في كفر نعمة.. القصة كما لم يروِها الاحتلال ولن يرويها

04.03.2019 05:04 PM

رام الله- وطن- رولا حسنين: 3 شبان يعملون في مخبز، كل منهم من قرية فلسطينية غرب رام الله، جمعتهم لقمة العيش المريرة التي يكاد يحصل عليها الفلسطيني الذي يرى نفسه ميتاً وإن كان على قيد حياة لا تشبه الحياة التي لُقنّا مراراً أنها جميلة.

ثلاثتهم خرجوا فجر اليوم متوجهين الى عملهم، ومن المعروف أن المخابز تعمل ليلاً ليكون الخبز المباع في الأسواق على أكمل جهوزيته مع ساعات الصباح الأولى، ولكن القدر هذه المرة غيّر مسارهم، اثنان منهم أصبحوا في ركب الشهداء، وآخر يرقد بوضع صحي حرج في مشافي الداخل، بعد أن أطلق عليهم الاحتلال وابلاً من الرصاص بزعم أنهم نفذوا عملية دهس ضد جنود الاحتلال الذين كانوا يقتحمون قرية كفر نعمة غرب رام الله.

اللافت في الأمر أن الطريق التي أعدمهم الاحتلال فيها تربط عدة قرى، وتشهد حوادث سير بشكل مستمر، لجغرافيتها الصعبة نوعاً ما.

وقوفاً عند الشهيد أمير محمود دراج (20 عاما) من قرية خربثا المصباح والذي عقد قرانه قبل نحو شهر وموعد زفافه في تموز المقبل، اليوم تقف عروسه أمام حلمها الذي تحطم، أمام صورة عريسها وهو يبتسم وتقول له: وعدتني ألا نفترق وها نحن نبدأ لقاءنا بالفراق! لماذا جمّلت الحياة في ناظري وبهذه السرعة رحلت، لماذا كان قدر الفقد حتميّا على قلبي وأنا التي عاهدتك أن نسير معاً، فأين أولى خطواتك معي، هل بعثرتها الرصاصات كما بعثرت قلبك، ألم يستطع حبي لك أن يحمي قلبك من الموت المُبكر بنار حقدهم، ألم يكن الليل جميلا بتسامرنا، كيف تبدل الحال! أنا أكره الليل بعد اليوم".

ولا يختلف الحال كثيراً لدى الشهيد يوسف رائد عنقاوي (20 عاماً) من قرية بيت سيرا، الذي غادر منزله يحمل هموما لا يعلمها إلا الله ثم قلبه، بعثر أحلامه جنود لاهون بنا وبوطننا، بينما لم يكن قدر الشهادة حتميّا على الشاب هيثم جمعة علقم من قرية صفا الذي أصيب بجراح حرجة واعتقله الاحتلال مثلما احتجز جثامين الشهداء، ربما ليظل شاهدا على غدر الاحتلال وكذبه، وربما ليكون صاحب القول الفصل ما بين صدق كلامنا ورواية الاحتلال المزيفة دائماً، ليكون الأثر الذي سيظل يذكّر تلك الجغرافيا أن على أرضها جرى اعدام شابين بعمر الورد، لم يكن حلمهم سوى عيش كريم في وطن حرّ.

ما يدلل على كذب رواية الاحتلال أن مَن ينوي تنفيذ عملية دهس، لا يخرج ثلاثتهم في مركبة، ولا ينفذونها في طريق لم يسبق أن شهدت عمليات دهس، ولكنه الاحتلال الذي يبرر قتلنا دائماً لا بد أننا اعتدنا على كذبه وزيف قوله، فهو حرّف التاريخ فكيف لا يحرّف حادثة اعدام ومجرياتها..

لا نقول سوى أعان الله قلب عوائلهم وعروس الشهيد دراج على هذا الفجر الذي حمل في طياته كمّاً هائلاً من الوجع..

تصميم وتطوير