معادلة امرأة من وطني

10.08.2015 12:53 PM

وطن - كتب: حمدي فراج:  لفت نظري قبل يومين ان مؤشر البحث على الانترنت "غوغل" يحتفي بمرور اثنتين وتسعين سنة على مولد امرأة عربية اسمها لطيفة الزيات وذلك بعد مرور نحو عشرين سنة على رحيلها (1923-1996) . فمن هي هذه المرأة العربية التي يحتفي مؤشر البحث العالمي بها ، وتتجاهلها امتها على هذا النحو المخزي ، رغم وجود مئات بل الاف وسائل الاعلام العربية المرئية والمسموعة والمقروءة المثقلة بالبرامج الاسفافية رقصا وغناء وطوائف دينية وفنون الطبخ وقراءة ابراج الحظ . حتى الثورة المصرية لم تجد متسعا لها في فضائها ولو بصورة لها او جملة على شرائطها الاخبارية .

عرفت ان لطيفة الزيات الحائزة على الدكتوراة في الادب الانجليزي اواسط خمسينيات القرن الماضي واستاذة في جامعة عين شمس ، كانت قائدة سياسية في احزاب تقدمية ، وقادتها انشطتها وكتاباتها الى قيام السادات باعتقالها وقد ناهزت الستين من عمرها ، وتساءلت : ماذا كان يمكن ان يحل بها لو ان داعش وشقيقاتها ، قد وضعت يدها عليها ، وهي التي تضع قبضتها اليوم على مدن وقرى بأكملها ، وبعد ان تهدم الاثار وتسويها بالارض على اعتبار انها حرام شرعا ، تعتقل المسيحيين بالجملة ، تقتل الرجال وتسبي النساء غنائم ، تعرضهن في سوق النخاسة محجبات "تحجيب اسلامي" ، فتبيع البعض وتزوج من تبقى لاعضاء التنظيم "على سنة الله ورسوله" زواجا مسيارا او متعة او نكاح الجهاد .

 ان داعش هنا هي التركيم المكثف لكل الدين السياسي ، الاسلامي والمسيحي واليهودي ، الذي ينظر الى المرأة بدونية مفرطة وانها ناقصة عقل ودين وانها خلقت من ضلع الرجل ، وان مهمتها تقتصر على الانجاب وانها خلقت للمنزل ، وحين يسمح لها بالخروج للعمل تحت ضغط الحاجة الاقتصادبة الملحة ، يكون ذلك ضمن مواصفات وشروط مشددة ، كتنقيبها وتحجيبها ، حتى رأينا خلال الثلاثين سنة الماضية كيف طغى الحجاب والجلباب على المرأة المسلمة في كل البلدان العربية دفهة واحدة ، للدرجة ان من ينظر الى المرأة العربية  قبل ذلك ، عصر لطيفة الزيات ، يظن انه كان عصرا جاهليا بامتياز .

لن يكون هناك لطيفة زيات اخرى في الوطن العربي ،  خلال الخمسين سنة القادمة ، لأن ما تقوم به داعش واخواتها ، والرحم العربي الرجعي الذي انجبهن حملا سفاحا من الامبراطور الحاكم الذي ورث الحكم عن جده الانجليزي ، وهم يدمرون دولا بأكملها ، ويردمون تاريخ امتها ، وينبشون قبور عظمائها ، كالمعري ، انما يمضي تلقائيا الى لطيفة الزيات وامثالها ، وما نزرعه اليوم نحصده غدا ، لكن ما ندمره يحتاج الى خمسين سنة  وأكثر ، لاعادة بنائه.

من ضمن مؤلفاتها "الباب المفتوح" الذي اصبح فيلما من بطولة فاتن حمامة وهشام سليم .

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير