فريق "رَحَّال فلسطين" يغمره "الأدرينالين" في مغاور سلفيت

12.10.2022 10:58 PM

وطن- خالـد أبـو علـي

"تدفقت دماء المغامرة مع كل ثانية أمضيتُها في عملية الهبوط والإنزال عبر الحبال ومعدات الأمان المطلوبة داخل مغارة "النَّخرُون" وسط الصخور الملونة الأخاذة، ومع كل لحظة في الإنزال والصعود، كانت تتسارع دقات قلبي. يا لها من مغامرة في غاية الروعة والإثارة".

هكذا عبّر المَشَّاءُ والمُسْتَغْوِر محمد أبو نوح من بلدة دير غسانة غرب مدينه رام الله عندما شارك في إنزال مغارة "النَّخرُون" في جبال بلدة كفل حارس في محافظة سلفيت وسط النوازل الملونة التي تشكلّت عبر آلاف السنين.

"ارتفاع هرمون الأدرينالين" لدى الشباب في فريق "رَحَّال فِلَسْطِينَ" دليلٌ على السعادة والبهجة، التي يعيشها هؤلاء الرّحالة وهم يستكشفون المغاور في فلسطين، فكيف كان ذلك؟

انطلق فريق "رَحَّال فِلسْطِين" يوم الجمعة الموافق 19 أغسطس/ آب 2022 في رحلة استكشافية جديدة، لاكتشاف مغارة أو بئر "النَّخرُون"، والإنزال عبر الحِبال سواء في النزول أم الصعود، وفي كل مرةٍ يستعد أعضاء الفريق للإنزال عبر فتحة المغارة الصخرية يرتفع هرمون الأدرينالين ويندفعون نحو مزيد من الاكتشاف.

ولكم أن تتخيلوا مقدار البهجة والإثارة عند هبوطهم الحاد عبر الحبال المثبّتة على الصخور وأشجار الخرّوب الضخمة.

بلدة كفل حارس
تقع بلدة كفل حارس التي تتوسط فلسطين، في الجزء الشمالي الغربي من الضفة الغربية، في الناحية الشمالية الشرقية من محافظة سلفيت، على التلال الغربية من سلسلة الجبال المركزية الممتدة من الشمال إلى الجنوب في الضفة على ارتفاع (500) متر عن سطح البحر.

وتحتضن كفل حارس العديد من المواقع الأثرية التي تعكس تنوعًا حضاريًا يعود لحقب زمنية مختلفة، منها العصر البرونزي الأوسط، والعصر الحديدي الثاني، والهلنستي، والروماني، والبيزنطي والأموي، والعصور الصليبية والأيوبية والمملوكية، ويا للأسف دُمرّ عددٌ منها وبعضها صار عرضة للنبش، والتنقيب، والتخريب، والإهمال، كما يقول ابن البلدة الأستاذ غسان صالح.
وتُعرف كفل حارس بكثرة الأماكن الدينية فهي تضم قبور عدد من الأنبياء، مثل مقام النبي ذي الكفل، ومقام خادم صلاح الدين، ومقام النبي ذي النون.

وتشير معطيات وزارة السياحة والآثار الفلسطينية؛ إلى أن الاحتلال يتعمّد تزوير تاريخ وتغيير أسماء المقامات الإسلامية، إذ أطلقوا بما يتماشى مع معتقداتهم القصص والروايات المزيفة حول تاريخ تلك المقامات والآثار القديمة.
لم يكن الوصول لمغارة "النَّخرُون" بالأمر السهل، فقد سار الفريق في الجبال عبر طرقٍ ترابية ضيقة، مليئة بالحفر، امتدت نحو ثلاثة كيلومترات.

كان لا بد من المرور بنقطة عسكرية محصنّة للجيش لكنها مهجورة، ويبدو أنها اُستخدمت لمراقبة الطريق المؤدية نحو مدينة سلفيت التي أُغلقت لبضع سنوات منذ انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000، وأُعلنت مناطق عسكرية مغلقة بسبب قربها من مستوطنة " آرييل " الجاثمة على أراضي محافظة سلفيت.
سار الفريق نحو الجبال الشاهقة التي تكسوها النباتات والأشجار البرية، فلا ترى العين سوى الصخور والأشجار الأصيلة مثل البطم الفلسطيني بثماره الجميلة، والخروب المثمر، والزعرور طيب المذاق، والبلوط، وأشجار الزيتون المعمرة.
مناظر خلابة على امتداد البصر، وجدنا عندما مررنا بها آثارًا لغزال الجبل الفلسطيني والخنزير البري، وشاهدنا أسرابًا من الطيور تبحث عن ظلٍ يحميها من الحرارة فتحطّ على أطراف الصخور، وتقتات من ثمار الأشجار البرية، فتبني أعشاشها، وتتّخذ من الصخور مأوىً لها.

مغارة النَّخرُون
وصل فريق "رحّال فلَسطين" إلى المكان المستهدف برفقة دليلنا المحلي من بلدة كفل حارس، وقد سُميّ البئر أو المغارة  بحسب أهالي البلدة بـ "النَّخرُون"، وهي مشتقة من الفعل نَخِرَ، وبمعنى "منخورة في الصخر" بتجاويف عمودية عميقة تزيد على خمسة عشر مترًا.

لاحظنا أن معظم الصخور الموجودة في تلك الجبال هي من النوع "الخُرّام"، وهي كلمة شعبية لوصف الصخور كثيرة الثقوب والتشكلات والتجاويف العشوائية.

وَقيل حسب معجم لسان العرب نَخِرَ الْعَظْمُ، فَهُوَ نَخِرٌ إِذَا بَلِيَ وَرَمَّ، وَقِيلَ: نَاخِرَةٌ أَيْ فَارِغَةٌ يَجِيءُ مِنْهَا عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ كالنَّخِيرِ، والنوازل التي شاهدناها داخل هذه المغارة يُعتقد أنها تشكلّت على مدى آلاف السنين.
وعبّر بهجت زبلح أحد المشاركين في اِسْتِغْوَارُ مغارة "النَّخرُون" عن مدى سعادته باهتمام فريق "رحّال فلَسطين" بمثل هذه الجولات الاستكشافية في الوطن.
 

وقال إن هذه المغاور المنحوتة الجميلة التي تشكلّت بسبب عوامل الطبيعة عبر آلاف السنين تكاد تكون أعجوبة طبيعية يجب الحفاظ عليها والاهتمام بها.

ويضيف زبلح في حديثه لـ "آفاق البيئة والتنمية": "نشاط الاِسْتِغْوَارُ فيه ثراء معرفي كبير، ويتيح الاطلاع والاستكشاف، أستمتع في كلّ مرّة بالتقاء أشخاص جدد وتبادل الخبرات والمغامرات برفقتهم".

ويقول وهيب إسعيد أحد أعضاء فريق "رحّال فلَسطين" والناطق الإعلامي له: "من المهم أن نذكر أن رياضة الاِسْتِغْوَارُ واستكشاف الكهوف عموماً انتشرت بصورة كبيرة في فلسطين على أيدي محترفين وهواة  من فريق "رَحَّال فِلَسْطِين" والذي تأسس عام 2014 واستعاد نشاطه  بفعالية في عام 2018 نظمها لاستكشاف عشرات المغاور كان آخرها مغارة "فسوطة" في الجليل.
وهذه الرياضة كما يصفها إسعيد تجمع بين النشاط الجسدي من جهة والمعرفة وحب المغامرة والاستكشاف من جهة أخرى، مضيفاً: "هذا النشاط الرياضي مُسّلٍ لعديد من الأفراد للتجوال في أنظمة الكهوف المتواجدة في جبال وبرية فلسطين والنزول إليها وتوثيق مكنونات الجمال فيها.

ويرى الناشط البيئي إسعيد أن هذه الرياضة تمنح لممارسيها فرصة للتفكير وصفاء الذهن بعيدًا عن ضوضاء المدن.
مستطرداً في حديثه: "أقول لمن لم يخض هذه التجربة إن الاِسْتِغْوَار قد يضيف إليك الكثير، أنصح الجميع بأن لا يُضيّعوا عليهم فرصة ممارسة هذا النشاط، لأن بلادنا مليئة بالثروات الطبيعية، والطبيعة لم تحرمنا من جمالها وعطائها الدائم".
وأضاف: "الاِسْتِغْوَار" هبة من الطبيعة أهدت ممارسها فرصة التنعم في أحشائها- في إشارة إلى الكهوف والمغاور"، مشيراً إلى أن هذه الرياضة غير مألوفة عند المجتمع الفلسطيني، لكنها تشهد إقبالًا متزايدًا في السنوات الأخيرة.

السلامة الشخصية
من جهته، يخبرنا الكابتن عارف العويوي مسؤول الإنزال والتسلق والمعدات والسلامة لفريق "رَحَّال فِلَسْطِينَ"، الحاصل على شهادات عدة من جمعية الألب الفرنسية للتسلق، ومن مراكز تدريب متعددة من الداخل المحتل، قائلاً: "لا تتحقق الوقاية الشخصية باستخدام المعدات وحدها، فلا بد من التدقيق والتوثيق باستمرار للتأكد من إجراءات السلامة المتبّعة وتحديد المخاطر المحتملة كالغازات التي قد تكون منطلقة من الأعماق أو قلة الهواء أو انخفاض مستوى الأكسجين أو الرطوبة الشديدة أو الانهيارات الطبيعية جراء سقوط  الصخور والنوازل، أو حتى وجود الحيوانات والزواحف، ما يحدث أن الكابتن يرسل قائد الفريق أولاً لاستكشاف المكان قبل نزول بقية الأعضاء كما حصل في استكشاف مغارة “النَّخرُون” وبناءً عليه تُتخذ القرارات اللازمة للحفاظ على سلامة الفريق.

ولا يغني استخدام معدات الوقاية والسلامة الشخصية عن التدريب الجيد للفريق، تبعاً لحديث الكابتن عارف العويوي، مشدداً على أهمية اختيار المعدات بعناية، بحيث تطابق المواصفات القياسية وتوفر أعلى درجات الحماية والأمان للفريق، مع التمسك بهذا القانون "سلامة عضو الفريق الشخصية أهم من أي شيء على الإطلاق.”

معدات رياضة الاِستِغْوار
سألناه عن معدات رياضة الاستغوار الضرورية التي يجب الالتزام بها في كل جولة استكشافية لـ فريق "رَحَّال فِلَسْطِينَ" وأجاب العويوي: "أولى هذه المعدات هي الخوذات الصلبة التي تُرتدى لحماية الرأس من الإصابات والصدمات، وتحمي رؤوس المشاركين من الأجسام المتساقطة، ولها دور كبير جداً في التخفيف من معدلات الإصابات في الجولات الاستكشافية والحفاظ على سلامة الفريق، وعادةً ما يُثبّت مصدر الضوء الأساسي على الخوذة من أجل الحفاظ على اليدين، ومصابيح LED الكهربائية التي نستخدمها عادة وهي الأكثر شيوعاً".

وعن نوعية الملابس التي تُرتدى تحت الأرض يقول العويوي: "تتباين تبعاً للبيئة التي تُستكشف بصورة عامة؛ ففي الأماكن الباردة من الممكن أن يرتدي المشارك طبقة أساسية دافئة تحتفظ بخصائصها العازلة عندما تكون مبلّلة، ومن الممكن أن يرتدي الفرد الملابس الخفيفة في الأماكن الدافئة خاصة إذا كانت البيئة جافة".

ويشير إلى تقنيات الحبال المستخدمة وهي إحدى معدات رياضة الاسْتِغْوَارُ الضرورية، موضحاً: "تُستخدم الحبال في النزول أو الصعود بما يعرف بــ "تقنية الحبل الفردي" للحماية، والعقد المستخدمة والشائعة في هذا النشاط البدني هي الحلقة رقم ثمانية أو رقم تسعة، وعادة ما تُزّود الحبال باستخدام البراغي والرافعات".
بلال حمامره أحد أعضاء الفريق حاصل على شهادات عدة من جمعية جبال الألب الفرنسية، وشهادة إنزال وتسلق وهو أيضاً مدرب يوغا.

يقول: "قبل أن تقرر خوض تجربة الاِسْتِغْوَارُ بالنزول إلى مغارة، استعد بتوفير الأساسيات. أولاً تدرّب على السلامة بارتداء الخوذة مع الكشاف وارتداء الملابس المناسبة، واستخدام معدات السلامة الضرورية في الإنزال والصعود، وارتداء أحذية خاصة ومغلقة من الأمام حتى لا تعلق الصخور بها بسهولة، كما تعد وسادات الركبة (وأحياناً وسادات الكوع) شائعة لحماية المفاصل عند الزحف وذلك يتوقف على طبيعة المكان، مع ارتداء القفازات لحماية اليدين من التآكل أو البرودة".
ويواصل حمامره تقديم نصائحه على النحو التالي:

-من الجيد أن تحضر زجاجة ماء لتكون معك في الساعات التي تقضيها تحت سطح الأرض في جوف المغاور، واعلم أن أي شيء تحزمه معك من زجاجات ماء وغيرها سيبقى معك، فلا أحد يريد تلويث هذه المواقع الجميلة ببقايا بلاستيكية أو غيرها من المخلفات التي تؤذي الطبيعة.

-من الممكن أن يحضر الفريق أدوات الإسعافات الأولية ومعدات الطوارئ والطعام، ويا حبذا جلب أكياس النفايات لنقل مخلفات الطعام نقلاً آمنًا خصوصاً في المسافات الطويلة.

توثيق الخفافيش في مغارة النَّخرُون
عامر القواسمي أسير محرر أمضى ربع قرن في سجون الاحتلال، وهو الآن منسق الجولات الاستكشافية للمواقع المستهدفة في رياضة الاستغوار، يقول لــ "آفاق البيئة والتنمية": "كانت جولة فريق رحّال فلسطين إلى مغارة وبئر "النَّخرُون" على بعد بضعة كيلومترات من بلدة كفل حارس بمحافظة سلفيت ناجحة، ورائعة بكل المقاييس، حيث هبط الفريق إلى عمق يزيد على خمسة عشر مترًا كما تشاهدون في الصور، لقد عبّرت هذه الجولة الجديدة عن روح الفريق والتكاتف والتعاون بين أعضاء الفريق الواحد".
"ماذا شاهدتم عندما نزلتم إلى المغارة؟".. يجيب القواسمي: "شاهدنا أنواعًا ضخمة ونادرة من الخفافيش حجمها يفوق حجم الحمام، كانت معلقة على جدران المغارة بأعداد كبيرة، ورأينا نوعًا من العلجوم (الضفدع) وبعض الخنافس، ويمكن للباحثين المتخصصين فهم الجيولوجيا ودراسة النظم الإيكولوجية والمناخية والتنوّع البيولوجي الفريد داخل الكهوف، ودراسة أنواع النباتات والحيوانات التي تتواجد في المغاور، لتقدم للباحثين دراسة تطوّر حياة الإنسان منذ أزل التاريخ الذي استخدم الكهوف لأغراض ووظائف عديدة".

ويواصل في السياق نفسه، كما يمكن أن تقدم الجولات أيضًا تسجيلات علمية دقيقة للتغيرات الحاصلة على هذه الأماكن على مدى ملايين السنين، وتفتح للباحثين الأبواب للاطلاع والبحث والاستمتاع بمواقع طبيعية قلّ نظيرها.
وعن بعض أعمال التخريب التي رُصدت في مغارة "النَّخرُون"، يقول: "ما شاهدناه مؤلم حقًا من بعض الجهلة الذين آذوا هذه المغارة من حرقٍ مقصود لجذوع الأشجار، وإجراء عمليات حفر للبحث عن أمور غير موجودة أصلاً في مغاور لا يعيش فيها بنو البشر بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة ورائحة العفونة الشديدة.

ويعرب عن أسفه أيضاً للإلقاء المتعمد للنفايات ومنها أنابيب مياه الزراعة، مستشهداً بمثال: "وجدنا سلّمًا خشبيًّا قديمًا متهالكًا، ربما استخدمه بعض العابثين للنزول إلى البئر".
ويبدو القواسمي منبهراً بــ "الجمال الرباني الطبيعي لما تحت الأرض"، حيث روعة النوازل والصواعد، التي تشكلّت عبر ملايين السنين، "كل مشهد منها لوحة فنية ساحرة قائمة بذاتها، هذا الجمال الفائق لا يعرفه كثيرون كونهم لا يصلون إلى تلك الأماكن" حسب قوله.

ويختم حديثه بالرسالة التي وصفها بــ "العظيمة" من وراء نشاطهم: "بجولاتنا في تلك الآبار والمغاور نسعى نحن فريق "رحّال فلَسطين" إلى استكشاف هذا العالم الغامض تحت الأرض، وسبر أغواره، نحاول أن ننقل لكم كل ما نراه من  جمالٍ في جوف أرضنا الطيبة، على أمل أن تصبح لاحقاً وجهات سياحية وبيئية وترفيهية ورياضية".

الاِسْتِغْوَارُ في فلسطين يلاقي اهتماماً
الاِسْتِغْوَارُ أو المَغْوَرَةُ هو عالم غامض وساحر، والمُسْتَغْوِر أو المَغْوَرِيّ هو مصطلح يشير إلى الاختصاصيّ في هذا المجال أو الذي يمارس هذه الرياضة أو هذا النّشاط الذي يهدف إلى بحث وتعيين واكتشاف ورسم خرائط المغارات والكهوف لجوف الأرض وكيفية تركيبها ونشأتها والخواص الفيزيائية، والتاريخية، وأشكال الحياة، والمراحل والتغيرات التي مرت بها وتكونت عبر الزمن، ثمّ مشاركة هذه المعرفة مع الآخرين.

ومن السّاعين إلى استكشاف هذا العالم الغامض المليء بالأسرار، نور مجاهد، أحد الأعضاء الفاعلين في فريق رَحَّال فِلَسْطِينَ، والذي يشارك باستمرار في الجولات الاستكشافية، ويساهم في تجهيز المشاركين في عمليات الإنزال إلى الكهوف، والمغارات، والأودية، والأخاديد، والصدوع.

يصفه بالقول: "عالم المغاور والكهوف له قواعده وقصصه ومستكشفوه المنبهرون بأسراره، وقد بدأت رياضة الاسْتِغْوَار تلقى انتشارًا متزايدًا بين صفوف الشباب في فلسطين".
ويضيف مجاهد الذي انضم إلى رحلة المغامرة ومتعة الاستكشاف في مغارة النَّخرُون: "رياضة الاسْتِغْوَارُ التي تكتنفها المخاطر تستدعي أخذ الحيطة والحذر، والتّزوّد بالمعدّات اللاّزمة لممارستها، والأدوات الخاصة التي توفر شروط الحماية، وأهمّها معدّات الصّعود ومعدّات النّزول من حبال وخوذات وأضواء كاشفة، فخطر التزحلق وارد بسبب الصخور الرطبة داخل المغارات، فضلاً عن ضرورة توفر المهارات البدنية المطلوبة".

ويتفاءل مجاهد بمستقبل واعد لرياضة الاسْتِغْوَارُ في فلسطين، خاصة إذا لاقت الاهتمام اللازم من المجلس الأعلى للشباب والرياضة ووزارة السياحة والآثار الفلسطينية.

وحسب رأيه، أنه لا يمكن إحصاء فوائدها، لا سيما أنها تمثّل "علاجًا طبيعيًا مكملًا" بل ضروريًا، وتفريغًا نفسيًا لضغوطات الحياة اليومية.
ويتفق محمد أبو نوح، مع سابقه في الرأي، معبراً عنه بالقول: "نشاط الاِسْتِغْوَار يجمع بين ممارسة الرياضة والاستكشاف والمغامرة ويستهوي أساسًا هواة الطبيعة، وأنا شخصياً أعتبر الاسْتِغْوَارُ هو منفذي إلى الطبيعة وملاذي من عالم مليء بالأزمات والصعوبات، إنه من أهم التجارب التّي خضتها على الإطلاق".

فريق "رحّال فلَسطين" دائم التنقل والترحال في كل أرجاء الوطن بحثًا عن مغاور مثيرة ومغامرات جديدة، ويعزم شبابه على تنظيم جولات لاستكشاف بعض المغاور والكهوف والمناطق المهمة في فلسطين، وخاصة تلك التي من الصعب أن يصل إليها أي شخص، ليعمّق الفريق من علاقة جيل الشباب مع الأرض والوطن، مع توثيقه هذه الأنشطة في تقارير مصورة ليراها المجتمع بأسره".
ويسعى الفريق إلى التوعية بدور الكهوف والمغاور باعتبارها ثروات وكنوز طبيعيّة في تنشيط السياحة البيئية الداخلية للمجتمع المحلي، تمهيدًا لخلق سياحة تنموية محليّة مستدامة، بما أنها جزء من التراث الطبيعي والبيئي الذي يتطلب حمايته.

ارتفاع هورمون الأدرينالين" لدى الشباب في فريق "رَحَّال فِلَسْطِينَ" دليلٌ على السعادة والبهجة، التي يعيشها هؤلاء الرّحالة وهم يستكشفون المغاور في فلسطين، فكيف كان ذلك؟
انطلق الفريق يوم الجمعة الموافق 19 أغسطس/ آب 2022 في رحلة استكشافية جديدة، لاكتشاف مغارة أو بئر "النَّخرُون"، والإنزال عبر الحِبال سواء في النزول أم الصعود، وفي كل مرةٍ يستعد أعضاء الفريق للإنزال عبر فتحة المغارة الصخرية يرتفع هرمون الأدرينالين ويندفعون نحو مزيد من الاكتشاف.
ولكم أن تتخيلوا مقدار البهجة والإثارة عند هبوطهم الحاد عبر الحبال المثبّتة على الصخور وأشجار الخرّوب الضخمة.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير