زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: اليوم يشبه الأمس وما قبل الأمس، العدوان مستمر والقلق والتوتر مستمران، بينما تقترب منّا المجاعة

03.03.2024 10:42 AM

اليوم الحادي والأربعون بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 24 فبراير 2024

قد لا يعرف البعض مهما وصفنا لهم ماذا يعني أن نعيش تحت عدوان عسكري صهيوني. لعلّ المشاهد في محطّات التلفزة وتوثيقات المراسلين والإعلاميين لا تكفي لتوضيح الصورة، وربما ملّ المشاهدون والمشاهدات من هذه الصور والوثائق التي يتكرّر نشرها يوميًا: نساءٌ ورجالٌ يستصرخون ضمائر العالم لوقف هذا العدوان، أطفالٌ يبكون آباءهم الشهداء، وآخرون يجلسون جوار الجدار ينتظرون أمهاتهم اللواتي يحملن أوعية الألومنيوم أو الطناجر  ويقاتلن ليحصلن على  ملعقتين كبيرتين من الطعام لسدّ جوع أطفالهن.

ولربما ملّ البعض أيضًا من كتاباتي اليومية، حيث أكرّر فيها أحيانًا وصف الأحداث التي نعيشها يوميًا في قطاع غزة، بغض النظر عن موقعنا، سواء نحن المحاصرون في غزّة المدينة أو الآخرون المحاصرون خارجها جنوبًا، فنحن مهدّدون بالقتل بكافة الأشكال، وربما نُدفن تحت الركام، أو في مقابر جماعية، حيث أصبحنا جميعنا مشاريع شهادة.

نفيق كلَّ صباح نتحسّسُ أجسادنا وأنّنا مازلنا أحياء. قريبتي التي تصحو عند صلاة الفجر وتجدني قبالتها وأنا مستيقظةٌ أيضًا، تردّد يوميًا نفس العبارة "الحمد لله أننا أحياء والحمدلله على نعمة الحياة".

وشأننا شأن الجميع؛ نبدأ صباحنا بالتفكير بماذا سنطعم الأطفال أولا، ومع نقص المواد الأساسية ننشغل بمحاولة صناعة مأكولاتٍ مما هو متوفّرٌ في السوق مثل الخبيزة أو الجزر. أمّا الخبز، فقد اختفى تقريبًا من معظم البيوت، والأرزّ أيضًا، حتى حليب الأطفال لم يعد موجودًا.

اليوم دخلت إلى غزة عدّة شاحناتٍ تحمل الطحين، ومنذ يومين ولجان الأحياء تقوم بإحصاء العائلات لتوزيعه. ولكن وبمجرد أن دخلت الشاحنات، هجم الناس عليها كُلٌّ يحاول أخذ كيس من الطحين ليطعم أولاده الجياع، هذا ما وصل إليه حالنا للأسف في غزة وشمالها.

تحدّثت اليوم مع صديقتي المقيمة خارج البلاد، وكان أول سؤالٍ لها كباقي الأشخاص الذين اعتادوا طرح نفس السؤال "طمنيني، عندكم أكل؟" أبلغتها أنّنا اليوم سنطبخ الجزر المفروم مع بعض الأرز على شكل شوربة ثقيلة، وأمس طبخنا الجزر المقطّع مع صلصة الطحينة وبعض الأرز. أما غدًا، سنطبخ الخبيزة مع قليل من الأرز  كما كان الحال أول أمس، فالخيارات محدودة.

خطّطنا اليوم أيضًا لنذهب لإحضار بعض الأخشاب لنستعملها في موقد الحطب للطبخ، ولكن المشروع تأجّل حتى الغد لأنّنا لم نتمكّن من توفير وسيلة مواصلات. سألتني صديقتي "هل معقول أنكم تطبخون على موقد حطب؟"، فاختصرت عليها الإجابة بأن أرسلت لها صورتي أمام الموقد.

صحيح أننا لا نعرف متى سينتهي هذا الوضع ولكن لابد من أنّه سينتهي حتمًا، وحتى ذلك الحين سنحاول أن نظلّ بخير.

زينب الغنيمي، من مدينة غزّة تحت القصف

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير