رمزية الشاطئ وغموض البحر - بقلم: عبد ابو شمسية

25.04.2014 12:57 PM

شكّل الشاطئ ملاذاً للعائمين ففي البحر قراصنة وأمواج عاتية وأعماق مظلمة إلا أن مجرد الوصول إلى البر لا يكفي فالمواطن الفلسطيني لا يفصل البر عن الامان ولن يكون ذلك إلا من خلال البدء بتنفيذ مصالحة مخيم الشاطئ كون المواطن يخشى أن يكون غاية الوصول ليس أكثر من إستراحة عائم.  لدي المواطن كل أسباب الارتياب إذ كان شاهداً على لقاءات لا تُعد ولا تُحصى واحتفل قبل هذه االمرة مرتان وثلاثة وعليه بات لزاماً على المتخاصمين فمتصالحين أن يكونوا قد وقفوا على معيقات المرات السابقة فاختبروها وأصبحوا واعين قادرين على وضع الحلول المناسبة لتجاوزها علما بان العقبات كثيرة وراكمت السنين آثارها.

اتفاق المصالحة الأخير والذي جرى الإعلان عنه في مخيم الشاطئ بات سيفا ذو حدين فان نجح كان السيف مسلطاً على أعداء فلسطين وان فشل كان مسلطاً على الوطن ورقاب المواطنين، ولذلك فإن إلتقاء الفصيلين الاكبر بين الفصائل يجب ان يقترن بصياغة استراتيجية وطنية ناجزة جامعة ومانعة من العودة إلى الوراء وعصية على المتربصين بهذا الوطن من داخله أو خارجه على حد سواء.  التقدم باستراجية وطنية لا بد ان يسبقه مصارحةً مع الذات واستعداداً وطنياً لتقبل الإختلاف وليس الخلاف وجاهزية للإجتهاد والتعامل مع حلول ربما لم تُولى اهمية سابقاً ولكنها قد تكون الأنسب بحكم الحالة الزمانية والمكانية وموجبات الاستعداد للتحديات داخلياً وخارجياً.  لقد أجمع المتابعون للتطورات المتلاحقة على الساحة الفلسطينية بأن العبرة ليست في الإتفاق وإنما بالقدرة على تنفيذ بنوده، وردود الفعل لدى الشارع الفلسطيني أولاً وبقية المراقبين ثانياً تكاد تستبق الأحداث وشبه حكمت مسبقاً على فشله وذلك ليس رغبة عند الفلسطينيين في الفشل وإنما توجساً من معيقات ربما يكون بالإمكان التعامل معها كحكومة الوفاق الوطني والموقف من المفاوضات و"تبادل الاسرى" وتهذيب القيود على الحريات العامة بينما في المرصاد تحديات ومعيقات اخرى جسام قد تورد الاتفاق برمته الى التهلكة وعلى رأسها كيفية إدارة ومعاملة موظفو الاجهزة الأمنية والمؤسسات العامة في الكيانين الغزاوي والضفاوي.

على المتصالحين أن لا ينهمكوا في اختبار النوايا وإستكشاف الخبابا وإنما بتثبيت القوانين الكفيلة بصيانة المصالح الوطنية العليا وفق نظام تتولى إدارته حكومة مركزية يُناط لها مهمة الإشراف على سلطتين في كل من غزة والضفة غلى غرار الأنظمة الفيدرالية المتبعة في كثير من الدول الاوروبية والاسيوية والامريكية مع مراعاة خصوصية الحالة الفلسطينية كون الشعب الفلسطيني لا زال يرزح تحت الاحتلال وبذلك فإن تبني اُسس نظام الحكم الفيدرالي سيكون مخرجاَ عملياَ لحالة التشابك الراهنه ويفسح المجال قانونياً أمام سلطتي غزة والضفة بتحديد سلطاتهما التشريعية والتنفيذية والقضائية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير