دويك: ما يحدث في الخليل تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى السلطة والأجهزة الامنية لديها القدرة على فرض القانون

على طاولة " راي عام " ... " فوضى السلاح وتهديد السلم الأهلي من المسؤول ؟ "

31.07.2021 06:18 PM

د. عمار دويك : ما يحدث في الخليل تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى السلطة والأجهزة الامنية لديها القدرة على فرض القانون

د. عمار دويك : لا توجد ارادة سياسية لمحاربة فوضى السلاح وفرض القانون والبعض يستفيد من سطوة القضاء العشائري

المحامي أمجد الشلة : آفة انتشار السلاح تشبه انتشار المخدارات وردعها يبدأ من معاقبة تجارها
الشلة : على التنظيمات ضبط كوادرها على مبدأ أن السلاح هو سلاح تحرري لمواجهة العدو وليس لمواجهة أبناء الوطن الواحد

وطن للانباء : ألقت الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الخليل والتي تفجرت بعد مقتل الشاب باسل الجعبري، بثقلها على المجتمع الفلسطيني ككل، لتعيد الى الواجهة مسألة ليست بالحديثة آلا وهي فوضى السلاح في الضفة الغربية، وتهديد السلم الأهلي، فمن المسؤول عن ذلك؟

هذه ما تم طرحه في برنامج رأي عام  الذي تنتجه شبكة وطن الاعلامية، ضمن مشروع قريب للوكالة الفرنسبة للتعاون الاعلامي، والذي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية، حيث جرى استضافة مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، د. عمار دويك، وعضو الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي المحامي أمجد الشلة، للحديث بشكل موسع عن هذه المسألة.

وفي حديث لوطن ، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، عمار دويك إن ما يحدث في مدينة الخليل هو أمر خطير جدا لكنه ليس بجديد، فالظاهرة بدأت تتكرر وتقوى في الضفة منذ عدة سنوات، نتيجة عدة تراكمات واخطاء وتساهل الجهات الرسمية، مضيفاً أن التواطؤ كان في منحنيين، الأول هو مسألة فوضى السلاح حيث دخلت العائلات الفلسطينية في سباق تسلح وبدأ البعض بتكديس الأسلحة لحماية نفسه دون وجود ضبط، أما "  المنحى الآخر فهو وجود بعض الظواهر السلبية للأعراف العشائرية، حيث تتسامح معه الحكومة وتشرعنه وتمأسسه في بعض الأوقات من خلال لجان في المحافظات، وعدة أمور من دورها أن تعزز من القضاء العشائري الجائر في كثير من جوانبه واعتباره كبديل وموازي للقضاء النظامي.

وأشار دويك الى أن من بعض مظاهر القضاء العشائري السلبية هي العقوبات الجماعية واجلاء عائلات من بيوتها وظاهرة ما يسمى بفورة الدم التي يتم فيها استهداف الاملاك بسبب اسم العائلة ورغم ذلك فان السلطة تعلم عن فورة الدم في بعض الاماكن ولا تأخذ اجراءات فاصبحت جريمة لا عقوبة لها وكأنها توجه رسالة انها مباحة، مؤكدا أن مثل هذه الامور موجودة في كل المجتمعات لكن المؤسسة الرسمية تتحمل المسؤولية عن كل ما يحدث ويجب فرض هيبة القانون لأن من امن العقوبة اساء الادب، حسب تعبيره.

وبالاجابة عن ضعف الدور القضاء النظامي وطول مدة اجراءاته الزمنية وقلة ردعه مقارنة بالدور العشائري، أجاب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان د. عمار دويك أنه يوجد لدينا  قوانين العقوبات وهي قوانين رادعة وتجرم بعقوبات شديدة، لكن هناك مشكلة بسير الدعوة، منوها الى أن الهيئة المستقلة  رفعت لرئيس مجلس القضاء الأعلى لائحة ب 200 اسم لاشخاص ما زالو يواجهون محاكمات منذ اكثر من سنتين  وبعضهم لاكثر من 8 سنوات ولم يصدر بحقهم حكم، والمسأة بحاجة لمتابعة.

أما فيما يتعلق بالقضاء العشائري فمن أحد اشكالياته هو العقوبات الجماعية كإهدار الدم، واجلاء العائلات والتي تكون غالبا لصالح العائلات القوية ، وقال دويك: "خاطبنا الرئاسة الفلسطينية ورئيس الوزارء والمحافظين لوقف ظاهرة الجلوة واعادة العائلات المجلية ولم نجد جدية في التعامل مع هذا الملف حتى اللحظة".

وأكد دويك لوطن أن البعض يستفيد من القضاء العشائري وأن هناك تواطؤ من قبل بعض المسؤولين والمحافظين مع بعض المصلحين العشائريين لاعتبارات مادية او لحل بعض المشاكل لدى الطرف الاخر، أما حجة ما يسمى بمناطق " ج " وعدم وجود سيطرة امنية فلسطينية عليها فما هي الا مبررات ضعيفة، كون الامر متعلق بالارادة السياسية، موضحا أنه لا توجد ارادة سياسية لمحاربة فوضى السلاح وفرض القانون على الجميع لعدة اعتبارات منها سياسية او اقتصادية او أنها ليست من اولوليات الحكومة او لضعف شرعية النظام السياسي نفسه، قائلا أن القضاء العشائري قضاء القوة ويدفع ثمنه المواطن البرئ من العائلات الضعيفة، بينما وجود الدولة والقانون تأتي لحماية الاضعف وكمع ضعف السلطة والقانون اصبح المواطن يرى ان حماية نفسه تكمن بامتلاك سلاح او الاستقواء بتنظيم او بالانتماء لعشيرة كبيرة.

وفي سياق السلم الأهلي، وصف مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، عمار دويك مشهد السلم الاهلي اليوم بالخطير، وزادت الخطورة في عام 2020 مع انتشار جائحة كورونا وارتفاع حالات جرائم القتل في الضفة، الى جانب تفشي العنف والجريمة في الداخل المحتل عام 48، فرغم أن عدد مواطني 48 يعتبر ثلث عدد سكان الضفة الغربية الى أن جرائم العنف في الداخل المحتل هي 3 أضعاف جرائم العنف والقتل في الضفة، وذلك لوجود اطراف لها علاقة بالاحتلال تغذي العنف المجتمعي وتساهل الاحتلال والشرطة الاسرائلية معهم.

من جانبه قال عضو الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي المحامي أمجد الشلة لوطن أن بروز دور العائلة والاحتكام لبعض العائلات والذهاب للعنصرية القبلية هي من احد اهم مظاهر ضعف الدول ونظام الحكم.

ووضح عضو الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي أن النصوص القانونية التجريمية موجودة لكن الاشكالية هي في جهات انفاذ القانون، فللوصول الى تطبيق النص التجريمي يجب اتباع اجراءات قانونية التي تتكون من الجهات الضابطة القضائية التي تتمثل بالمؤسسة الامنية التي تأخذ الدور الامني حسب القانون وتحيل المتهم بتجارة السلاح وبيعه للنيابة العامة والتي تقوم بدورها في مسائل الضبط والاستجواب والتحقيق والتفتيش ثم تحيل الامر الى المحكم، مضيفا ان القانون يستطيع اخذ مجراه لكن المشكلة متواجدة من لحظة البداية وهي عملية جمع وضبط السلاح.

  وأضاف الشلة أن ظاهرة انتشار المخدرات قبل عدة سنوات،  حيث كانت العقوبات تكون فقط بحق  المتعاطي اما التاجر يتم اخلاء سبيله بعد عدة اشهر، مؤكدا أن الامور اختلف اليوم بسبب وجود ردع حقيقي في مسائل المخدرات، وما يريده الفلسطيني اليوم هو مجتمع خال من ادوات القتل عن طريق الردع للتجار والوسطاء ببيع السلاح كما حصل في موضوع المخدرات، منوها أن آفة انتشار السلاح تشبه الى حد كبير انتشار المخدارات، والمطلوب مواجهة هذه الافة من العائلة والبيت، لكن الظروف العامة المحيطة والبيئة الحاكمة المحيطة لا تخلق رادع او مانع لحمل قطعة سلاح واستخدامه، بالتالي من يتحمل هذه المسولية هي السلطة الحاكمة، ويجب حسم الموضوع من قبل جهات انفاذ القانون والابتعاد عن المجاملات، حسب قوله، في مسائل الجريمة وذلك لحفظ النظام والامن العام، مشيرا إلى دور العائلات والعشائر الايجابي ايضا، فيجب ان يكون هناك ميثاق شرف بين كل العائلات الفلسطينية بأن السلاح الفلسطيني على الفلسطيني حرام.

من جهة أخرى تحدث عضو الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي عن دور الاحزاب الى جانب الدولة والعشائر في هذه الاحداث، واعتبر أن الاحزاب والتنظيمات الفلسطينية تعاني ضعفا تجاه التزام كوادرها،  والاحزاب جميعها اصبحت تفقد دورها المجتمعي لصالح العائلة والبلديات، لكن يبقى المطلوب من التنظيمات اليوم ضبط كوادرها ضمن الاطار الوطني المبني على مبدأ أن السلاح هو سلاح تحرري لمواجهة العدو، والاخذ بعين الاعتبار أننا شعب تحت الاحتلال ما يستلزم من كل فلسطيني أن يكون شخص تحرري ويتعامل مع الفلسطيني على أنه شريك في عملية التحرر ومواجهة العدو وليس الاستقواء عليه، مؤكدا على اهمية تكامل الجهود من مؤسسات مجتمع مدني ونقابات ومستوى رسمي واندية وبلديات لتعزيز ثقافة السلم الاهلي.

تصميم وتطوير