اسرائيل تغسل ادمغة الصغار كي تتجنب طرح الاسئلة الكبيرة

15.05.2016 03:54 PM

وطن:  كتب جدعون ليفي

كان هذا تقسيما للعمل: أ. حصلت على “اللدغة السامة”، م. على عملية “نوعه”، ط. على “ربيع الشباب”، ي. على “يد للاخوة”، ع. على “عالم الجيدون”، ن. على “عملية أوبرا”، ع. على “دجاجة 53″. ويونتان الصغير الذي لم يقم منذ زمن في الصباح ويذهب الى روضة الاطفال حصل على “اغنية التصفير”. ما الذي تعنيه “اغنية التصفير”، سألته أول أمس بعد مباركته للطعام اثناء وجبة العائلة. ما الذي يعنيه ذلك؟ إنه يعني العملية في أنصاريا. وأين هي أنصاريا؟ وأجاب: في لبنان. ما الذي حدث هناك؟ كارثة شييتت. يونتان ذهب الى غرفته وعاد وهو يحمل ورقتين كُتب عليهما بقلم رصاص “كانت تلك الكارثة الاكبر في تاريخ شييتت 13″.

يونتان هو طفل ذكي وجميل يبلغ 11 سنة من عمره وهو طالب في الصف الخامس في مدرسة حكومية في شمال تل ابيب. مربي الصف هو شاب ترك عالم الهاي تيك وانتقل الى التعليم. وقد قام بتوزيع قائمة المهمات (بعض الاولاد حصلوا على مهمة الحرب) بمبادرة تربوية ذاتية مثل “تبنَ قتيل” التي بادر اليها وزير التربية والتعليم في هذه السنة. أم شجاعة حاولت الاحتجاج: “هل هذا حقيقي؟ هل تجند الاولاد لدورة ضباط في المدرسة؟”، سألت. ولكن في الواتس آب لم ينضم أحد من أولياء الطلاب للاحتجاج.

“اعتقد أن هذا الموضوع هام ويجدر التعمق فيه”، قال أحد الأولياء. وطلب المعلم ستة أسطر من اجل العملية، ويونتان كتب صفحتين لأنه اعتقد أن “اغنية تصفير” لا يمكن كتابتها بأقل من ذلك.

طُلب من المؤرخين العسكريين الصغار الحديث عن بطولات اسرائيل. لذلك لا حاجة الى نفتالي بينيت، فهكذا علمونا في صغرنا حيث لم يكن بينيت قد ولد بعد. ولكن في حينه كانت أيام اخرى. ليس من المبالغ فيه التوقع من دولة ومجتمع أن يكبران قليلا منذ ذلك الحين. صحيح أن اغلبية عمليات حصمبا حصمبا هذه وبما في ذلك الاسماء التي أُلصقت بها، كانت صبيانية بحيث تلائم إبن الـ 11، لكن غسيل الدماغ العسكري هذا كان يمكنه الانتظار.

إن جزءً من هذه العمليات كان جرائم حرب حقيقية – القتل والتصفية والاختطاف التي لا حاجة اليها. القليل منها قد يكون حيويا لأمن اسرائيل. واغلبيتها عادت سلبا في نهاية المطاف وتسببت بأعمال الانتقام والغضب والكراهية. ورثة من تمت تصفيتهم أو اختطافهم وقتلهم كانوا في العادة أكثر تطرفا من أسلافهم.

ما الذي نتج عن العملية البطولية لتصفية أبو جهاد باستثناء المزيد من لحظات المجد لـ “الوحدة”؟ حيث أن الوريث الاكثر ملاءمة لياسر عرفات صُفي، وبالتالي قُتل شريكا محتملا. وما الذي نتج عن “قدم شجرة” حيث تم قصف قيادة م.ت.ف في تونس في 1985؟ وعمليتي اختطاف مصطفى ديراني وعبد الكريم عبيد؟ و”دجاجة 53″، العملية التي اعتبرت في حينه من اكثر العمليات جرأة – اختطاف محطة رادار مصرية وجلبها الى اسرائيل من اجل اهانة المصريين. كل الاحترام للجيش الاسرائيلي. الحقيقة هي أن هذه العمليات البطولية كانت تهدف الى ارضاء غريزة المغامرة والتستوسترون لدى الرجال الشباب الذين شاركوا فيها: اهود باراك الذي تخفى على شكل امرأة. وهذه العمليات تسببت بالضحايا في صفوف الاسرائيليين: “أغنية التصفير” على سبيل المثال.

كان يجب رؤية نظرات ايلانا ديان لمئير دغان في المقابلة الاخيرة معه، عندما حدثها عن افعاله. الآن يتم توريث ذلك للاولاد من جيل 11 سنة. هذا عمر جيد من اجل عملية غسل الدماغ التي لا تنتهي هنا أبدا. هنا في سبارطا الخاصة بنا. اذا تم البدء في سن 11، فانه في سن 18 سيجدون المتطوعين لـ “ربيع الشباب” القادم. واذا بدأوا في سن 11 فانه في سن 18 لن يسأل أحد اسئلة زائدة. هكذا هو ربيع الشباب ليونتان، إبن أخي الحبيب. ربيع شباب يُفسد ويبعث على الانكسار.

هآرتس   15/5/2016

تصميم وتطوير