اليوم السابع والخمسون بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 11 مارس 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن: في الأوّل من رمضان، العدوان الصهيوني مستمرٌ قتلًا وتدميرًا وتجويعًا، ولا كابح له

17.03.2024 07:36 PM

 تخيب آمالنا مجدّدًا، نحن المحاصرون في قطاع غزة، بوقف العدوان الصهيوني، والذي ما يزال مستمرًا في كُلّ المناطق بحدّة، من الشمال وحتّى خانيونس، إضافةً إلى الاستمرار بالتهديد ضدّ رفح، والقصف الطيراني على استهدافات محددة في مدينة غزة، وسقوط المزيد من الشهيدات والشهداء والجريحات والجرحى.

وتخيب آمال الناس خصوصًا في مدينة غزة وشمالها نتيجة الإخلال بالوعود التي قيل لنا عنها، بأنّ المخابز ستعمل وستوفّر الخبز بالسعر الأصلي مع بدء شهر رمضان.

وتخيب آمال الناس أيضًا بوعود تسهيل حصولهم على المساعدات الغذائية تلبية لحاجاتهم من المواد الأساسية، والتي باتت مفقودةً من الأسواق، وقد كانت الأخبار انتشرت عن فتح ممرٍّ مائي يصل من قبرص إلى غزة لإيصال مواد غذائية من أمريكا للناس تحت الحصار الصهيوني، والذي يستمر في تعطيل إدخال المساعدات، وحتّى وإن دخلت إلينا بالفعل فهو يمنع الناس من الحصول عليها بإطلاق الرصاص عليهم كما حدث في مجزرة الطحين في شارع الرشيد غرب مدينة غزة أو على دوار الكويت في جنوبها.

وتخيب آمال الناس مجددًا في الحصول على المساعدات التي تُلقيها الطائرات، فهي لا تصل بالضرورة حسب المناطق التي تُلقى عليها، بل تهبط المظلات في مناطق بعيدة مثل الأراضي الزراعية المُجرّفة في الشمال، فيضطرّ الناس للسير مسافاتٍ طويلة وخطرة للوصول لها ليجدوا فقط وجباتٍ لا تسد جوع الفرد الواحد، أو صناديق بها مواد متنوعة بما يعني أنها تخصّ مجموعة من الأفراد، وهو الأمر الذي أثار مشكلات وصراعات بين الناس على نوعية المواد التي هبطت في المنطقة. فمثلا عندما يكون صندوقٌ كبيرٌ مليئًا بفوط صحيّة نسائية، وصندوقٌ آخر به أظرفة جافّة لمشروب الكابتشينو وآخر به عدد من كيلوات الطحين فإنّ هذا الوضع يخلق صراعاتٍ حادة بين الناس، لأنّ واقع الأمر أن الكلّ يرغب بالطحين، وما يهبط منه لا يكفي لتوزيعه على كلّ من في الحي، ومن العجيب أن يجدوا بدلًا منه أظرفه كابوتشينو، والأسوأ أن عددًا من المظلات لم تفتح وسقطت الصناديق على الناس مما أودى في إحدى المرات بحياة طفلين.

وكذلك تخيب آمال الناس في الحصول على الأمن والأمان، حيث كانوا يأملون أن يتوقّف العدوان وتعود الشرطة للإمساك بزمام الأمور والتصدّي للفلتان الأمني الذي تسببه عصاباتٌ مأجورة من الاحتلال ومن اللصوص الذين يُشيعون الفوضى. وقد قال لي أحد الزملاء أنه رأى بأمّ عينه كيف تجمّع ستة أشخاصٍ مسلحين بالسكاكين والأموات، وكيف لاحقوا أحد الشباب الذي كان يحمل عشرة كيلوات من الطحين وهدّدوه بالقتل إذا لم يسلمهم ما يحمله، وأنّهم برغم استجابته لهم وتسليمهم ما يحمله إلا أنهم أوسعوه ضربًا.

لا نعلم إلى متى ستستمر خيبات الأمل، فالأخبار لا تُبشّر بأيّ اتفاقٍ قريبٍ لوقف هذا العدوان الغادر، وأرواح الناس وحيواتهم معلّقةٌ على مجرّد أمنياتٍ تذوب في لحظة.

زينب الغنيمي، من مدينة غزة تحت القصف والحصار

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير