بعد قرار الاحتلال الاقتطاع من أموال المقاصة .. هل ستتمكن الحكومة الفلسطينية من الوفاء بالتزاماتها مع النقابات والاتحادات ؟

12.01.2023 08:04 PM

وطن: يعيد قرار الاحتلال الجديد باقتطاع 139 مليون شيقل (نحو 40 مليون دولار) من أموال "المقاصة" الفلسطينية إلى الأذهان اقتطاعات سابقة تقدر بمليارات الدولارات على مدى سنوات طويلة، وتذهب الأموال المقتطعة -وفق القرار الأخير- إلى من يزعم الاحتلال أنهم متضررون من العمليات الفلسطينية الذين يفترض أن يعوضهم التأمين في دولة الاحتلال.

ويأتي الاقتطاع من "المقاصة" ضمن 5 عقوبات أقرتها حكومة الاحتلال، بينها الاستمرار في اقتطاع مبلغ يعادل ما تدفعه السلطة الفلسطينية للأسرى.

وفي هذا الخصوص استضافت "نشرة وطن الاقتصادية" وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية د. بكر اشتية، وأوضح أن اقتطاعات الاحتلال السنوية من أموال الفلسطينيين تتجاوز مليار دولار سنويا، وهي كفيلة بسد العجز السنوي للموازنة الفلسطينية.

وفي بداية حديثه فرق بين الاقتطاع والاحتجاز، موضحاً بأن أكبر حادثة احتجاز لأموال المقاصة وقعت في سنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000، ووتبقى الاموال المحتجزة في حساب مرفوض للسلطة الفلسطينية لحين انتهاء سبب الاحتجاز ويتم استردادها بعد زوال سبب الاحتجاز.

اما الاقتطاعات التي تتجدد في كل عام تقريباً فهي غير مستردة، حيث إن القانون الإسرائيلي يشرع عملية الاقتطاع، وفقاً لضيفنا.

وأضاف: يتم اقتطاع 100 مليون شيقل صافي إقراض بشكل شهري، و52 مليون شيقل شهرياً وهي مخصصات أسر الشهداء والأسرى والجرحى، و150 مليون شيقل شهرياً وهي قيمة التسرب الضريبي، وما يتم سرقته من الجانب الإسرائيلي على المعابر والحدود. 

وذكر أن مجموع الاقتطاعات السنوية يصل إلى 1.1 مليار دولار سنويا ً وهي كفيلة بسد كل عجز السلطة الفلسطينية المقدر بمليار دولار سنوياً. 

وأوضح أن الإصلاحات المالية التي عكفت وزارة المالية الفلسطينية على تطبيقها، انسجاماً مع وصفة صندوق النقد الدولي لتعظيم بند الإيرادات وتقليص بند النفقات، تمكنت من تعظيم بند الإيردات بـ4 مليار شيقل، وتقليص بند النفقات بـ1 مليار شيقل في العام 2022 مقارنة بالعام 2019.

وأشار د. اشتية إلى أن تطبيق هذه الوصفة جاء على حساب الفئات الأكثر ضعفاً وهشاشة ومن ضمنها الموظفين العموميين في القطاعين المدني والعسكري، والفقراء المستفيدين من مخصصات التنمية الاجتماعية، ودفعات صندوق التقاعد، والمستحقات المالية المتأخرة للقطاع الخاص المتعاقد مع الحكومة في عمليات الشراء العام.

وفي ظل استمرار الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة الفلسطينية، وانقطاع الدعم الخارجي والمساعدات الدولية فإن هذه الفئات ستبقى الأكثر تضرراً، لذا لا يجب أن تفتقر موازنة العام الجديد 2023 لبندي الحماية الاجتماعية والإنفاق التطويري، وفقاً لضيفنا.

وعن الحلول الممكنة والتطبيقات المتاحة في ظل هذا الواقع الاقتصادي الصعب، أكد ضيفنا ضرورة توزيع فاتورة الموقف الوطني بشكل عادل على مكونات المجتمع الفلسطيني، كما الآتية:
أولاً: دراسة آليات الجباية وإعادة النظر بضريبتي الدخل - وسقفها الأعلى 15% بينما تتجاوز الـ35% في دول الجوار – وضريبة القيمة المضافة أو ما وصفها بالضريبة العمياء التي لا تميز بين غني وفقير.
ثانياً: ضبط الإنفاق على السفر والبروتوكولات، والبدء بإجراءات تقشفية حقيقية، حيث إن النفقات التشغيلية لم يطالها أي تقشف يذكر خلال الأعوام الثلاثة السابقة.
ثالثاً: ضبط فاتورة التحويلات الطبية التي تستنزف مليار شيقل من الموازنة العامة سنوياً، وذلك توطين الخدمة الطبية من خلال الإنفاق التطويري.
رابعاً: إيجاد آليات لتخفيف الضرر عن الفئات الأكثر ضعفاً وهشاشة خاصة الموظفين العمومين.

وخلال حديثه أشار إلى أن 40% من إجمالي الائتمان المصرفي في فلسطين تعود للقطاع العمومي، فأي ضرر سيقع على المقترضين سيتسبب بضرر حقيقي على القطاع المصرفي الفلسطيني.

وفي إجابته عن التساؤل المتعلق بالمدى الزمني لأزمة الرواتب، قال ضيفنا: "أتوقع أن تشهد الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2023 نهايةً لأزمة الرواتب"، وأعرب عن أمله بعودة القروض والمساعدات المالية الأجنبية وذلك بسبب تعزيز الفارق بين الإيرادات والنفقات.

وتوقع د. اشتية أن تتوفر السيولة المالية بناءً على المعطيات السابقة، للوفاء بالالتزامات المالية والاتفاقيات الموقعة مع النقابات والاتحادات، ويشار إلى أن شهر كانون ثاني الجاري هو شهر نفاذ عدد من الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع عدد من الاتحادات والنقابات ومنها على سبيل المثال لا الحصر نقابة المهن الطبية المساندة واتحاد المعلمين.

تصميم وتطوير