دراسة لـ"مدى" توصي: بإعداد مشروع قانون أساس للإعلام

16.01.2012 12:48 PM
رام الله- وطن- أصدر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية " مدى" دراسة قانونية تحت عنوان: "التنظيم القانوني لحرية الإعلام في فلسطين". وأعد الدراسة التي تقع في 125 صفحة من القطع المتوسط المستشار القانوني رشاد توام بإشراف المحامي الأستاذ احمد نصرة.

وتسلط الدراسة الضوء على البيئة القانونية المتصلة والمؤثرة بحال حرية الإعلام في الأراضي الفلسطينية وأثرها في تقييد وتنظيم العمل الإعلامي ومدى مراعاتها المعايير الدولية ذات العلاقة.

ويتناول الباحث في الدراسة التي تتوزع على فصلين وخاتمة قضية الحرية الإعلامية من مختلف أبعادها القانونية حيث يتوقف في الفصل الأول عند ماهية حرية الإعلام واشتقاقها من النظرية العامة لحقوق الإنسان، والأبعاد النظرية والفلسفية في العلاقة بين حرية الإعلام والقانون، والجهود الدولية والتجارب الوطنية في تحديد العلاقة بين حرية الإعلام والقانون، والإطار القانوني الذي يحكم حرية الإعلام في فلسطين لا سيما ما جاء في القانون الأساس ومشروع الدستور والتشريعات ومشاريع القوانين التي تنظم العمل الإعلامي في فلسطين.

ويتمحور الفصل الثاني من الدراسة حول تحليل التنظيم القانوني لحرية الإعلام من ثلاث جوانب أولها الجانب الدستوري والحقوقي والثاني المتصل بالنظام الإداري أو علاقة السلطة التنفيذية بوسائل الإعلام وثالثها حرية الإعلام والنظام الجزائي.

ويتوقف الباحث في هذا الفصل عند جملة من المسائل المتصلة بحرية العمل الإعلامي في فلسطين مثل الحق في الحصول على المعلومات، وسرية مصادر المعلومات، والملكية الفكرية والإجراءات الجزائية المتبعة في قضايا الإعلام، وعلاقة السلطة بوسائل الإعلام، والجهات الرسمية المختصة بمتابعة وسائل الإعلام، واليات منح التراخيص، والرقابة القانونية على مصادر تمويل وسائل الإعلام، ومحظورات النشر والبث ودور القضاء في قضايا القذف والتشهير.

وخلصت الدراسة وهي الخامسة ضمن سلسلة الدراسات الإعلامية التي يصدرها المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" إلى أن التنظيم القانوني بحد ذاته لا يشكل انتهاكا لحرية الإعلام وان الانتهاك عادة ما يكون في مضمون أحكام القانون حين تغالي أو تبالغ في تقييد الحرية لصالح اعتبارات ومبادئ فضفاضة وغير محددة بدقة كالأمن والنظام العام والعادات والتقاليد.

وأوضحت الدراسة أن التنظيم القانوني لحرية الإعلام في مناطق السلطة الفلسطينية يغالي في توسيع صلاحيات وزارة الإعلام بشكل يحد من حرية الإعلام كما يمنح النظام القائم لبقية المؤسسات الحكومية ذات الصلة حق الرقابة والإشراف على وسائل الإعلام بشكل من شانه تعطيل حرية الإعلام وإلزام أصحابها بإجراءات وقيود شتى أبرزها نظام التراخيص الذي أوصت الدراسة بإلغائه والاستعاضة عنه بنظام أو إجراءات أكثر عملية ومراعاة لحرية الإعلام كنظام الإخطار مثلا.

ويؤخذ على التنظيم القانوني الفلسطيني للإعلام القصور التشريعي ( عدم الشمولية) وعدم الانسجام بين مختلف التشريعات كما يؤخذ على اغلب التشريعات ذات الصلة عدم ترتيب أحكامها وتبويبها بشكل علمي سليم كما تشير الدراسة.

ورأت أن مشروعي، قانون المجلس الأعلى للإعلام، وقانون الإعلام المرئي والمسموع لا يشكلا تطورا ايجابيا لصالح حرية الإعلام وان التعديل المتكرر بين شد وجذب افقدها كثيرا من المبادئ الأساسية في الصياغة التشريعية حتى وصلا بها حد التناقض وعدم الانسجام بعضها مع بعض، وعليه فقد أوصت بإعداد مشروع قانون جديد يكون بمثابة "قانون أساس للإعلام" يتم فيه تنظيم مختلف قطاعات الإعلام المطبوع والمرئي والمسموع، إلى جانب تأسيس وتنظيم المجلس الأعلى للإعلام أو الهيئة المستقلة للإعلام وليقوم هذا القانون الجديد بإلغاء مختلف التشريعات السارية وينحي جانبا المشاريع المطروحة ليكفل تنظيما قانونيا سليما لقطاع الإعلام ويكفل حماية المشتغلين بالعمل الإعلامي وليس فقد تقييد سلوكهم المهني.

وانتقدت النظام القانوني القائم كونه يتدخل في تنظيم شؤون مهنة الصحافة التي تعتبر من اختصاص النقابات المهنية كاشتراطه توفر شروط معينة في رؤساء التحرير والعاملين في وسائل الإعلام حيث أوصت بإصدار قانون جديد لنقابة الصحافيين ليحل مكان القانون الأردني الساري الآن.

وأكدت على ضرورة وجود كفالة دستورية صريحة للحق في الحصول على المعلومات والملكية الفكرية وسرية مصادر المعلومات ناهيك عن تمكين القضاء من القيام بأدواره المتعددة في كفالة حرية الإعلام سواء بصفته الدستورية أو الإدارية أو الجزائية أو المدنية.

وأشار الباحث إلى مبالغة في تقدير الحد الأدنى لرأس مال وسائل الإعلام ودون استناد إلى دراسة علمية أو معايير واضحة ودعا إلى إحالة دراسة هذا الموضوع لخبراء لتقدير القيمة الأنسب وهدف هذا التحديد إلا وهو مدى مصداقية وسائل الإعلام تلك.

وطالب بإلغاء جميع أشكال الرقابة القبلية ( المسبقة) على وسائل الإعلام بما في ذلك المبطن منها كالإيداع القبلي للمطبوعات لدى وزارة الإعلام وكذلك إلغاء مختلف الإجراءات الإدارية التي هي أساسا من اختصاص القضاء كالحجز والمصادرة والإغلاق.

وأكدت الدراسة في إحدى توصياتها على دعم التوجه الأهلي والرسمي الفلسطيني لإنشاء المجلس الأعلى للإعلام ليحل مكان وزارة الإعلام لكن ليس بالصيغة التي يطرحها مشروع القانون الخاص به ومشروع قانون الإعلام المرئي والمسموع نظرا لان المجلس في حال إنشائه وفقا للإحكام التي يتضمنها المشروعان سيحتفظ بقدر واسع من الصلاحيات التي تتمتع بها وزارة الإعلام بشكل من شانه عرقلة حرية الإعلام. وأوصت بهذا الخصوص بضرورة مراجعة هذه الصلاحيات وان يكون المجلس الأعلى للإعلام هيئة مستقلة غير مرتبطة بأي من المؤسسات الحكومية.

وفيما يتعلق بالنظام الجزائي فقد أوصت الدراسة بضرورة تدارك غموض وعمومية النصوص التشريعية موضحة انه يؤخذ على مجمل أحكام العقوبات المغالاة والتغليظ في تقديرها خصوصا أنها تنص على عقوبات الحبس في موضوعات هجرتها اغلب الأنظمة القانونية المتقدمة واستبدلت بها التعويض المالي.

وطالبت الدراسة بالتعامل مع قضايا الذم والقدح والتحقير بنوع من الخصوصية متى اتصلت بالعمل الإعلامي مراعاة لطبيعته والدور الاجتماعي والسياسي له واعتبار النقد السياسي نقدا مباحا متى توافرت المصلحة العامة وحسن النية كما أوصت بضرورة وجود نظام جزائي إجرائي خاص بقضايا الإعلام وخصوصا فيما يتعلق بضرورة عدم الإبقاء على الحبس الاحتياطي في هذا النوع من القضايا.
تصميم وتطوير