حين يهبط قانون المجلس الاعلى للاعلام بـ"البراشوت" والكتل البرلمانية مغيبه

20.01.2016 02:46 PM

 رام الله – خاص وطن: لسنوات، انتظر الصحفيون ووسائل الاعلام الفلسطينية لحظة اقرار قانون المجلس الاعلى للاعلام، لما سيكون له من اثر ايجابي على تطور حرية التعبير والعمل الصحفي في فلسطين، لكن خيبة امل اصابتهم في ظل الحديث عن اقرار القانون من قبل الرئيس محمود عباس الذي لا يعلم احد من اين جاء، كونه مخالفا لما تم التشاور حوله.

منذ اكثر من 3 سنوات والمؤسسات الاعلامية وخبراء القانون والاعلام يعملون مع اطراف من الحكومة الفلسطينية على صياغة مشروع قانون المجلس الاعلى للاعلام، بهدف تعزيز الحريات الصحفية واستقلالية عمل وسائل الاعلام بما يتوافق مع القانون الاساسي، لكن تلك المسودة التي تم رفعها لمجلس الوزراء في 2013 تراكم عليها الغبار في ادراج الحكومة وبقيت مجمدة، حتى منتصف الشهر الماضي حين خرجت مسودة جديدة لا احد يعلم من اين جاءت ومن الذي صاغها مغايرة للمسودة التي تم مناقشتها وكتابة نصوصها.

نقابة الصحفيين : الحكومة استهترت بكافة الجهود 

مسودة القانون الجديدة التي اعلن مجلس الوزراء عن طرحها منتصف الشهر الماضي تختلف كليا عن تلك المسودة التي تم صياغتها، والتي قام المجلس الوزراء بتنسيبها للرئيس من اجل المصادقة عليها دون انتظار ملاحظات المؤسسات والخبراء الذين قاموا بصياغة المسودة الاولى وتفاجئوا بها قبل يوم واحد من اجتماع الحكومة لإقرار مشروع القانون بصيغته الجديدة، الامر الذي اعتبرته نقابة الصحفيين "استهتاراً بكل الجهود الكبيرة التي بذلت سابقاً في إعداد المسودة الأصلية".

وحسب المعلومات المتوفرة فقد اعتمد الرئيس القانون ووقع عليه تمهيدا لنشره بالجريدة الرسمية وإنفاذه.

المجلس التشريعي المخول بسن التشريعات والقوانين والمصادقة عليها، مغيب هو ايضا عن هذا القانون، ولم يتم عرضه على رؤساء الكتل البرلمانية، لمناقشته فيها.

فتح : تغول قانوني

نجاة ابو بكر النائب عن حركة فتح في المجلس التشريعي نفت لـ"وطن للانباء" ان يكون قد تم اطلاعهم على القانون قائلة "نحن لا يتم اطلاعنا على القوانين التي يتم تصديرها الى مكتب والرئيس والمصادقة عليها، ولذلك طالبنا قبل اشهر النظام السياسي بوضع حد للتغول القانوني من بعض الجهات التي تستهدف الشعب والرئيس شخصيا من خلال هذه القوانين التي يتم تنسيبها اليه ولا حاجة ملحة لها في الوقت الراهن".

واضاف ابو بكر "نسعى لكسر هذا التغول القانوني من خلال المطالبة بتفعيل المجلس التشريعي او الذهاب الى صناديق الاقتراع".

وحول تنسيب مسودة قانون المجلس الاعلى للاعلام مغايرة تماما للمسودة التي تم التباحث والنقاش بها، قالت ابو بكر "ان هذه القوانين تكتب من بضعة اشخاص تخدم مصالحهم الضيقة الامر الذي من شأنه اذا استمر ان يدفع ويتسبب بحالة هذيان للنظام السياسي والشعب ، ويلقون بكل هذه الاحمال على السيد الرئيس وتضر به".

تجاهل الكتل البرلمانية

النائب في المجلس التشريعي مصطفى البرغوثي اكد لـ"وطن"، "لم نطلع على القانون ولم يشاورنا احد به ولا يوجد لدينا اي تفاصيل حول نصوصه".

واضاف البرغوثي ان "تعطيل المجلس التشريعي ساهم في اضعاف النظام السياسي، ومبدأ فصل السلطات".

من جانبه اكد النائب قيس عبد الكريم لـ"وطن"، ان "الكتل البرلمانية لم تضطلع على قانون المجلس الاعلى للاعلام، وهو مخالف لما تم العمل عليه من قبل مؤسسات اعلامية وخبراء ومؤسسات المجتمع المدني".

واشار عبد الكريم الى ان "اقرار القانون بهذا الشكل ينتهك اتفاقا تم مع الحكومة بشأن احالة اي قانون الى الكتل البرلمانية للتشاور به قبل اقراره وتنسيبه للرئيس وعليها ان تحترم هذا الاتفاق".

بدوره اكد النائب بسام الصالحي لـ"وطن" ان "اتفاقا مع الحكومة ينص على عرض القوانين على الكتل البرلمانية لاجراء نقاش حولها قبل اقرارها لم ينفذ في قانون المجلس الاعلى للاعلام".

واضاف الصالحي "نحن لدينا انتقادات وتحفظات على القانون وسنقدم اعتراضات عليه وسيكون هناك عمل من اجل اجراء التعديلات عليه".

قانون شكلي

وأثار قانون المجلس الأعلى للإعلام الذي وقعه الرئيس في 29 الشهر الماضي حسب المعلومات المتوفرة، ضجة وسخطا في الوسط الصحفي، لما يتضمن من بنود تقيد حرية الاعلام والعمل الصحفي، ما يجعل القانون تغير شكلي وينتج وزارة اعلام جديدة باسم مختلف.

وقال مدير مركز مدى للحريات الاعلامية لـ"وطن للانباء"، ان القانون الجديد لا يلبي طموحات اعلامنا، في حين كان يجب ان يشكل رافعة ايجابية تنقل اعلامنا الفلسطيني ويعزز حرية التعبير.

واضاف الريماوي "القانون يعيدنا خطوات الى الوراء خاصة ان المواد الواردة فيه تنتقص من حرية الاعلام وتسمح لسيطرة السلطة التنفيذية عليه ما يتناقض مع الفكرة الاساسية للمجلس الذي يجب ان يرأسه شخصيات اكاديمية ومهنية تعكس تنوع المجتمع وتعمل على استقلالية حرية الاعلام، وليس السيطرة عليه".

واوضح الريماوي "هناك رفض من مختلف المؤسسات العاملة بالاعلام لهذا القانون، ونطالب الرئيس بوقف نشره وافساح المجال لاقرار قانون نوعي وحديث" مشيرا "في ظل التركيبة الحالية لقانون المجلس الاعلى للاعلام من الافضل ان تبقى وزارة الاعلام وليس انشاء جسم بديل للوزارة بدرجة اقل".

قانون بـ"البراشوت"

وعن خطورة سيطرة السلطة التنفيذية على المجلس الاعلى للاعلام قال الريماوي " السلطة التنفيذية تحاول السيطرة على الاعلام، في ظل غياب المؤسسة التشريعية الامر الذي يشكل خطرا على الاعلام ويفقده مسؤوليته الرقابية ".

ان رفض المؤسسسات العاملة في مجال الاعلام والتي عملت على اعداد مسودة للمجلس عام 2013 ، واعلان براءتها من القانون الجديد، يطرح تساؤلات عديدة ابرزها من الذي صاغ القانون الجديد في ليل وبسرية؟  والهدف من اقرار هذا القانون بهذه السرعة؟ ومن الذي البس هذا القانون "البراشوت" ليهبط بسرعة على الرئيس عباس من اجل التوقيع عليه واقراره؟

تصميم وتطوير