المطلوب حكومة وحدة وطنية تنضوي تحت استراتيجية واحدة لا استراتيجيتين

01.02.2016 11:26 AM

وطن- كتب: د.حسن عبد الله

ما تسرب من نقاط حول اتفاق محتمل بين حركتي فتح وحماس يفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، يؤشر إلى أن هناك تنبهاً من الحركتين، بخصوص أن الاستمرار في العمل على السطح والانشغال في الانشداد للمصالح الفصائلية، بات يعقد القضايا الخلافية ويعمّقها، لأن الأصل أن نعالج الجذر. وفي النقاط التي تناقلتها بعض وسائل الاعلام هبوط صحيح من السطح إلى الجذر، وهذا هو المطلوب منذ سنوات طوال.

لقد أدركت الحركتان وأطراف عربية، أن استفحال الانقسام، سيضع الانجازات الدبلوماسية والسياسية التي تحققت في مهب الريح، في غياب أرضية وطنية وحدودية صلبة يستند إليها الجميع.

إن الجهد القَطري المدعوم مصرياً وسعودياً وامارتياً وأردنياً، من شأنه أن يقود إلى نتائج ايجابية، اذا لم تبرز في قمة الدوحة الفلسطينية - الفلسطينية معوقات تضع  المصالحة خارج السياق.فحكومة الوحدة الوطنية ينبغي أن تكون ممثلة للجميع، لكي يتسنى لها التصدي للملفات الأمنية والاقتصادية والوظيفية والسياسية و الإنتخابية، حيث يجب تهيئة الأوضاع للوصول إلى انتخابات ديموقراطية تضع النقاط على الحروف، وتظهر الحجم على الأرض، ليقرر الشعب من يمثله و يقوده في المرحلة المقبلة، ويتحمل الناخبون مسؤولية الاختيار، واقتناع الفصائل والأحزاب أن نتائج الانتخابات الجديدة هي ملزمة، ومن لم يفز، فان ساحة المعارضة هي ميدانه، في اطار العملية الديموقراطية، بمعنى أن نتائج الانتخابات من المفروض الا تفرخ انقساماً جديداً.

المطلوب حكومة وحدة تأخذ بعين الاعتبار ما حققه الفلسطينيون دبلوماسياً وسياسياً وتبني وتراكم عليه، لا تهدمه وتقوضه، حكومة تعي تماماً المتغيرات العالمية وتعاظم التأييد للقضية الفلسطينية، تخاطب العالم بلغة يفهما. وتستقطب التأييد، تنطلق من أساس أن الفلسطينيين مجمعون على إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس. دولة دون استيطان أو حواجز، تأخذ على عاتقها بناء المشروع الوطني والانساني الفلسطيني، لأن الفلسطينيين بما يمتلكون من روح صمود واستمرار وعِلم وانفتاح، لديهم ما يمكن أن يقدموه لأنفسهم ولمنطقتهم وللانسانية بأسرها.

و حري بالحكومة المنتظرة ألا تحشر نفسها في المحصاصات الفصائلية، وانما أن تفسح في المجال للطاقات والكفاءات المستقلة وهي كثيرة، فاستطلاعات الرأي التي أجرتها في السنوات الأخيرة مؤسسات ومراكز بحثية مختلفة، تشير نتائجها، أن نسبة المستقلين في مجتمعنا الفلسطيني تكاد أن تكون هي النسبة الأكبر، وبالتالي من المهم أن يتم التعبير عن هذه النسبة في الحكومة الجديدة، لا من باب الامعان في التقسيمات، وانما من أجل احداث التوازن في الحكومة في هذه المرحلة، و الحؤول دون تشتتها في متاهات و منعرجات تبعد القضية عن مسارها الصحيح وتنأى بها عن التقسيمات والتجاذبات الفصائلية، وتمنع انهيار الحكومة أمام أية عاصفة خلافية قديمة جديدة أو طارئة، بصرف النظر عن حجم هذه العاصفة، ومن يقف خلفها.

حكومة تأخذ الفلسطينيين إلى القمة العربية في آذار المقبل موحدين متماسكين، لكي يشكلوا أنموذج صاحب القضية العادلة، الذي يتحتم عليه أن يقدم نفسه إلى العرب أولاً كمثال حسن وليس كحالة متصارعة منقسمة على ذاتها، تتناقض على مصالح وغنائم تحت الاحتلال.

إن الوطن العربي بكل ما أصابه من انقسامات وحروب وهزات وتدمير دول، ما زال يختزن طاقات كبيرة، من المفروض أن توظف في خدمة القضية الفلسطينية، فاذا دمرت سوريا وليبيا وعصفت بالعراق واليمن الحروب الداخلية، فما زالت دول أخرى موجودة وقائمة، ولها حضورها في الساحة الدولية، ونقصد مصر ودول الخليج والأردن والجزائر والمغرب وتونس و لبنان، و علينا يجب عدم التقليل من الدور الذي من المتوقع أن تضطلع به هذه الدول لصالح قضيتنا، فنحن جزء من أمة عربية، لا يجوز بأي حال من الأحوال نسيان ذلك، والتصرف وكأننا وحدنا في هذا العالم، نعيش بلا حاضنة ونتصرف كابن يتيم فقد أرضه وسقفه وهام على وجهه بلا سند أو معين.

إن الشعب الفلسطيني قد جرّب وتجرّع مرارة الانقسام ومراكز القوى، وجرّب مأساة ساحتين متناقضتين، كل ساحة تلعب وحدها، وجرّب وجود استراتيجيتين متنافرتين، فلا سبيل لنا لتحقيق أهدافنا إذا لم نتوحد تحت لواء استراتيجية لا التباس فيها ولا تنطق بلغتين وتوجهيين، بل بلغة واحدة هي لغة الفلسطينيين جميعهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير