اليوم الرابع والخمسون بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 8 مارس 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن :اليوم العالمي للمرأة.. ذكرى باهتة وإحساسٌ بالغدر بينما نساء فلسطين تُنتهك حقوقهن

17.03.2024 05:31 PM

 من المفترض أن يكون هناك يومٌ عالميٌ لنصرة نساء فلسطين بالقدر الذي انتهكت فيه حُقوقهن، ولكن للأسف حقوقنا ينتهكها يوميًا جيش العدو الصهيوني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، والعالم يتفرّج بصمتٍ، والمؤسسة الأممية بكلّ صناديقها وبرامجها لا تُحرّك ساكنًا عدا بعض التصريحات بين الحين والآخر عن أهمية إدخال المواد الغذائية كمساعدات إنسانية فقط وليس من باب الحقوق المُستَحقّة.

في اليوم العالمي للمرأة، لننظر إلى حصيلة ما عانته الفلسطينيات في قطاع غزة منذ بدء العدوان الصهيوني الفاشي، أي خلال خمسة شهور فقط: نحو عشرة آلاف امرأة هو عدد الشهيدات اللواتي فقدن حقّهن في الحياة، ونحو خمسة وعشرين ألف جريحة، وما لا يقل عن عشرين ألف امرأةٍ وفتاة فقدن الزوج أو الأب أو الإبن، في حين تم تدمير ما لا يقل عن 350 ألف وحدة سكنية، والقضاء على كل ما يملكن من مساكن وأماكن للعمل. كذلك فقدت كلّ النساء والفتيات في قطاع غزة الحقّ في الأمن الشخصي والإنساني، والحقّ في الصحة حيث لا علاج ولا دواء للنساء وأطفالهن. كما فقدن الحق في الغذاء، حيث بات الجوع يهدّدهن ويُشعرن بالقهر وهن يرين أطفالهن يتضاءلون ويموتون جوعًا.

قائمة الحقوق المفقودة طويلة، وقائمة الانتهاكات لهذه الحقوق وغيرها أطول، وأنظمة العالم العربي تتجاهل كُلّ ذلك وتسعى لإرضاء الدُبّ الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على استقرار عروشهم، وأنظمة العالم الدولي ترى وتتفرّج بصمت، بل أكثر من ذلك، فهم يقدّمون الدعم للاحتلال الصهيوني الذي يستمرّ في عدوانه الغاشم على قطاع غزة ويستمرّ طبعًا في انتهاك حقوق النساء.

إن المؤسسة الأممية التي تحتفل اليوم بالثامن من آذار كيومٍ عالميٍّ للنساء تعجز عن تصدير موقفٍ أو قول كلمة حقًّ لصالح نساء غزة ونساء فلسطين ككُل، والمهزلة أنّهم وهم يحتفلون ويلقون بفتات موائدهم أمام النساء في قطاع غزة على شكل مساعداتٍ إنسانية أو في الضفة الغربية على شكل مشاريع صغيرة تافهة، ومقابلها يطلبون من الفلسطينيات أن يحتفلن بهذا اليوم، وكأنّهم معصوبي الأعين ولا يرون معاناتنا جرّاء هذا العدوان اللعين.

كثيرٌ من الصحافيات والإعلاميات اللواتي استطعن التواصل معي طلبن أن أشرح لهنّ معاناة المرأة الفلسطينية، ورغم أنني أعلم أنهنّ يعلمن حجم هذه المعاناة، كما يشهدها العالم كُلّه، لكنّني تجاوبت معهن لأنهن يرغبن في أن يكون هناك شاهدات وشهود على جرائم الاحتلال الصهيوني المرتكبة بحقّنا كفلسطينيات، سواء جرائم الإبادة الجماعية أو الفردية أو الاعتداءات الجسدية والنفسية والجنسية.

هذه الجرائم التي تُنكرها الإدارة الأمريكية، بل تُعيق بنفسها الأمم المتحدة عن اتخاذ قرارٍ لإدانة الاحتلال، لإنّها تُشجع الوحش الصهيوني على الاستمرار في ارتكاب جرائمه وتُزوّده بالسلاح والإمكانيات ليقضيا معًا على قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة والمشروعة على أرض وطنه.

إنّ الثامن من آذار لم يعد يعني لنا سوى ذكرى للألم والقهر وخيبة الأمل الذي نعاني منها في فلسطين، حيث ليس لدينا الوقت ولا الإمكانية لنفكّر بهذا اليوم أو غيره. وجُلّ ما نفكّر به اليوم هو كيف يمكن إنهاء هذا العدوان وكيف نحاول أن نستمر على قيد الحياة ونحرص قدر الإمكان على حقّنا في البقاء بكرامة.

زينب الغنيمي، من مدينة غزة تحت القصف والحصار

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير