بالفيديو...الفلسطيني عويس.. من معلقات درويش إلى إدارة الخدمات اللغوية لـGoogle

27.05.2014 12:42 PM

وطن - زهران معالي: شخصيات عربية وفلسطينية كثيرة ارتأت أن تختار طريق الهجرة لبلاد "العم سام"، نتيجة الظروف الصعبة التي كانت ومازالت تعاني منها الأراضي الفلسطينية، لتبدع وتحجز حيزًا لها بين مجموعة من العلماء والمبدعين في الولايات المتحدة الأميركية.

د. فائق عويس فلسطيني هاجر عام 1981 من بلدته دير دبوان (شمال رام الله) بعد أن أنهى مرحلة الدراسة الثانوية للولايات المتحدة الأميركية، نتيجة ظروف الدراسة وانعدام فرص التعليم والعمل في فلسطين حسبما يقول.

ويضيف عويس خلال لقاء خاص مع وطن: عندما درست في مرحلة البكالوريوس أخذت بعض المساقات في الهندسة ولم أشعر بارتياح نفسي لأن معظم اهتماماتي بالأدب والفن، فانقطعت عن الدراسة والتحقت بعملي الخاص في التصميم الفني، لأكمل دراستي وحصلت على البكالوريوس في التصميم الفني.

وحين شعر عويس بنجاحه في العمل، قرر العودة للجامعة من أجل الحصول على درجة الدكتوراة، و"وجوده في الولايات المتحدة كان السبب وراء اختياره برنامج الدراسات العربية والإسلامية" وفق ما يقول.

ويروي عويس حكايته مع اللوحات الفنية وتوظيفه للتصميم الفني فيها، فقد أقام منذ سنوات في سان فرانسيسكو مع الجالية العربية جدارية فنية في جامعة "سان فرانسيسكو" لتخليد ذكرى المفكر العربي الأميركي إدوارد سعيد، زينت بشعر الراحل محمود درويش الذي يتعلق بالهوية المزدوجة.

ويوضح أنه "تم استخدام مقطع: أنا من هناك أنا من هنا ولست هناك ولست هنا"، وهي مرثية درويش في سعيد. وتعبر عن هوية العرب الأميركيين.

ويضيف عويس: في عام 2008، زرت فلسطين وأحضرت معي ملصقا وصورة عن الجدارية لأقدمها لمحمود درويش، وذهبت لمكتبه في مركز خليل السكاكيني في رام الله، لكنه كان في الولايات المتحدة من أجل العلاج، وتوفي هناك دون أن يرى الملصق.

ودفعت هذه الواقعة عويس إلى أن يبدأ في إنجاز عمل فني "تحية وتقديرا لدرويش"، وكانت الفكرة أن جمع بين كلماته وفن الخط العربي والأشكال الهندسية وتصميمها على شكل معلقات.

يتابع: أنا من عشاق شعر درويش وقرأت له الكثير، في ذلك الوقت كنت أقرأ له قصيدة (قافية من أجل المعلقات) وأعجبتني جدا وكان فيها مقطع (أنا لغتي، وأنا معلقة .. معلقتان .. عشر هذه لغتي).

واختار عويس عشرة مقاطع من قصائد درويش وصممها بطريقة معينة وأدخل فيها فن الخط العربي وفكرة المعلقات، وكانت هذه المجموعة في بدايتها تصميما فنيا وطباعة على الورق أو القماش وعرضت في افتتاح متحف محمود درويش عام 2011.

كما كان لوفاة والدة عويس، كما يقول، أثرٌ على تصميم لوحاته، حيث استخدم فيها التطريز اليدوي (الفلاحي)، بالتعاون مع لاجئات فلسطينيات في مخيم البقعة  بالأردن.

وأقيم معرض للوحات في شهر آذار/ مارس في ذكرى ميلاد محمود درويش واليوم الوطني للثقافة الفلسطينية، وعرضت المعلقات وقدمها عويس لــ"متحف درويش كجزء من إيمانه بهذا الصرح الذي سيحافظ على إرث الشاعر الكبير".

واصل عويس إبداعه في الولايات المتحدة الأميركية، ليرسم صورة الفلسطيني المغترب، فمن بين أعماله الفنية كان مدخل للمتحف العربي الأميركي في ولاية ميتشغن، وهو متحف يُعنى بقضايا الجالية العربية وقضايا الهجرة.

ويشير إلى أن مشروع المتحف دفعه لكتابة موسوعة عن الفنانين العرب أو الأميركيين من أصول عربية، حيث عمل في المشروع أكثر من عامين وجمع سير ذاتية ومعلومات عن حوالي 100 فنان وفنانة جميعهم من أصول عربية، مضيفا أن "الموسوعة متوفرة في المكتبات حول العالم وبعض الجامعات تدرسها كجزء من دراسات الجالية العربية في أميركا".

العمل في جوجل

الفلسطيني المغترب فائق عويس لم يكتف بإتقان مهارة الخط العربي فحسب، بل سخر خبرته في ذلك لخدمة العالم العربي، من خلال عمله كمدير لقسم الخدمات اللغوية في الشرق الأوسط لشركة جوجل العالمية.

ويقول عويس إن جزءا من عمله كان صدفة وجزءا آخر "لإيمانه بضرورة أن يقدم شيئا للعالم العربي من خلال خبرته، فأثناء تدريسه اللغة والثقافة العربية في جامعة (سانتا كلارا) بولاية كاليفورنيا"، كان يعمل في ذات الوقت مستشارًا لشركة جوجل وشركات أخرى في منطقة سلكونفالي.

وحين أتيحت الفرصة له في وظيفة مدير للخدمات اللغوية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، والانتقال للعالم العربي قبل ثلاثة أعوام، وعن هذا يقول عويس: يجتاح العالم العربي أمل التغيير وكنت أرغب أن أكون في هذا الوقت لأقدم ما أستطيع، ومن خلال عملي في جوجل نقدم خدمات ومنتجات باللغة العربية.

وشارك عويس في عديد من النشاطات في تونس والمغرب والبحرين ومصر والسعودية ولبنان وكانت معظم النشاطات تتركز حول المحتوى العربي في جوجل، موضحا  أن "المحتوى العربي على الإنترنت ضئيل جدا، وجزء من النشاطات كانت تشجيع المستخدمين من العالم العربي على إثراء المحتوى العربي بلغة عربية سليمة".

خلال الثلاثة أعوام الماضية، زار عويس فلسطين عشرات المرات، وتخلل ذلك ورش عمل ومحاضرات في جامعات الوطن، وكانت جزءًا من نشاطاته الشخصية أن يقدم شيئا للوطن لوجوده في شركة جوجل، وفق ما يقول.

اهتمام الجامعات الأميركية في اللغة العربية ازداد بعد أحداث أيلول/ سبتمبر من قبل أبناء الجالية العربية أو الطلاب المولودين في أميركا، ولم تسمح لهم الفرصة في تعلم اللغة العربية، وفق عويس، الذي أردف: أعتقد أن الممارسات التي حصلت بعد أحداث سبتمبر من قصة التمييز العنصري والمضايقات على بعض أبناء الجالية العربية والإسلامية في أميركا، دفعت الطلبة للسعي إلى اكتشاف الهوية. والجميع يعرف أن اللغة هي الهوية، فكان تعلم اللغة العربية جزءا من اهتماماتهم للتعرف على تاريخ الآباء والأجداد.

عائلة ثلاثية الهوية

عائلة عويس تمتاز بأنها ثلاثية الهوية، فهو أب لأربعة أبناء (فداء وسلام وجواد وصالح)، جميعهم ولدوا في الولايات المتحدة، ضمن بيئة متعددة الثقافات واللغات والديانات، ووالدهم عربي فلسطيني وأمهم سلفادورية من أميركا اللاتينية.

ويعتبر عويس أن تعدد الثقافات لدى عائلته أمر إيجابي بالنسبة لهم، فأصبحوا أكثر انفتاحًا على العالم، وعلى التنوع والثقافات الأخرى، خاصة أن عائلته تتكلم ثلاث لغات في البيت وتستطيع التعامل مع الجميع.

تصميم وتطوير