المحلل السياسي فراس ياغي لوطن: "حماس" تضع نتنياهو في مأزق بإعلان استعدادها لبدء مفاوضات الرزمة الشاملة... و"إسرائيل" تتجه نحو مواجهة واسعة مع إيران
وطن: رأى المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي أن إعلان حركة "حماس" استعدادها للدخول في مفاوضات شاملة، يشكل تحولًا سياسيًا بارزًا من شأنه أن يُربك حسابات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي سعى خلال الأشهر الماضية لفرض واقع تفاوضي يقوم على صفقات جزئية بعيدًا عن أي حلول جذرية للأوضاع في قطاع غزة.
وأوضح ياغي في حديث لبرنامج "شد حيلك يا وطن" ضمن موجة "غزة الصامدة..غزة الامل" عبر شبكة وطن الإعلامية، أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية، والمتعلقة باستعداد الحركة للانخراط في مفاوضات توقف الحرب وتؤدي إلى صفقة تبادل أسرى شاملة، جاءت متأخرة، وكان من الأجدر أن تُطرح عقب الهدنة الأولى في نوفمبر 2023، خاصة بعد أن اتضح للجميع – بمن فيهم الوسطاء – أن نتنياهو يتهرب من إنهاء الحرب.
الرزمة الشاملة تُحرج نتنياهو وتفضح نواياه
وأشار ياغي إلى أن الحديث عن "الرزمة الشاملة" يعكس استعداد حماس لمناقشة كافة القضايا العالقة في قطاع غزة، من إعادة الإعمار، إلى إعادة الأسرى، وصولًا إلى مستقبل الحكم في القطاع، وهو ما لا يريده نتنياهو، الذي يتعمد خوض مفاوضات مجتزأة حتى يُبقي على حالة الغموض والاضطراب، ويستمر في تنفيذ سياساته العدوانية.
وأضاف أن تصريحات الحية تمثل خطوة ذكية تحاكي تطلعات الشارع الإسرائيلي أيضًا، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن نحو 62% من الإسرائيليين يؤيدون صفقة شاملة تؤدي إلى تبادل أسرى وإنهاء الحرب، مؤكدًا أن هذه الرسالة قد تؤثر على الرأي العام الإسرائيلي وتزيد الضغط على نتنياهو داخليًا.
وفي السياق ذاته، أوضح ياغي أن الإعلام العبري لم يهاجم مقترحات حماس، ولم يصدر عن وزراء الاحتلال أي تصريح سلبي حيالها، بل تشير وسائل الإعلام العبرية إلى استمرار المفاوضات وتفاعل حماس مع الطروحات المقدمة عبر الوسيطين المصري والقطري.
وبالانتقال إلى التصعيد مع إيران، قال ياغي إن نتنياهو يستعد لتكثيف حملته الإعلامية والسياسية ضد طهران، متوقعًا أن يركز في مؤتمره الصحفي المرتقب على "التهديد الإيراني" باعتباره أولوية قصوى. وتوقع ألا يقدّم جديدًا بخصوص غزة، سوى تكرار مواقفه المعلنة بالاستمرار في الحرب والحديث عن "أهداف لم تتحقق".
وعن تقارير صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي نقلت عن مصادر إسرائيلية قولها إن "نافذة استهداف المنشآت النووية الإيرانية تضيق"، أشار ياغي إلى أن هذا الخطاب يعكس رغبة نتنياهو في تسريع المواجهة مع إيران، وأنه يعتقد بوجود ضوء أخضر أميركي للمضي في ذلك.
وقال إن نتنياهو يسعى من خلال هذه الحرب لتغيير المشهد الجيوسياسي في المنطقة، معتبرًا أن ضرب إيران – رأس حلف المقاومة – هو المدخل لتحقيق هذا التغيير. ولفت إلى أن "إسرائيل" قد تذهب نحو حرب طويلة تمتد لسنوات، وهو ما قد يُستخدم مبررًا لتأجيل الانتخابات حتى عام 2026.
أميركا قد تضغط لإنهاء الحرب
في المقابل، يرى ياغي أن الولايات المتحدة قد لا تحتمل كلفة حرب إقليمية طويلة، وستسعى للضغط على إسرائيل للقبول بصفقة شاملة تنهي الحرب في غزة وتعيد بعض الاستقرار للمنطقة.
وشدّد على أن أي اتفاق محتمل بين إيران والولايات المتحدة لن يكون في صالح "إسرائيل"، خاصة أن نتنياهو يبني استراتيجيته على قاعدة أن من لا يخضع للمشروع الأميركي – الإسرائيلي في المنطقة، سيتعرض للعقاب أو التصفية.
واختتم ياغي بالقول إن الاحتلال يحاول خلط الأوراق وفرض معادلات جديدة، لكن مواقف الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، تنجح في كثير من الأحيان بقلب الطاولة، وفرض واقع تفاوضي جديد يحاكي متطلبات الشعب الفلسطيني ويربك خصومه.