العرب يتماحكون - بقلم : حمدي فراج

18.07.2014 12:33 PM

في الوقت الذي تشرف فيه غزة ، "بنت الصبح" ، على الغرق في البحر المتوسط ، التي "نساها العرب الرحّل عنده ، ليقولوا فيها مرثية " ، ووفق اسحق رابين ، التي تمنى ان يفيق من النوم ، ليجده قد ابتلعها ، "أيهمّ الميت ان القبر يزخرف ، ام تكترث الشاة لشكل السكين" .

المبادرتان المصرية  والقطرية  ، هما قمة المجهودات العربية /التركية لنجدة غزة ، عبارة عن ورقتين خربش عليهما مسؤولون في اجهزة أمن ، غير مسؤولين عن جدارة حياة لشعب تشبث بحياة مستهدفة مستعصية ، ووافق ان يقايضها بالحرية والكرامة عملا بقول الشاعر الفلسطيني "فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا" .

لسنا بحاجة الى كثير ذكاء لاكتشاف ان الورقة القطرية التركية الاخوانية جاءت لمناكفة الورقة المصرية الاماراتية الفلسطينية (السلطة) ، ولكن الورقتان ، حرصتا على خطب الود الاسرائيلي اكثر بكثير من محاولة انقاذ غزة ونصرتها ، فهذه - نصرة غزة - ليست اكثر من علاقات عامة ، والدليل على ذلك ان مصر السيسي اغلقت معبرهم الوحيد بعد تدمير الانفاق ، وهو الامر الذي فعله مبارك ومن بعده مرسي عندما اغرقها بالمياه ما جعل الزهار يقول ان مبارك لم يفعل بهم ما فعله مرسي . وحتى قبل ايام ، رفضت سلطة عباس دفع رواتب موظفيها ، ما ادى الى مهاجمتهم صرافات البنوك .

الورقتان  خفيفتان خاويتان ، تعكسان وزن الريشة لنظام امير قطر وامير المسلمين في تركيا رجب طيب اردوغان الذي كبل نفسه باربعة وستين اتفاقية مع اسرائيل ومن ضمنها تأجير اراضي لها متاخمة لسوريا لاقامة قواعد باتريوت وقباب حديدية ومطارات عسكرية عليها ، اما مصر السيسي الذي لم يمض عليه مئة يوم بعد ، فإنه يستضيف الاسرائيليين وعملائهم في عقر مخابراته ، وهي نفسها مخابرات الرئيسين السجينين مبارك ومرسي ، تحت شعار ان حماس جزء من الاخوان .

ربما لا يدرك الكثيرون  ان المقاومة ستكون هي الرابح الاكبر ، فهذه من نواميس الكون ، خاصة عندما تخوض حرب دفاعية عادلة ضد ارهاب فاشي محكم يستهدف كل شيء فلسطيني يتحرك قابل للنماء وللحياة وبالتحديد الاطفال حتى وهم يعتلون سطحا لكي يقدموا العلف والماء للصيصان التي فقست حديثا .

و ربما لا يدرك السيسي انه سيكون الخاسر الاكبر من هذه المماحكة ، إذ يتكشف لشعبه المصري ولجماهير الامة ، ان قامته قصيرة ، لا ترتقي لقامة عبد الناصر .

وفي خضم مماحكات هذه الورقة واهميتها على تلك ، او تلك على هذه ، واهمية وقف العدوان اولا ، ثم الدخول في مفاوضات ثانيا ، تمد غزه يدها النظيفة ، فلا من مغيث او مستجيب ، وذلك لقذارة اليد الاخرى .

*****                                                                   ******
في مماحكات "العرب الرحل" وصف مظفر النواب حالهم بأنهم : حلقوا وحدقوا / حللوا واجلوا / محصوا ومصمصوا .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير