرين من ذات الشهر، وهما نجلي الاسير المحرر المقعد عدنان حمارشة.

45 دقيقة هي مدة الزيارة للأسير في سجون الاحتلال لجميع افراد عائلته كل اسبوعين او كل شهر، والذين يتناوبون على سماعة هاتف لسماع صوت، ويتأملون ملامحه من خلف زجاج سميك لا يستطيعون كسره لملامسة وجهه .. 45 دقيقة يصل اليها اهالي الاسرى بعد رحلة الالام الطويلة التي بدأت منذ 70 عاما ولا تزال مستمرة.

تصميم وتطوير