استراتيجية التوجة الى التعليم المهني وأزمة البطالة في بلادنا

03.04.2016 08:30 AM

كتب: عقل أبو قرع

لاحظنا في الفترة الاخيرة ازدياد الاهتمام ولو بشكل غير منسق او غير منظم في التعليم المهني، او التعليم التقني، او بالادق التعليم غير الاكاديمي، اي ليس التعليم الذي اعتدنا علية في الجامعات والكليات المختلفة، ورغم عدم وضوح وجود خطة استراتيجية بعيدة المدى تتعامل مع التعليم المهني بشكل مستدام، اي بشكل يصبح يشكل جزءا أساسيا من نظام التعليم في بلادنا، اي ليس مرتبطا بمشروع هنا او برنامج هناك او توفر اموال من هذه الجهة او تلك، رغم ذلك فأن الاهتمام بالتعليم المهني، وبالاخص في اوضاع أو في ظروف مثل ظروف بلادنا، هي ظاهرة ايجابية تتطلب الدعم والتشجيع والحث على المضي فيها قدما، سواء من ناحية النوعية او الكمية، ولكي تصبح جزءا اساسيا من استراتيجية التعليم في بلادنا، لا تتغير بتغير الاشخاص او بتغير اولويات الدعم والمنح؟

والتعليم المهني يرتبط بشكل مباشر بأفاق العمل والتشغيل والبطالة، وفي بلادنا تبلغ نسبة البطالة وحسب الاحصاءات الحديثة حوالي 24% من القوى العاملة، وتصل هذه النسبة معدلات اعلى بكثير عند الخريجيين الجامعيين، وقد تصل الى حوالي 80% عند الخريجين الجدد في بعض التخصصات، وهذا الوضع هو وضع مأساوي بكل معنى الكلمة، مأساوي للخريجين ولعائلاتهم اللاتي استثمرت فيهم، وللوزارات المعنية بالتعليم العالي والتخطيط والعمل والاقتصاد وما الى ذلك، وكذلك وضع مأساوي للمجتمع الذي يعتمد من اجل النمو والتقدم والتنمية على استثمار هذه الاجيال التمعلمة والمتدربة.

ومن المعروف أن عشرات الالاف من الطلبة الجدد يلتحقوا بالجامعات كل عام، وان جزء كبير من هؤلاء الطلبة يلتحقوا في تخصصات مكررة في الجامعات الفلسطينية، وهم يعرفون ان فرص ايجاد عمل في هذه التخصصات هي فرص ضئيلة او معدومة، وتعرف كذلك الجامعات والوزارة ان المجتمع الفلسطيني قد اصبح مشبع او وصل درجة فوق الاشباع في هذه التخصصات وبالتالي لا حاجة اليها، او على الاقل لا حاجة اليها في كل الجامعات، وان بقاؤها قد اصبح عالة على المجتمع ويعكس سؤ التخطيط او الادارة من قبل الجامعات والجهات المسؤولة وكذلك يظهر عدم الاهتمام بمستقبل الخريجين وبحاجات المجتمع؟

وفي ظل هذا الوضع، تتجلى اهمية التعليم المهني او التقني، او التعليم غير الجامعي والذي هو ربما اهم من التعليم الجامعي في بلادنا، والذي تستثمر فية الدول المتقدمة الجزء الاكبر من الميزانية ومن الخطط الاستراتيجية، والذي يقبل علية الكثير في هذه الدول، ورغم الاهتمام المتزايد في التعليم المهني عندنا، الا ان القليل قد تم عل الصعيد العملي، من اجل تشجيع الاقبال على هذا التعليم او خلق الفرص والامكانيات من اجل توجة الطلبة نحوة، ومن ثم ربطة وبشكل استراتيجي، سواء من حيث الكم اوالنوع مع احتياجات المجتمع.

وللسير في هذا الاتجاة، فأن ذلك يتطلب سياسات وقوانين وانظمة من اجل زيادة الاقبال على هذا التعليم، وهذة القوانين من المفترض ان تحدد الاسس ومن ثم الحوافز من اجل التوجة الى هذا التعليم، وهذا يتطلب ايجاد تخصصات متقدمة ومحترمة وتساهم في تقدم المجتمع كما ساهمت في تقدم مجتمعات اخرى وليس فقط

تخصصات اعتاد الناس عليها خلال عشرات السنوات الماضية، وهذا يتطلب كذلك توفير الامكانيات من مختبرات ومشاغل وكوادر بشرية، وهذا يتطلب زيادة الوعي عند الناس لتغيير نظرتهم الى التعليم المهني والتفني وكأنة درجة ثانية بعد التعليم الجامعي، وهذا يتطلب الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص الذي لا يتقدم كما يتم في المجتمعات الاخرى بدون الاعتماد على مخرجات هذا التعليم، والذي بدونة لا يمكن التعامل وبشكل جدي مع قضية البطالة في بلادنا.

وفي دول متقدمة تكنولوجيا واقتصاديا وصناعيا ولا تعاني من البطالة وتداعياتها، يقبل غالبية الطلبة على التعليم المهني والتقني، وبدون حساسية او الشعور بأنة تعليم من الدرجة الثانية أو الثالثة، وتستثمر هذه الدول والقطاع الخاص فية، وتتسابق الصناعة والشركات على خريجية، ويجد الخريجين فرص عمل، ولا تبلغ نسب البطالة عند الخريجيين تلك النسب التي تنطبق على خريجي الجامعات في بلادنا، التي وعلى ما يبدو سوف تستمرحتى ايجاد استراتيجية وطنية، يمكن تطبيقها عمليا، للاقبال اكثر وللاستثمار اكثر وبشكل مستدام ومن تم الاستغلال الامثل للتعليم التقني والمهني في بناء الفرد والمجتمع.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير