تعيين متطرف وزيراً للخارجية الأميركية قد يعصف بالاتفاق النووي مع ايران

28.03.2018 01:47 PM

ترجمة خاصة-وطن: ليس من الواضح كيف يمكن أن يؤثر تعيين رئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية السابق، مايك بومبيو، في منصب وزير خارجية الولايات المتحدة، على الاتفاق النووي مع إيران. وهل يمكن ان يكون له تأثير كبير، يتجاوز مسالة وجود صوت واحد متفرد في إدارة دونالد ترمب، وهو صوت ترمب الخاص.

وما من شك في ان نقل ترمب لمايك بومبيو من منصبه، كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي أي ايه)، ليحل محل ريكس تيلرسون وزيرا للخارجية، يعني أن "الصقر الأمريكي"، الذي عارض الاتفاق النووي مع إيران بشدة، في العام 2015، كعضو في الكونغرس، سيكون الآن مسؤولاً عن الدبلوماسية الأمريكية.

وقال مسؤولون أمريكيون سابقون، ومسؤولون أوروبيون حاليون، انه ليس من الواضح الان كيف يمكن ان يؤثر هذا التحول، في رأس الدبلوماسية الامريكية، على الاتفاق النووي، وعلى المحادثات المتعلقة به بين الولايات المتحدة من جهة، والقوى الأوروبية الثلاث ذات العلاقة من جهة أخرى (أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا).

وفي سياق متصل، قال محللون ومختصون بالشأن الإيراني، ان واشنطن قد تتخذ موقفاً أكثر تشدداً حيال الاتفاق النووي تحت وزراة بومبيو، وقد يتعرض الأوروبيون الى المزيد من الضغط الأمريكي لتقديم تنازلات تتمشى مع الموقف الأمريكي. بينما يرى اخرون ان وجهة نظر بومبيو حيال الصفقة قد تطورت منذ 2015، وبالتالي قد يكون بومبيو في وضع أفضل الان للتأثير على ترمب للحفاظ على الصفقة باي شكل. ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون أمريكيون وبريطانيون وفرنسيون وألمان على مدار الأسابيع اللاحقة بشأن مستقبل الاتفاق النووي، والموقف الأمريكي منه.

وفي تعقيبه على الموضوع، قال ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في البيت الأبيض، والخارجية الأمريكية، والذي كان يتولى ملف إيران خلال إدارة أوباما: "إن أي مسؤول امريكي يتفاوض مع الأوروبيين في الوقت الحالي سيواجه مجموعة صعبة من طلبات الأوروبيين كي تلتزم ادارة ترمب بالصفقة، غير انه من المتوقع ان يحدث بومبيو اخترقا في التكتل الأوروبي ضد ترمب بخصوص الملف النووي لإيران". واضاف "اشكك في احتمال التوصل الى تسوية أمريكية-أوروبية حول الاتفاق النووي في شهر أيار المقبل".

وكان ترمب قد صرح ان موضوع الاتفاق النووي مع إيران كان على الدوام أحد ملفات الخلاف الرئيسية بينه وبين وزارة الخارجية، وانه لأمر فظيع ان لا تتعاطى وزارة الخارجية مع توجهاته ومخاوفه حيال الاتفاق النووي مع إيران، فضلا عن العيوب التي تعتريه، وفق الكاتب.

يذكر ان ترمب رفع في وجه الأوروبيين، بتاريخ 12 كانون الثاني 2018، إنذارا أمريكيا نهائيا قائلا إنه يجب عليهم "إصلاح العيوب الفظيعة في الاتفاق النووي الإيراني". وهدد بانه لن يقوم بتمديد تعهده بتخفيف العقوبات الأمريكية على إيران، التي يدعوه الأوروبيون الى الالتزام بها.

وهذا يعني ان العقوبات الأمريكية على إيران، والمرتبطة بالاتفاق النووي، ستتجدد، بتاريخ 12 أيار 2018، ما لم يوقع ترمب على "تنازلات" جديدة، تؤدي الى تعليق العقوبات مجددا. وينص جوهر الاتفاق، الذي وقع في شهر تموز 2015، بين إيران من جهة و (6) قوى دولية رئيسية من جهة أخرى (بريطانيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والولايات المتحدة)، على ان تقوم إيران بتقييد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية التي أدت الى إعاقة نمو الاقتصاد الإيراني.

ويرى ترمب ان الاتفاق النووي مع إيران تعتريه ثلاثة عيوب رئيسية، وهي:
(1) فشل الاتفاق في معالجة البرنامج الإيراني للصواريخ البالستية. و (2) ضعف الشروط التي يمكن بموجبها للمفتشين الدوليين التفتيش على المواقع النووية الإيرانية "المشبوهة". و (3) ضرورة تشديد الشروط المتعلقة بمدة الاتفاق وطبيعة انهائه. فبدلا من رفع"القيود" عن البرنامج النووي الإيراني بعد (10) سنوات، كما ينص الاتفاق الحالي، يريد الامريكيون تغيير هذا البند، لإطالة المدة، وتكثيف تلك القيود.

وبتاريخ 13 كانون الثاني 2018، وضعت وزارة الخارجية الامريكية خطة يلتزم بموجبها الحلفاء الأوروبيون الثلاثة، بتحسين شروط الاتفاق النووي، وبشكل تدريجي خلال ثلاثة أشهر (أي حتى 12/5/2018)، في مقابل قيام ترمب بتوقيع قرار استمرار الولايات المتحدة في الاتفاقية. وإذا كان لترمب التوقيع على ذلك، فمن المفترض ان يتم هذا التوقيع بتاريخ 13/5/2018.

وقال مسؤولون أوروبيون وأمريكيون سابقون أن تعيين بومبيو، على راس الدبلوماسية الامريكية سيضفي مزيدا من الصعوبة، التي لا يمكن التكهن بمداها في الوقت الحالي، على المحادثات الامريكية-الأوروبية، بخصوص الملف. وفي كل الأحوال، تبقى وجهات النظر الصادرة عن ترمب، والبعيدة في تشددها، هي الأهم والأكثر حسما في الموقف الأمريكي.

وقال دبلوماسي أوروبي، اشترط عدم ذكر اسمه، "كل ما نعمله يهدف الى تقديم رزمة رصينة قابلة للبيع الى ترمب، كي ننقذ الاتفاق".
وبينما اشتهر بومبيو بكونه من أشد منتقدي الاتفاق النووي مع إيران، بصفته عضوا في الكونغرس الأمريكي، إلا أنه لم يخفف من آرائه عندما ادلى بشهادته أمام الكونجرس، في شهر كانون الثاني 2017، كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، بل كان أكثر تشددا وحِدّة في توجيه الانتقادات.

وقال مسؤول أميركي سابق: "كان بومبيو صقرا دائما على إيران، ولكنني لا اعرف نواياه الحالية حيال الصفقة وقد أصبح على راس الخارجية الأمريكية".
شهدت الصفقة حول ملف إيران النووي جدلا دوليا كبيرا، من بينها الجدل على المستوى الأمريكي الداخلي. فقد جادل العديد من كبار وزراء ومساعدي ترمب في الخارجية والامن القومي، مثل تيلرسون نفسه، بأن الولايات المتحدة لا بد وان تكون في وضع أفضل مع الاتفاق النووي مع إيران، وان الوضع الدولي مع الاتفاق سيكون أفضل من كونه بدون الاتفاق. ولا بد ان اراء مثل هذه، أودت بتيلرسون من الخارجية الامريكية، وفق الكاتب.

وقال مسؤولون أمريكيون سابقون أنه في الوقت الذي تقترب فيه الولايات المتحدة من عقد اجتماع قمة مفترض مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بشأن البرنامج النووي لبيونج يانج، فإنها (أي الولايات المتحدة) قد تعيد التفكير في موقفها من الاتفاق النووي مع إيران.

على الجانب الاخر، يرى دبلوماسيون أوروبيون أن بومبيو قد يكون له بعض التأثير على ترمب، أكثر من تيلرسون الذي أثار عداء الرئيس الأمريكي ضده عندما وصفه "بالمعتوه"، واختلف مع ترمب بشأن إيران، وعدد من القضايا الأخرى.

وقال دبلوماسي اوروبي اخر "إذا كان بومبيو متشددا، فان هذا يشكل تأكيدا وتشديدا اخر على سياسات ترمب. انه خط ترمب اخر الذي سيزيد التشدد في هذه الإدارة".

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير