تحت ستار بيئي.. مشاريع بُنى تحتية إسرائيلية ضخمة في الضفة والجولان لتهويدهما

09.08.2023 03:06 PM

وطن- جورج كرزم

بلورت الحكومات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة مشاريع ضخمة، أسمتها "بيئية"، بقيمة مئات ملايين الدولارات، لإقامة وتطوير منشآت لمعالجة النفايات الإسرائيلية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، سواء تلك الناتجة من المستعمرات أم من "إسرائيل".

وآخر هذه المشاريع بلورتها وزارتا البيئة والمالية في شهر مايو/ أيار الماضي لمعالجة مشكلة حرق النفايات في الضفة الغربية.
الذريعة الإسرائيلية المعلنة هي أن "النفايات التي تُحرق في الضفة الغربية تعد مصدرًا خطيرًا لتلوث الهواء، ما يؤثر على مئات الآلاف من الإسرائيليين والفلسطينيين"، بمعنى أن الحكومة الإسرائيلية تسوّق نفسها بمظهر الحريص على المنظومة البيئية والصحية للمستوطنين الغزاة والفلسطينيين في الضفة على حد سواء؛ علمًا أن الوزارتين المذكورتين يرأسهما وزيران عنصريان متطرفان (وزيرة البيئة "عيديت سيلمان"، ووزير المالية "بتسلئيل سموتريش") يعدان الضفة الغربية جزءًا من "أرض إسرائيل"، بل إن "سموتريش" يرى الأردن أيضًا جزءًا من "أرض إسرائيل الكبرى"، ويدعو إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وحرق قراهم (حوارة أنموذجًا).

القرار الحكومي الجديد سيسمح بتوسيع التشريعات البيئية في "إسرائيل" لتشمل الضفة الغربية، هذا الوضع يخدم اتجاه الحكومة الفاشية نحو تعميق وتثبيت السيطرة الإسرائيلية على جميع أنحاء الضفة الغربية (دون أي اعتبار للتقسيمات الجغرافية الإسرائيلية الاستعمارية- A, B, C- المُوّقعة من رموز فلسطينية رسمية).

وفقًا للقرار الحكومي الإسرائيلي، ستُحوّل في المرحلة الحالية موازنة قدرها 20 مليون شيقل للتخلص من النفايات في 25 قرية فلسطينية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وفي مدينة أريحا.

تصل هذه النفايات إلى 33 مكبًا عشوائيًا، حيث تشتعل الحرائق الكبرى المتكررة.
مصدر الموازنة هو "صندوق الحفاظ على النظافة" الذي تديره وزارة البيئة الإسرائيلية، وستُستخدم الموازنة لتمويل نقل النفايات إلى المكبات الصحية لمدة ثلاث سنوات.

وسيُشكل فريق وزاري (إسرائيلي) لتقديم خطة شاملة للحكومة للتعامل مع المخاطر البيئية "العابرة للحدود"، وتتمثل إحدى المهام الرئيسة للفريق في تعزيز إنشاء مرافق لمعالجة نفايات الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية، بما في ذلك مرافق لتدوير النفايات وتوليد الكهرباء بحرقها (النفايات).

المشاريع الإسرائيلية الضخمة في الضفة الغربية حصلت في السنوات الأخيرة، على الموافقات والتصاريح من الجهات الإسرائيلية المعنية، وتحديدًا وزارات البيئة والبنى التحتية والمالية والأمن، إضافة إلى "الإدارة المدنية" (وتحديدًا ما يسمى منسّق أنشطة الحكومة الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينية). 

المصادر الإسرائيلية ذاتها أفادت في حينه، أن منسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية عرض على ممثلي السلطة الفلسطينية، في اجتماع عُقد بينهما قبل نحو أربع سنوات، الملامح الرئيسة للمشاريع الإسرائيلية في الضفة الغربية.
واقع المشهد البيئي في الضفة الغربية يشير إلى أن كميات ضخمة من النفايات الإسرائيلية تحديدًا (في الضفة) تُحرق.
  مجلة "آفاق" أحصت في السنوات الأخيرة، نحو خمسين موقعًا في الضفة تشتعل فيها نيران النفايات الإسرائيلية اشتعالًا شبه دائم، وفي المقابل، حرق النفايات الفلسطينية ناتج عن منع الاحتلال تحديدًا، إنشاء مكبات فلسطينية صحية، أو توسيع المكبات القائمة؛ إذ يُشترط أن تخدم هذه المكبات المستوطنات الإسرائيلية أيضًا.

الموازنات الحكومية الإسرائيلية الضخمة تتواصل في التدفق سنويًا إلى الضفة الغربية لتثبيت وتوسعة وتطوير البنى التحتية الاستيطانية، بحيث تتمكن من استيعاب المزيد من المستعمِرين الصهاينة؛ وذلك بتغييب إسرائيلي كامل للسلطة الفلسطينية، كأنها غير قائمة.

وكثيرًا ما تُنفذ المشاريع الاستيطانية المتعاظمة في الضفة تحت ستار بيئي، وفي المحصلة، تهدف المشاريع الحكومية الإسرائيلية الجارية في الضفة، وبخاصة تلك المتصلة بالبنى التحتية (النفايات، المياه، المياه العادمة، الشوارع الواسعة والطويلة والجسور والأنفاق وما إلى ذلك) تهدف إلى تثبيت وتعميق السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، وبالتالي تحضير الأرضية اللازمة لضم الضفة إلى "إسرائيل".

تعميق السيطرة الإسرائيلية في الضفة
يقترح أيضًا، المشروع الحكومي الإسرائيلي الأخير تغيير لوائح مجالس الاستيطان المحلية، بحيث يكون من الممكن تطبيق بعض القوانين البيئية السارية في "إسرائيل".

مشروع القرار الإسرائيلي المطروح يذكر تحديدًا قانون "الهواء النظيف" وقانون "معالجة النفايات الإلكترونية".
وزيرة البيئة الإسرائيلية، عيديت سيلمان، صرَّحت أنها تهدف إلى نقل صلاحيات إدارة الشؤون البيئية في الضفة الغربية- والتي هي حاليًا بيد "الإدارة المدنية"- إلى وزارتها.

ظاهريًا، تبدو هذه الخطوة ضرورية من وجهة نظر بيئية، لكن، بطبيعة الحال، هدفها سياسي وهو تعميق السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

بيني الباز، ضابط جودة البيئية في "الإدارة المدنية"، قال في مؤتمر إسرائيلي عُقد في راس العين: "نعتزم إنشاء مكب صحي آخر بتمويل ألماني في منطقة شرق الضفة، بحيث يحل مشكلة نفايات 700 ألف مواطن في المنطقة ".
  أحد أسباب عدم إنشاء مثل هذا المكب حتى يومنا هذا هو معارضة المستوطنين لأن يخدم المكب البلدات الفلسطينية فقط، وطالبوا بأن يُتخلص من نفايات المستوطنات في المكب ذاته أيضًا.

وبحسب وزارة البيئة الإسرائيلية، يوجد في الضفة الغربية 123 موقعًا (إسرائيليًا وفلسطينيًا) تُحْرَق فيها النفايات إلى حد كبير، وتتسبب هذه المواقع بتلوث خطير للهواء في عدة بؤر.

تقع إحدى هذه البؤر في منطقة القرى الفلسطينية شرقي راس العين وكفر قاسم، بؤر أخرى تقع شمال شرق القدس بمحاذاة مستوطنات شمال البحر الميت، حيث تُحرق النفايات الزراعية بشكل أساسي.

إحدى البؤر الكبيرة لحرائق النفايات تقع جنوب غرب الخليل، وبخاصة قرى إذنا، بيت عوا، دير سامت والكوم؛ حيث تزدهر الصناعة الخاصة بمعالجة النفايات الإلكترونية المهرّبة من "إسرائيل" ويعاد تدوير مكوناتها، إلا أن بعض هذه النفايات يُحْرَق. 
ومن المعروف أن أهم أسباب حرق النفايات يكمن في نقص القدرة التنظيمية للسلطة الفلسطينية التي تواجه صعوبة في إدارة نقلها ودفنها في مواقع النفايات الكبيرة. 

يضاف إلى ذلك، أن العديد من القرى الفلسطينية تعاني ضائقة اقتصادية، وبالتالي لا تستطيع تمويل نقل النفايات إلى مكبات قانونية.
في إثر الارتفاع الكبير في أسعار المعادن مثل الألمنيوم، أصبح حرق النفايات الإلكترونية نشاطًا مجديًا اقتصاديًا، إذ تُستخرج المعادن بواسطة حرق النفايات، ومن ثم تُباع في الأسواق الإسرائيلية. وحتى الآن، فشلت إلى حد كبير، محاولات تنظيم هذا النشاط لمنع الحرائق.

كميات هائلة من النفايات الإلكترونية الإسرائيلية تُهَرَّب (عبر المعابر الإسرائيلية وبمعرفة سلطات الاحتلال) إلى قرى جنوب الخليل المذكورة.

الواقع في قرى جنوب الخليل يجعل أهالي المنطقة عرضة لحرائق متكررة، في إثر حرق المخلفات الإلكترونية، وبسبب تركيبها، فإن الأدخنة السوداء المتصاعدة في الهواء تحوي مجموعة متنوعة من المواد الخطرة شديدة السمية، وبخاصة المعادن السامة كالرصاص والكادميوم والكروم والزرنيخ، والديوكسينات (مركبات الكلور السامة).

المخلفات الإلكترونية المهرّبة عبر المعابر من "إسرائيل" إلى القرى الفلسطينية جنوب الخليل، تُفَكَّك فيها، بواسطة حرق الكابلات البلاستيكية، بهدف استخراج المعادن الموجودة فيها وبيعها إلى "إسرائيل" عبر الوسطاء.
وبطبيعة الحال، هذه السلسلة من النشاطات تعد غير قانونية حتى من المنظور الإسرائيلي، لأن النفايات الإلكترونية في "إسرائيل" يفترض جمعها وإرسالها لإعادة التدوير عن طريق شركتين قانونيتين تلتزمان بنقل ما جمعتهما إلى مرافق متخصصة بتفكيك وإعادة تدوير النفايات.

العاملون الفلسطينيون في مرافق التفكيك وإعادة التدوير باتوا عرضة لمخاطر صحية بسبب تعاملهم المباشر مع المواد السامة في أثناء عملهم. ومنذ أكثر من خمس عشرة سنة أصبح سكان المنطقة رهائن لنشاط مدمر يهدد صحتهم بالخطر دون توقف.
إضعاف "إسرائيل" المستمر للسلطة الفلسطينية، وتقويض قدرتها على تحمل مسؤوليتها عن جزء من الأرض الفلسطينية، تسبّبا في عجزها الفعلي عن الإشراف على إزالة النفايات ووضع حد لهذه الظاهرة البيئية المدمرة والمعتمدة بالدرجة الأولى على المواد الإلكترونية الإسرائيلية. 

حرائق النفايات هي مصدر معظم المواد المسرطنة المنبعثة في الهواء، ومصدر جزء كبير من الجسيمات المنبعثة، والتي هي عبارة عن جسيمات ملوِّثة ذات قطر صغير تخترق الجهاز التنفسي وتسبّب أمراضًا تنفسية، وصولًا إلى الوفاة.
من وجهة نظرنا، يمكن للجهات الفلسطينية الرسمية والأهلية المعنية في قرى جنوب الخليل، أن تفرض سيطرة أكثر صرامة وفعالية على تهريب النفايات، لكن هذا لن يكون كافياً.

المطلوب أيضًا تنفيذ مشاريع تنموية- بيئية مستدامة لتنظيم معالجة النفايات الإلكترونية (الفلسطينية أساسًا) وتوفير سبل العيش للسكان، دون المخاطرة بالبيئة؛ من قبيل توفير أجهزة لقشط (قشر) الكابلات المحتوية على معادن، وبالتالي منع حرقها، وذلك إلى جانب تحديد مواقع الحرق وحظرها.

عديد من الفلسطينيين اكتسبوا خبرة كبيرة في التعامل مع هذه النفايات، وهم يعرفون كيفية إعادة تدويرها، لذا، يمكن دمجهم بطريقة بيئية في عملية حل مشكلة خطيرة.

الضفة الغربية "مزبلة" للنفايات الإسرائيلية الخطرة
حسب وزارة البيئة الإسرائيلية، تنتج "إسرائيل" سنويًا أكثر من 300 ألف طن نفايات خطرة، بما في ذلك مذيبات وأحماض خطرة وسامة جدًا.

مصدر الجزء الأكبر من هذه النفايات هو المصانع الإسرائيلية الكبيرة، النفايات المعدنية تحتل حصة الأسد من إجمالي النفايات الإسرائيلية الخطرة سنويًا؛ إذ بلغت نحو 45 ألف طن، علمًا أن البطاريات التي تحوي معدن الرصاص السام تعد من أهم مصادر النفايات المعدنية الخطرة. 

تقارير الوزارة المذكورة تؤكد على عدم وجود توجه إسرائيلي جدي لتقليل استخدام المواد الكيميائية الخطرة في السنوات القادمة، والتي تُقدر بأكثر من مليون طن سنويًا.
تقرير سابق لمجلة "آفاق"، أفاد أن نحو ثلثي النفايات الإسرائيلية الخطرة، بما فيها مخلفات الصناعات العسكرية، أي نحو 200 ألف طن، يُتخلص منها وتُدفن خارج مكب النفايات الخطرة في "رمات حوفيف" الواقع في صحراء النقب، وتحديدًا في أراضي الضفة الغربية والجولان.

الجدير بالذكر، أن الإسرائيليين يعارضون بشدة إقامة منشآت لمعالجة النفايات بمحاذاة مناطق سكنهم في "إسرائيل"، لأنهم يخشون المخاطر البيئية والصحية.

كما أن رؤساء السلطات المحلية الإسرائيلية يرفضون إنشاء مرافق لتدوير النفايات في المناطق الصناعية الواقعة تحت نفوذهم؛ بصرف النظر عن مدى حداثة تلك المرافق، لأنهم يخشون من أن يضعف ذلك قدرتهم على جذب مصانع أخرى إلى تلك المناطق، بينما الواقع في الضفة الغربية يختلف تمامًا، حيث تتكاثر مدافن النفايات الإسرائيلية ومواقع معالجتها وتدويرها؛ دون أي اعتبار للقانون الدولي.
مع أن "إسرائيل" تملك نظاماً فنيًا متقدمًا لمعالجة النفايات؛ إلا أن الرفض الداخلي لإقامة منشآت المعالجة داخل "إسرائيل" ذاتها، إلى جانب التكاليف المرتفعة الناتجة عن الأنظمة البيئية الصارمة، والقيود الدولية الخاصة بتصدير النفايات، شجّع "إسرائيل" على استغلال الأراضي الفلسطينية في الضفة لإقامة مرافق معالجة النفايات عليها. 

كما ذكرنا آنفًا، عمليات التخلص من النفايات الإسرائيلية في أراضي الضفة تتم بمعرفة وتشجيع السلطات الإسرائيلية وبتصريح منها، بمن فيهم ما يسمى "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال وأيضًا وزارة البيئة الإسرائيلية.
جزء كبير من النفايات الإسرائيلية يُتخلّص منها في أراضي الضفة الغربية والجولان السوري المحتل، وليس نفايات المستعمرات فحسب، بل كذلك النفايات من "إسرائيل" ذاتها. 

فعلى سبيل المثال، يوجد في الأغوار الفلسطينية موقع للنفايات الإسرائيلية يستوعب 60% من الحمأة السامة الناتجة عن محطات معالجة المياه العادمة في "إسرائيل".

وفي بعض المواقع بالضفة تُجرى عمليات تدوير نفايات خطرة، كما الموقع الذي يعالج الزيوت الإسرائيلية المستخدمة والكائن في مستعمرة "أرئيل" الرابضة على أراضي سلفيت وقراها. 
موقع آخر قائم في مستعمرة "شيلو" ويعالج المعادن والمذيبات الكيميائية الخطرة.
وفي المنطقة الصناعية بمستعمرة "معالي أفرايم" في الأغوار الفلسطينية، يقع أكبر موقع إسرائيلي لمعالجة النفايات الطبية التي تصل من المشافي والمختبرات في "إسرائيل". 
بعض المواقع تحوي مرافق حديثة، مثل مصنع تدوير النفايات الإلكترونية في المنطقة الصناعية الإسرائيلية "بركان" الواقعة في منطقة سلفيت. 

وفي مواقع أخرى، مثل أراضي الأغوار التي تُدفن فيها النفايات العضوية وغير العضوية السامة، وتحديدًا الموقع المسمى "طوفلان"، طريقة التخلص من النفايات الإسرائيلية بدائية، بحيث تُترك بشكلها الخام في الأراضي المفتوحة.
المفارقة المضحكة أن "إسرائيل" وقعّت جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي تعالج حركة المخلفات السامة وكيفية التخلص منها، إلا أنها مع ذلك، تدوس على تلك الاتفاقيات والمعاهدات التي تحرّم التخلص من النفايات الخطرة والسامة، أو دفنها في الأراضي الفلسطينية.

المنشآت الإسرائيلية في الضفة التي تستوعب النفايات الإسرائيلية لا تخضع لأي رقابة أو تفتيش، كما هو الحال في "إسرائيل"، بل إن المنشآت والمناطق الصناعية الإسرائيلية في الضفة، تتمتع بمحفزات مالية وخصومات ضريبية ودعم حكومي كبير؛ ما جعل إنشاء وتشغيل مرافق إسرائيلية لمعالجة النفايات في الضفة أكثر ربحية بكثير من إنشاء تلك المرافق داخل "إسرائيل".       
الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية يعد أساسًا مشروعًا اقتصاديًا مربحًا جدًا، به تُستغل الضفة اقتصاديًا وأمنيًا، بحيث يضمن للرأسماليين الصهاينة مبالغ ومداخيل مالية هائلة، مقابل التهميش التام لمصالح واحتياجات الفلسطينيين الذين تُداس حقوقهم وتنتهك كرامتهم وتدمر بيئتهم على مدار الساعة. 

وكما الحال في أي نظام استعماري- رأسمالي، ينشط المشروع الاقتصادي لهذا النظام على حساب الموارد الطبيعية لأصحاب الأرض الأصليين واستغلال قوة عملهم الرخيصة. 
ويبرز هذا الواقع الاستعماري الوحشي على نحو صارخ في آليات استعباد المنشآت الاقتصادية والصناعية الإسرائيلية للعمال الفلسطينيين العاملين فيها.

"توربينات" النهب والتدمير

مسرحية بيئية سياسية إسرائيلية أخيرة برزت أيضًا، في الأشهر الأخيرة، بواسطة مشروع إسرائيلي كبير لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح في الجولان السوري المحتل، وتحديدًا في منطقة سحيتا بين قرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا؛ فتحت الستار البيئي، إذ بلورت سلطات الاحتلال "مخططًا جيوسياسياً" يهدف إلى تثبيت توربينات رياح ضخمة في مرتفعات الجولان لتوليد الكهرباء، ما سيؤدي إلى مصادرة وتدمير آلاف الدونمات الزراعية الخصبة التي يزرع الفلاحون الجولانيون معظمها بالتفاح والكرز، أي أن هذه الأراضي تشكّل مصدر رزق أساسي للفلاحين السوريين هناك.  يُضاف إلى ذلك ما سيولّده هذا المشروع من أذى صحي وتشويه للمشهد الطبيعي الخلاب الجاذب للسياحة في قرى المنطقة، وبالتالي القضاء على اللوحة الريفية الساحرة في الجولان. 
معظم مواطني الجولان السوريين (نحو 80%) يعتاشون من العمل الزراعي تحديدًا في الأراضي التي يخطط الاحتلال (عن طريق شركته "إنرجيكس") إقامة عشرات التوربينات عليها.

أهالي الجولان لم يقفوا متفرجين، بل انتفضوا بالآلاف ضد المشروع الذي يهدف إلى اقتلاعهم من أرضهم وتهويدها.
مشروع التوربينات واجه أيضًا معارضة من بعض المنظمات البيئية الإسرائيلية، باعتبار أن التوربينات ستؤدي إلى قتل عدد كبير من الطيور المتنوعة في تلك المنطقة، علاوة على ما سيعانيه مواطنو الجولان جراء التلوث الضوضائي وشدة الانعكاسات الضوئية من شفرات التوربينات في أثناء دورانها، هذا المُعطى الأخير تحديدًا، قائم أيضًا في مواقع أخرى في فلسطين ومناطق عديدة في العالم.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير