عدنان الصباح يكتب لوطن ... ثورة الروح ضد ثروة القتل

12.05.2023 07:04 PM

 ان القيمة الفائضة  التي ظهرت مع ظهور العبودية تراجعت الى فائض القيمة الجنيني بظهور الرق وقد سميت في الحالتين بفائض الناتج الاجتماعي حسب التعريف الادق اما سبب اصراري على تسميتها في عصر العبودية بالقيمة الفائضة فهو لان احتساب فائض القيمة الرأسمالي يأتي من خلال احتساب كلفة السلعة من خلال مكوناتها الاربع وهي قوة العمل " اليد العاملة " وادوات العمل " الآلات والمعدات " والمواد الخام وراس المال ففي  عصر العبودية كان هناك اليد العاملة المجانية " العبيد " والمواد الخام التي يتم الحصول عليها من الطبيعة كليا وبالتالي غاب كليا أي دور للطرف الثاني من العملية الانتاجية وهو رب العامل المسيطر ولم يكن هناك سوى طرف منتج وطرف مسيطر يحصل على انتاج المنتجين بالسلطة ويتحول العاملين الى العمل بالسخرة فهو لا يقدم لهم حتى قوتهم بل يقومون بإنتاجه بأنفسهم مما يعني ان القيمة التي ضمنت بالمنتج الطبيعي جاءت فقط من تدخل قوة العمل لا اكثر ولا اقل وهو يعني انها القيمة الفائضة بالمطلق عن حاجة المنتج والتي يحصل عليها المسيطر او السيد او صاحب السلطة بلا مقابل سوى السطوة.

تدريجيا ولتعدد السادة وتنوع الامتلاك وتعدد الحاجات وظهور نظام المبادلة ثم نظام البيع وظهور الذهب كأداة سداد مقدمة لظهور النقد وكذا ظهور تقسيم العمل عبر تعدد السلع والاحتياجات  مما جعل السادة يتقاسمون الادوار والمهمات عبر الانتقال الى امتلاك الارض كمنتج طبيعي للمواد الخام وامتلاك البشر كقوة عمل ضرورية لإنتاج السلعة وتحول العبد الى قن يقسم ايام عمله الى قسمين ستة ايام في الاسبوع ينتج فيها لصالح سيده الاقطاعي في ارض كبيرة تخص الاقطاعي ويوم واحد ينتج فيه ما هو ضروري لمواصلة حياته ليس لأهميتها لنفسه بل لأهميتها للإقطاعي حتى يواصل الرق عمله الانتاجي في اقطاعية سيده واحيانا كانت تصبح ثلاثة يضاف اليها العمل في انتاج احتياجات السيد وعائلته في يوم او اكثر وباقي الايام لإنتاج الفائض لصالح تجارة السيد الاقطاعي وتطور ثروته بأشكال مختلفة.

مما سبق يتضح ان الاصل في التشكيلة الاجتماعية السابقة لتشكيلة الرق كان انتاج الحاجة الخاصة اكانت للفرد نفسه او لأسرته الى ان تم ارضاخ العامة لصالح الخاصة وهي هنا ليست خاصة الفكر وانما خاصة القوة فظهر الاقوياء والضعفاء أي المسيطرين والمسيطر عليهم وبات المسيطر عليه ينتج لنفسه وللمسيطر دون ان يفعل شيئا وباتت ملكية الاقوياء لسواهم من الضعفاء هي الملكية الاولى على وجه الارض واصبحت ملكية الارض هي الملكية الثانية التي اوجدتها تعدد الاسياد وصراعاتهم على الثروة والتي كانت الارض مصدرها الاساس وغني عن القول ان شكل الصراع البدائي تطور الى يومنا هذا بالأشكال التي نراها ونعيشها بدءا من السيف والرمح وانتهاء بما هو معروف وغير معروف من اسلحة تقليدية وبيولوجية ونووية وحتى سلاح الفكر والاعلام كأخطر انواع الاسلحة الذي تطور عن سلاح الخرافة واديان الخرافة التي ابتكرها الاسياد حين جعلوا من انفسهم آلهة لإخضاع الاتباع بالقبول وتحولهم لخدمة الاسياد طواعية وايمانا او تغليفا للخنوع بالقبول على شكل ايمان روحي وديني.

القيمة الفائضة في اصلها هي ملك منتجيها بالكامل والسطو بالقوة هو الذي حولها لصالح فئة صغيرة على حساب الغالبية المطلقة من بني البشر بالقوة وهو ما لا زال يجري حتى اليوم بأشكال مختلفة فسرقة خيرات الشعوب الضعيفة والعودة بيها اليهم منتجات وسلع رأسمالية لبيعها لهم بأسعار كبيرة هي مواصلة طبيعية للسرقة الام فالصمغ ونبات الكولا الافريقي المضمن في منتجات الكولا يعود للشعب السوداني سلعة يشترونها علما بانها ملكهم هم وينتجونها بأبخس الاثمان لصالح السادة الرأسماليين ولا يمكنهم استخدامها هم او يتم منعهم من فعل ذلك بما يسمى باحتكار السوق والاسوأ ان الشركات عابرة القارات حولت انتاجها الى البلدان المنتجة للمواد الخام فهي تنتج ما تريد في ارض تلك البلد وبقوة عمل رخيصة بلا حقوق وتبيع المنتج لهم واحيانا تحرمهم حتى من حق شرائه اذا رات ان هناك ضرورة ربحية اعلى في بيعه في الخارج وهو ما ينسحب على عديد المعادن والمواد الموجودة اصلا في الطبيعة والتي يحولها الانسان العبد او الرق او العبد الجزئي " عبد وقت العمل " الى مال في جيب اصحاب السطوة او ما بات يعرف بالثروة او السلطة وفي جميع الحالات هي مواصلة للبدء أي لتشكيلة الرق بأنماط واشكال عصرية تغلفها حكايات واغلفة عصرية بعد ان باتت الخرافة وتأليه البشر عملان مستحيلان وتحولت السلعة نفسها الى الاله الذي يعبده السيد ويخلق له فكرا وصورا لترسيخ الطبقية مستخدما بذلك انماط مختلفة من العبيد فهناك من تستعبد يديه او قدميه او عينيه حسب المهنة المطلوب منه انجازها او السلعة المطلوب منه انتاجها وهناك من يستعبد عقله في استخدامه لإنتاج فكرا يسهل على السيد اخضاع العامة بواسطته او يقدم للسيد حلولا وافكارا وابداعات مادية كالاكتشافات والاختراعات وغيرها.

وحين باتت طموحات السيد تتعارض مع طموحات سادة اخرين او تتعارض مع طموحات عامة الناس كان لا بد من تطوير ادوات السيطرة عبر امتلاك المقاتلين وهم العبيد " الجنود اليوم " وادوات القتال " السلاح بكل اشكاله وظهرت الحروب البدائية باسمها الواضح والمعلن اللصوصية والسطو اولا الى حروب اليوم التي باتت تسمى  بأسماء مختلفة وتعطى لها تبريرات فكرية واحيانا دينية واحيانا عرقية وطائفية لكن النتيجة واحدة السرقة والسطو واخضاع المهزوم وما يملك لصالح المنتصر فالأساس ان هؤلاء الذين يقادون الى الحرب لقتل بعضهم البعض كانوا في زمن الانتاج للنفس بلا نزاعات وكان البحث عن قوت النفس هو الهم المشترك للإنسان البدائي الاول المتساوي مع اخيه الانسان امام الطبيعة بدون اية فوارق على الاطلاق وبالتالي فان القول بان اساس تدمير النسيج الانساني كان اولا القيمة الفائضة والتي يصل اليها اليوم في العصر الحديث بأشكال اخطر بكثير من الاشكال البدائية الاولى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير