اختصاص حـكومة تسيير الاعمال - احمد حنون

19.04.2013 08:20 PM
بعد ان قبل الرئيس عباس استقالة الحكومة الرابعة عشر ، وطلب منها الاستمرار في تسيير الاعمال لحين تشكيل حكومة جديدة ، غدت الحكومة حكومة تسيير اعمال ، وهذه ليست المرة الاولى التي يتم خلالها تكليف الحكومة بتسيير الاعمال ، وخصوصا ان القانون الاساسي الفلسطيني قد حدد المهل القانونية ، ان مهل تشكيل الحكومة بعد قرار التكيف لرئيس الحكومة تبدأ بثلاثة اسابيع ويمكن تمديدها باسبوعين اضافية وفقا لنص المادة ( 65 ) والتي تنص على 1- فور تكليفه من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتولى رئيس الوزراء تشكيل حكومته خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ اختياره، وله الحق في مهلة أخرى أقصاها أسبوعان آخران فقط.، 2- إذا أخفق رئيس الوزراء في تشكيل حكومته خلال الأجل المذكور أو لم يحصل على ثقة المجلس التشريعي وجب على رئيس السلطة الوطنية استبداله بآخر خلال أسبوعين من تاريخ إخفاقه أو من تاريخ جلسة الثقة حسب مقتضى الحال، وتنطبق على رئيس الوزراء الجديد الأحكام الواردة في الفقرة (1) أعلاه ـ من نفس المادة ـ بمعنى ان اي تشكيل حكومي يلزمه خمسة اسابيع كحد اقصى لاعلان التشكيل الحكومي ، وفي تلك الفترة تستمر الحكومة السابقة في تصريف امور الحكومة حتى تقوم الحكومة الجديدة باداء اليمين الدستوري ، وفقا للمادة (67) من القانون الاساسي الفلسطيني والتي تنص على " بعد الحصول على الثقة بهم وقبل مباشرة أعمالهم يؤدي رئيس الوزراء وأعضاء حكومته أمام رئيس السلطة الوطنية اليمين الدستورية المنصوص عليها في المادة (35) من القانون الأساسي" ، مع ان القانون الاساسي اغفل معالجة الاخفاق في تشكيل الحكومة وهذا الامر يبقي مدة تسيير الاعمال مفتوحة وغير محددة على سبيل الحصر في محاولتين لتشكيل حكومة وفي حال الفشل يمكن الدعوة لانتخابات مبكرة هذا الامر يعني امكانية استنمرار عمل حكومة تسيير الاعمال ، ومع ذلك فانه في حال الدعوة لانتخابات مبكرة يمكن للرئيس تشكيل حكومة للاشراف على الانتخابات ، وفي الاطار العام فان استمرار الحكومة فترة طويلة في تسيير الاعمال يلزمها بعدم اتخاذ القرارات الضرورية ، ووفقا للمادة رقم ( 78 ) من القانون الاساسي الفقرة 3 "عند انتهاء ولاية رئيس الوزراء وأعضاء حكومته يمارسون أعمالهم مؤقتا باعتبارهم حكومة تسيير أعمال ولا يجوز لهم أن يتخذوا من القرارات إلا ما هو لازم وضروري لتسيير الأعمال التنفيذية لحين تشكيل الحكومة الجديدة"، في الحالة الاعتيادية حسب المادة (73) 1- بدعوة من رئيس الوزراء تعقد جلسات مجلس الوزراء بصورة دورية أسبوعيا، أو عند الضرورة، ولا يجوز لغير الوزراء حضور هذه الجلسات إلا بناء على دعوة مسبقة من رئيس الوزراء.

ولكن في حالة تسيير الاعمال وفي بعض الدول تعقد الحكومة الاجتماعات الضرورية وليست الدورية ، ولا يصدر عنها مواقف وقرارات ذات اهمية كما في الحالة اللبنانية ، وخصوصا ان الحكومة لم تعد تتمتع بالثقة او انها استقالت .

من حيث اختصاصات حكومة تسيير الاعمال فان نظرية تصريف الاعمال تهدف الى بيان نطاق الاختصاصات التي تتمتع بها الحكومة التي تسلم بارادتها الحكم وفقا لمبدأ التداول ، تحديد اختصاصات الحكومة المستقيلة بتصريف المسائل الجارية اساسه مبدأ من مبادئ القانون العام.

اختلف الفقه حول وجود هذه النظرية اصلا، اذ وجد من اتجه الى ان حكومة تصريف الاعمال ، شانها شان الحكومة العادية التي لا تزال في السلطة، ومتقلدة لسلطتها من الناحية الشرعية، تملك اختصاصات كاملة، اذ لايمكن تقييدها في ميدان تصريف العاجل من الامور، ولكن النص القانوني واضح كما نصت عليه المادة (78) من القانون الاساسي افلسطيني المعدل لسنة 2003 وتعديلاته الفقرة 3 حددت ان حكومة تسيير الاعمال يمارسون أعمالهم مؤقتا باعتبارهم حكومة تسيير أعمال ولا يجوز لهم أن يتخذوا من القرارات إلا ما هو لازم وضروري لتسيير الأعمال التنفيذية لحين تشكيل الحكومة الجديدة"

هذا الاصطلاح كوسيلة من قبل بعض الحكومات المستقيلة للتهرب من اتخاذ بعض القرارات ذات الطبيعة المحرجة سواءاً من النواحي السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية ، كما حصل مع اكثر من حكومة اسرائيلية للتنصل من تنفيذ اتفاقات مع الفلسطينيين او لقطع الطريق على مفاوضات او اتفاقات لعدم التوقيع عليها والدعوة لانتخابات مبكرة للتهرب من استحقاقات سياسية او اقرار خطط داخلية اجتماعية او تقشف اقتصادي .

الرأي الغالب في الفقه يرى ان هذه النظرية موجودة فعلاً واخذت مجالها في التطبيق العملي، كما ان القضاء ساهم هو الاخر في توضيح وترسيخ بعض جوانب الموضوع وحدد في الكثير من الحالات، وبموضوع مضمون هذه النظرية وحالات تطبيقها، اضافة للعرف الذي بات راسخا.

واذا كان ميدان تطبيق نظرية اختصاصات حكومة تسيير الاعمال ، يتحقق عندما تستقيل الحكومة ، فان هناك ميداناً اخر لها ، كما يرى جانب مهم من الفقه والقضاء ، الا وهو حالة حل البرلمان ، وفي الحالة الفلسطينية فان الرئيس ينوب عن المجلس التشريعي في منح الثقة وحجب الثقة عن الحكومة نيابة عن المجلس التشريعي وفي نفس الوقت يكلفها بتسيير الاعمال نيابة عنه الامر الذي يعني ضرورة رجوع الحكومة للرئيس بكل القرارات غير الطبيعة التسييرية ، وهذا الامر مختلف تماما في حالة اقالة الحكومة فان الحكومة تكون فقدت الثقة والشرعية في مواصلة الحكم كتسيير اعمال لان تسيير الاعمال تكون نيابة عن الرئيس واذا كان الرئيس هو الذي اقال الحكومة يعني انه لا يعطي لهذه الحكومة تكليفا لتسيير الاعمال نيابة عنه ، ان تسيير الاعمال محصور برئيس الدولة يمنحه الى الحكومة المستقيلة والمقصود بذلك ان الوزارة لكي تستمر في الحكم يجب ان تتمتع بثقة المجلس التشريعي من ناحية وثقة رئيس الدولة من ناحية اخرى، وعند فقدان الوزارة ثقة الرئيس او استقالة ثلث اعضاء الحكومة .

ان العرف الدستوري هو الاساس القانوني لقيام الحكومة المستقيلة بتسيير الاعمال ففي كل مرة تستقيل فيها الحكومة يكلف رئيس الدولة هذه الحكومة بتصريف الامور.

اذ تشترك كل من الحالتين "استقالة الحكومة، وحل البرلمان " في عامل مشترك واحد هو فقدان الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة، او على الاقل جعل هذه الرقابة غير منتجة لآثارها القانونية والعملية، واذا كانت هذه النظرية تهدف الى حصر اختصاص حكومة تصريف الاعمال في نطاق معين الا وهو تصريف العاجل من الامور فان الامر يقتضي وجود جهة تراقب عمل هذه الحكومة بحيث تضمن دائماً عدم خروجها عن النطاق المحدد لها، حفاظاً على سيادة مبدأ المشروعية.

في حالة رغبة الحكومة المستقيلة أو المنتهية ولايتها باتخاذ قرارٍ ما في موضوع معين فإن يمكن ان يؤثر مجرى الوضع اللاحق ويترك آثار مستقبلية والتزامات على الحكومة وضد إرادة الشعب ، دون إمكانية من تحميلها اية مسؤولية. ولكن ذلك لايعني، بطبيعة الحال، تجريد الحكومة المستقيلة من ممارسه اية سلطات، بدعوى انه لاحكم دون مسؤولية ، وبيان متى تعتبر التصرفات التي قامت بها الحكومة ضمن دائرة التصرفات التي يجوز لها دستورياً ممارستها، ومتى تعتبر قد تجاوزت نطاق الاختصاصات المحددة. ويذهب الرأي الغالب في الفقه، مدعوماً من قبل القضاء، الى ان تحديد نطاق اختصاصات حكومة تصريف الاعمال بتصريف المسائل الجارية .حيث لا يمكن اسقاط الحكومات المستقيلة لانها بمثابة اطلاق النار على الأموات.

ان الأمور الجارية بطبيعتها هي تلك التصرفات اليومية والمالوفة للجهاز الاداري، اوهي تلك الإعمال الروتينية التي تنجز في درجات السلم الإداري الدنيا ولا تتضمن أي بعد سياسي قد يخلق آثاراً مستقبلية، والرقابة يمكن ان تمارس عن طريق رد الفعل الاجتماعي والمتمثلة في موقف الرأي العام من تصرفات هذه الحكومة.

ويجب الاجابة عن مدى اختصاص الحكومة المستقيلة في اصدار القرارات الادارية بنوعيها الفردية ، واللائحية ، القرارات الفردية التي تقع خارج نطاق الوظيفة العامة يمكن ان نذكر من القرارات التي تدخل ضمن فكرة تصريف المسائل الجارية القرار الخاص بالتصديق على ممارسة منح امتياز. ويستثنى من ذلك هنا ايضاً السلع والخدمات التي تؤثر على مجموع الاقتصاد الوطني.

اما في مجال القرارات الادارية ذات الطبيعة اللائحية ، فان هذه القواعد بحكم طبيعتها تقرر قواعد عامة مجردة، وتعبر بشكل صريح عن ارادة السلطة العامة في تنظيم امر معين.
المسائل التي تخرج عن تصريف المسائل في المجال الاداري:-
القرارات التي تعدل في وضع المؤسسات والمرافق العامة او اللوائح التنظيمية او التي تمس او تعدل بحقوق يعترف بها القانون او التعيين الذي يتضمن ابعادا سياسية ، او تحديد اسعار السلع والخدمات التي تؤثر في الاقتصاد الوطني .

الأصل ان الحكومة في النظام البرلماني تقدم استقالتها عند فقدانها لثقة البرلمان، كما انها تقدم استقالتها عند انتهاء الفصل التشريعي.

ان التصرفات التي تقوم بها الحكومة المستقيلة يتسلط عليها الاضواء اكثر من تلك التي تقوم بها الحكومة العادية، ولاشك ان وسائل الاعلام من اذاعة وتلفزيون وصحافه تساهم في ابراز تصرفات الحكومة المستقيلة والتي قد تراها خارج حدود اختصاصاتها القانونية، اضافة للرأي العام .

وبذلك فان الحكومة مقيدة بالاختصاص وفقا لطبيعة القرارات وانها ليست حكومة عادية ولا حكومة طواريْ ، وما بين تسيير الاعمال والعادية فان الحكومة بحاجة لمراعاة الاختصاص وعدم التفرد ، لان اعمالها لا تقع خارج الرقابة وان فقدت الثقة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير