اسرائيل وذاكرة الشر

03.04.2016 09:56 AM

كتب: حسن سليم

قبل خمسة وثلاثين عاما، عام 1980،  تم اعتقال عمر الحروب بعد عملية مقاومة نفذها ضد الاحتلال، وفي ذات التاريخ كانت حنان الحروب طفلة تعيش وجع اللجوء مع اسرتها في مخيم الدهيشة.

وقبل اربعين عاما كان شمعون بيريز من كبار جهاز الموساد الاسرئيلي، وقبل ثلاثين عاما كان اسحق رابين وزيرا للحرب في الحكومة الائتلافية بين حزبي العمل والليكود، وهو صاحب سياسة تكسير العظام للمنتفضين الفلطسينيين، ومعهما جيش من الاسماء ترايخهم حافل بالعمل ضدنا، ولقعلنا.

بعد كل هذه العقود، المفروض ان الامور تغيرت، هكذا اعتقدنا، نحن الفلسطنييون، فشمعون بيريز  ورابين تقاسما جائزة نوبل للسلام مع الشهيد ياسر عرفات، والحروب زوجة المناضل عمر الحروب حصلت على جائزة افضل معلمة في العالم، بفضل مهنيتها وابداعها، وليسلامر يتعلق بالسياسة، وان كان ابداعها دعم سياسي لثقافة السلام بشكل غير مباشر.

لكن الواضح ان عقلية الشر تأبى ان تفارق دوائر ولوبيات في اسرائيل، او مؤيدة لها، ليصل الامر بها ان تنظم الحملات مطالبة بسحب الجائزة من المعلم  المبدعة حنان الحروب.

عقلية الشر التي تصر على اعادة الامور الى ما هو اسوء مما كانت عليه، بفضل خطابها التحريضي، ورغبتها بخطاب الدم بديلا  لخطاب السلام الذي هو مصلحة للشعبين.

حيث ان مقاومة عمر الحروب وغيره من مئات الاف المناضلين، كانت ولا زال محل اعتزاز  لشعبنا الذي لم يسلم بان تستباح ارضه، ولم يتنازل عن حلمه باقامة الدولة المستقلة، ولا زال يبحث في كل زاوية في العالم عن فرصة لتحقيق هذا الحلم، بل ويقدم المبادرة تلو الاخرى، ليفوت الفرصة على جنون ساسة، وغلاة مستوطنين لا يقيمون وزنا لفرصة ذهبية بالامكان اغتنامها.

وفي مقابل المقاومة المشروعة لشعبنا، قانونيا  وسياسيا واخلاقيا، التي " يعايرنا "  بها اصحاب عقلية الشر، فاننا لا  نلمس منهم شعورا بالخجل مما اقترفت يداهم وايادي  حكامهم من جرائم لا زال ضحاياها ينزفون دما ووجعا، ومع ذلك يعضون على الجرح طمعا بسلام يمكن ان يتحقق، ويجنب قادم الاطفال مستقبلا شبيها بما عاشوا من ماضي.

واضح ان فجوة كبيرة في التربية والاخلاق بيننا وبينهم، وفجوة كبيرة ايضا في القناعة بامكانية ان تكون دولتنان يعيشان جنبا الى جنب، ووضع حد لصراع طويل، حصد مئات الاف من الارواح، وانتج مخزونا  كبيرا من الكراهية بسبب مسلسل جرائم لم تتوقف بعد .

ان ما يجب ان يعلمه دعاة الكراهية، ولوبي التحريض، ان الكيل بمكيالين لم يعد ينفع، وان كان اعتقادهم ان تاريخ المناضل عمر الحروب مبررا لسحب الجائزة من زوجته، فان لدينا الف مبرر ليتم جرهم واركان وقادة كيانهم الى المحاكم الدولية كمجرمين حرب، الا اذا كانوا يعتقدون ان الامرعلى طريقة " حلال لنا، حرام عليهم" وبالطبع بين  الحالتين فارق كبير، كالفرق بين الثرى والثريا .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير