أزمة الخليل .. أزمة نظام وليس أزمة تشكيل-نبيل عمرو

11.06.2013 08:18 AM
حين أعلن التشكيل الوزاري، لم يخطر ببالي التنقيب عن شهادات ميلاد السادة الوزراء والسيدات الوزيرات، حتى اعرف من تم ارضاؤه ومن تم تجاهله.

ولقد تعاطيت مع الأمر بمنطق سياسي صرف وحاججت حماس رافضا اعتبارها التشكيل غير الشرعي.

ونصحت الدكتور رامي الحمد الله بأن يسعى الى الشرعية الأقوى من الشرعية القانونية والمناطقية والمحاصصة، ووصفتها بشرعية الإنجاز.

ذلك ان أي تشكيل قيادي او حكومي، لن ينجو من معضلة المساءلة وحتى الإدانة، الا في حالة واحدة وهي ان يقنع الجمهور بتميزه ونجاحه، ان ذلك يؤدي حتماً الى التغاضي عن عيوبه القانونية وقلة توازنه المناطقي والفصائلي.

لقد اضطررت للكتابة حول هذا الامر بعد الأزمة الأخيرة التي حدثت حين اكتشف مواطنو الخليل خلو التشكيل الحكومي اي من ابنائهم، فتنادوا الى اجتماع ناقشوا فيه شكواهم الدائمة حول تهميش المحافظة الأكبر، وقلة نسبة مشاركتها في الوظائف العليا، وقلة حصتها في التنمية ومشاريع البنية التحتية.

وبديهي ان تجد الخليل مدينة ومحافظة ومواطنين الكثير والهام، مما تتباهى به حول مكانتها في كل ما يتصل بالوطن وموارده، ومعتقليه وشهدائه، وادوار ابنائها المميزة في كل منعطفات الكفاح الوطني، فالخليل كما يؤمن بذلك كل فلسطيني هي من صلب هذا الوطن الواحد، ومن عناوينه التاريخية والحضارية والثقافية، واينما يممت وجهك في الكون فسوف تجد خليليا يعمل وينتج ويبدع، وستجد مشاريع صغيرة ومتوسطة وكبيرة حتى اضحت الخليل والخلايلة اشبه بالملح الذي لا غنى عنه لتذوق طعم الاشياء، فهي تماما مثل غزة ونابلس وجنين والقدس وسائر المدن الفلسطينية التي تتمايز بالعطاء وتتساوى بالوطنية وعمق الانتماء.

اجزم وعن وعي، بانه لا يوجد من يكِّن للخليل اي ضغينة حتى تذهب بنا الظنون والسخط الى اعتناق نظرية المؤامرة، الا ان الذي حدث هذه المرة هو نوع من افرازات المعضلة المستفحلة لنظامنا السياسي اي انها ليست أزمة تشكيل حكومي بقدر ما هي تعبير عن ازمة نظامنا كله، الذي لم يعرف التجدد على مدى أكثر من نصف قرن، والادهى من ذلك ان هذا النظام تآكل بصورة مضطردة وبدل ان نعالج التآكل بالتجديد واستحداث مؤسسات فعالة ذهبنا الى التكيف مع التآكل حتى اصبحنا جميعا جزءا منه، بل تهيأ لنا استحالة تغييره او تجديده.

فلنلقي نظرة فاحصة على مؤسساتنا التي يفترض انها إطار ومرتكزات نظامنا السياسي، فلو نظرنا اولا الى المؤسسة الاهم وهي منظمة التحرير وسألنا قيادتها كيف ترون وضعكم لأجابوا بصوت واحد انه في غاية السوء. ولو سألتهم سؤالا آخر ماذا فعلتم او ماذا ستفعلون لوضع حد لهذا السوء لقالوا لك لقد شكلنا فيما بيننا لجنة لإحياء المنظمة وتطوير ادائها، ولو سألتهم كم هو رقم اللجنة التي شكلتموها لهذا الغرض، لقالوا لك اربع لجان على الاقل في السنة الواحدة. والنتيجة صفر.

هذا هو واقع كنزنا الوطني، الذي هو منظمة التحرير القائد الشرعي والاعلى للوطن والشعب ودون ذلك حدث ولا حرج، ان جمود النظام السياسي وتآكله المضطرد هو السبب وراء كل الظواهر التي لا تعجبنا في حياتنا السياسية فما ان تشكل حكومة– مع الاعتذار للمفردة – حتى نكتشف ان الساخطين عشرات اضعاف الراضين، وما ان تشكل لجنة تنفيذية حتى يكون رد الفعل مماثلا وما ان وما ان وما ان.. الخ

لذا .. لا اخال الازمة التي احاطت بالحكومة الجديدة هي ازمة تشكيل، او لو اننا منحنا المحتجين المحترمين في الخليل ستة او عشر وزراء فهل تكون الامور قد استقامت والازمة حلت؟

ان النظام المحترم والمتماسك والمتطور، يجعل من اي كفاءة وطنية ممثلا مقنعا للجميع ، اما في حالتنا حيث المحاصصة في كل مكان وموقع فلا امل بالاستقرار والتقدم، وسيظل الجميع يشكو حتى لو لم يتظاهروا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير