مجاهد خلّاف ...أراد أن يُخفي بقعة "كلور " عن ملابسه فوجد نفسه أمام مشروع فني مميز

12.08.2014 02:32 PM

رام الله – وطن للانباء : من السهل أن ينشغل المرء كثيراً بإنجاز الجمال ، وهو أمرٌ قد يجعل منه فناناً مميزاً إذا امتلك الموهبة الحقيقية ، أما الإبداع فهو قرين التفرّد ، لا يتحقق إلا بتجاوز المُنجز ، شكلاً ومعنى ، من هنا يمكن القول أن الفنان الشاب مجاهد خلّاف أبدع في صنعتِه الفنية حين إستخدم مادة الكلور الشائعة في منازلنا في إنجاز أعمالٍ فنيةٍ قابلة للحياة بيننا ،فهذه المادة والتي نستفيد منها غالباً في التنظيف ،وتستثمرها بعض الانظمة في الحروب أحيانا بوصفها مادةً سامة ، أصبحت بين يدي مُجاهد أداة للرسم والتشكيل ، وكأنه يقول :انظروا كم بإمكان الكلور أن يكون جميلاً !!

تخرّج خلّاف من كلية الإعلام في جامعة بيرزيت ، إضطر أن يعمل في كثير من الأحيان أثناء فترة دراسته لكي يستطيع إكمال مشواره التعليمي، يقول : "عملتُ في كل شيء تقريباً ".رغم ذلك لم يفوّت فرصة الانضمام لورشة تدريب على صنع اللوحات الفسيفسائية تحت إشراف فنان إيطالي جاء لزيارة البلاد ، الفسيفساء كانت توجهاً لدى شابٍ يحب الرّسم ويحترم دور الفن في صيانة التاريخ الحضاري للشعوب ، لكنها وبعد التخرج ستكون مشروع مجاهد الأول الذي سيحمل أعباء نقله وتعليمه للشبان الفلسطينيين في المخيمات .
وضع مجاهد خطةً لاستهداف الشبان والشابات في مخيمات اللجوء الفلسطيني ، خطته قامت على زيارة المخيمات وتشكيل مجموعات شابة يقوم بتعليمها حرفة الفسيفساء ،بالاضافة الى تزويدهم بالمعدات اللازمة لعمل اللوحات ومساعدتهم في تسويقها من خلال علاقاته الجيدة مع المعارض المختلفة ، إلا أن هذه الخطة لم تكتمل كما اراد ، إذ لم تتبن أي مؤسسة ثقافية على حد قوله رعاية هذا المشروع ، ما اضطره الى التوقف بعد انجاز المشروع في 3 مخيمات في الضفة الغربية ، وذلك بسبب عدم قدرته المادية على الاستمرار في المشروع الذي انفق عليه من جيبه.
تقول لورين - إحدى الفتيات المشاركات في ورشة الفسيفساء في مخيم الدهيشة ببيت لحم - :" علمنا مجاهد الكثير بالاضافة إلى الفسيفساء ،فهو بالنسبة لنا نموذجاً للشاب الذي يناضل من اجل فكرته ، ولا يسعى الى الامور المادية" ، ويشاركها زميلها جهاد بالرأي معتبراً ان مجاهد كان بمثابة قائد حريص للمجموعة وأنه تعلم منه كيف يتحدى نفسه قبل أن يتحدى الآخرين..مشيراً إلى أنه تغير بعد الورشة على الصعيد المجتمعي وأصبح يميل إلى التطوع لدى المؤسسات المجتمعية لانه أصبح ينتبه الى دوره في احداث تغيير في مجتمعه
اما مشروعه الإبداعي "في الكلور " والذي يتماهى سمعياً مع "الفلكلور " ، فقد بدأت حكايته مع مجاهد حين تلطخت كنزته المفضلة ببقعة من الكلور المنزلي ،ولإصلاح الخطأ أضاف المزيد من الكلور على هيئة رسم فني ،وارتداها مجدداً ، معتقداً انه بالكاد قد قام للتو بإصلاح طفيف للخلل ، لكن اشادات اصدقاءه بها ورغبتهم بالحصول على مثلها جعلته يعتقد أن على وشك الدخول في مشروع جديد اسمه " في الكلور " .
من خلال زيارته لبعض المعارض الفنية التي كان قد اسس معها علاقات جيدة في اوروبا ، وبعد بحث بسيط ،انتبه مجاهد إلى ان أحداً لم يسبقه الى استخدام الكلور بهذا الشكل ، ومن هنا بدأ بتطوير فكرته شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح الكثيرون الآن ، يرتدون بفخر " بلايز " فلسطينية تحمل رسوم وتصاميم انتجتها ريشة خلاف المغموسة في الكلور على سطح القماش .
يقول شادي زقطان أحد أصدقاء خلّاف والذي حوّل مقهاه الى نقطة عرضِ لمنتجات صديقه " ان اهم ما يميز مجاهد هو رغبته الصادقة وارادة الصلبة " مشيراً إلى أن أهم ما يواجه الفنان الشاب عموماً في فلسطين هو القدرة على الاستقلالية ،ومعتبراً أن مجاهد تعوّد أن يكون عصامياً منذ البداية .
لقد استطاع مجاهد ان يلفت الانظار اليه من خلال تواجده في المعارض وتقديمه لأعماله ، وقريباً من المتوقع أن يحمل أعماله الفنية إلى عدة معارض عالمية حاملاً رسالة الفن ولو كان بمادة سامة مثل الكلور ،  سيقول للعالم ان الكلور الذي قد يُستخدم كأداة قاتلة ، يستخدمه الفلسطيني لخلق الفن والإبداع ،وان مواد تنظيف الملابس، يمكنها ايضاً أن تساهم في تنظيف الأفكار وترميم الخراب .
يُذكر ان برنامج قادة الغد والذي يعده ويخرجه عرفات الديك ، ينتجه (وطن) بالتعاون مع مبادرة الشرق الأوسط (ميبي) ويهدف إلى تسليط الضوء على الشباب الفلسطيني الذي يمكنه ان ينير الطريق بتجربته لغيره من الشبان والشابات .

تصميم وتطوير