بوادر لنجاح "المجرشة الخضراء للبلاستيك" تقودها أول مهندسة غزّاوية في هذا المجال

11.06.2023 03:59 PM

وطن- فاطمة زكي أبو حية

منذ تخرجها عام 2016، تنقلت المهندسة البيئية ولاء أبو طير بين عدة وظائف، لم تجد في أي منها الاستقرار والدخل المنشودين، فكلها كانت مؤقتة ومرهونة بعقودٍ محدودة الأجل، لكنها لحسن الحظ التقطت منها ما هو أهم وأكثر ديمومة، عندما عثرت على فكرة مشروع تخدم به نفسها ومجتمعها وبيئتها.

  قبل عدة أشهر، أسست أبو طير (29 سنة) "الورشة الخضراء لجرش البلاستيك" Eco Plas Gaza  في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لتكون بذلك أول امرأة تعمل في هذا المجال.

خطوةٌ نحو الحل

حين عملت ولاء مهندسة بيئية في تلك الوظائف المتفرقة والمؤقتة، لاحظت تكرار مشكلة تراكم النفايات الصلبة بكميات كبيرة وعدم وجود مساحات كافية لطمرها، إضافة إلى ارتفاع تكاليف نقلها والتخلص منها في مكبات النفايات الصحية، وبخاصة النفايات البلاستيكية التي يستغرق تحللها مئات السنين.

أمام أكوام النفايات، تساءلت أبو طير عن مصيرها، وفكرت في حلول للتخلص منها دون انتظار تحللها بعد قرونٍ وقرون، والأهم أنها قررت أن تبدأ بنفسها، مهما كان ما يمكنها فعله بسيطًا، وبعد بحث وتفكير توصلت إلى فكرة تأسيس ورشة لجرش البلاستيك وإعادة تدويره، تمهيدًا لاستخدامه مادة خام في الصناعات البلاستيكية.

تقول لمراسلة "آفاق البيئة والتنمية": "اخترت هذه الفكرة لكونها تتناسب مع تخصصي الجامعي وخبراتي العملية، ولأنها تساعدني في أداء دوري تجاه البيئة، بالحفاظ عليها من التلوث البلاستيكي من جهة، ومن جهة أخرى تمكنني من خدمة مجتمعي بتوفير فرص عمل، وتحقق لي مصدر دخل مناسب".

وتضيف: "استغرق تنفيذ الفكرة عدة شهور، بدءًا من إجراء دراسة الجدوى والتأكد من كون المشروع مجديًا اقتصاديًا ومدرًا للدخل، وحتى الحصول على الدعم من مركز شؤون المرأة في غزة، وتجهيز المكان وتوفير المعدات وتدريب العمال، وانتهاءً بالافتتاح الرسمي للورشة".

دعمًا للمرأة

المصدر الأول للنفايات البلاستيكية، هو سيدات الفئات المهمشة، حيث أحد أهداف المشروع، دعم هؤلاء النساء، وفي حال عدم الحصول على ما يكفي من البلاستيك منهن، تلجأ الورشة للبلديات، أو تشتريه من التجار.

في "الورشة الخضراء"، يعمل أربعة عمال في تحويل النفايات البلاستيكية إلى مادة خام لصناعات أخرى، بواسطة عمليات الفرز والتنظيف والقص والجرش، ثم الغسل بالمياه والتجفيف، وأخيرًا تغليف البلاستيك المجروش وتوريده للتجار.
وتبين أبو طير أن البلاستيك الذي تنتجه ورشتها، يُستخدم في صناعات مختلفة، مثل الخراطيم والمواسير والتمديدات الكهربائية والألعاب.

وتعرب عن ارتياحها لاستقرار العمل في الورشة فــ "النتائج الأولية مُرضية" كما تقول، ويبقى العائق الأبرز هو انقطاع التيار الكهربائي، لذا تأمل أن تزودها الجهات الداعمة بنظام "الطاقة الشمسية".

ولا تتوقف طموحات أبو طير عند نجاح مشروعها حاليًا، فهي ستواصل السعي إلى أن يتسنى لها تأسيس مصنع بلاستيك يستخدم المادة الخام التي تنتجها المجرشة.

وتشير صاحبة "الورشة الخضراء" إلى أنها تحاول بعملها هذا أن تعزز دور المرأة في المجتمع، وتنشر فيه ثقافة فرز البلاستيك.
وعن كونها أول امرأة تؤسس مجرشة في القطاع، تقول أبو طير: "لم أجد مشكلة من قبيل اعتراض أو استغراب المحيطين بي، ولم تكن لدي أي مخاوف تتصل بالمشروع لثقتي بنفسي وبقدرتي على مواجهة العقبات وتحقيق ما أريد. أنا فخورة حقًا بنجاحي في هذه التجربة".

لأجل البيئة والاقتصاد

وفي هذا الصدد، تنصح أبو طير الباحثين عن أفكار لمشروعات خاصة بخوض تجارب مشابهة لتجربتها، فإن كان هدفهم الحفاظ على البيئة، "فالمجرشة تساهم في ذلك، حتى إن كانت تعيد تدوير كميات بسيطة من النفايات، ويدًا بيد يصبح التغيير ممكنًا من أجل البيئة وحمايتها من التلوث، وتحسين واقعها المتدهور، وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة"، تبعًا لحديثها.

وتضيف: "وعلى الصعيد المادي، مثل هذه المشاريع تعود على أصحابها بربح مجدٍ، شريطة أن يراعوا التخطيط الجيد والعمل السليم".
ومن أجل الهدفين، البيئي والاقتصادي، تطالب أبو طير الجهات الداعمة للمشاريع الريادية والصغيرة بتوفير الدعم اللازم للمشاريع المتصلة بالبيئة.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير