هل يلتحق شهداء القدس بأسرى الداخل ؟

08.01.2016 10:16 AM

كتب: حمدي فراج

   ليس صحيحا ما حاولت اسرائيل ترويجه سرا وبالايحاء انها افرجت عن جثامين عشرات الشهداء بعد احتجازهم لعدة اسابيع ، متعمدة الابقاء على شهداء القدس ، على اعتبار انها غير تابعة للسلطة .

  الايحاءات المكشوفة تقول ان السلطة هي من تدخلت للافراج عن هذه الجثامين ، لكن بالمقابل التي تحدثت عنه صحيفة هآرتس الليبرالية ، وربما هي آخر ما تبقى من الليبرالية الاسرائيلية ، احزابا وحركات وشخصيات وصحف ، فالمشهد الاسرائيلي اليوم مشهد يميني ديني فاشي ، وهو مشهد يتناغم مع حقيقة هذا الكيان المغرق في التيه التلمودي والعنصرية الرابوية .

  تشير هآرتس وعلى لسان المؤسسة الامنية ، ان هذا المقابل يتلخص في تحسن ملحوظ طرأ على التنسيق الامني وتغير كبير في موقف السلطة من الانتفاضة  ووقف التحريض في اعلامها الرسمي وتراجع مشاركة فتح في المواجهات ونشر قوات الاجهزة الامنية عند نقاط التماس وبؤر الاحتكاك ، واستئناف الاعتقالات السياسية في صفوف حماس . كل ذلك مقابل تقديم تسهيلات صادق عليها وزير الدفاع موشيه يعلون ، باستثناء استبدال سلاح السلطة الخفيف او تقديم جيبات مدرعة تخوفا من استخدامها مستقبلا ضد اسرائيل . ووصل الامر بهآرتس القول ان التنسيق الامني يجري بين الطرفين على مدار الساعة .

  ان القراءة المتمعنة تقول بأن اسرائيل فشلت في الضغط على ذوي الشهداء بعد ان جوبهت برفضهم الجماعي النزول عند اشتراطاتها الصارخة المبنية على شيء مهين لا تقوم به دول منقرضة ، مفادها : انني اقتل ابنك واشترط عليك كيف تقوم بدفنه .

  ظنت اسرائيل بداية ان عدد الشهداء سيكون محدودا ، لكنه تجاوز كل التوقعات ، وبلغ عدد شهداء محافظة واحدة كالخليل اكثر من 30 شهيدا ، وقامت بتسليم سبعة عشر جثمانا في يوم واحد ، ربما اكتشفت ان تسليم هذا العدد الكبير في يوم واحد امرا صعبا لم تشهده اي محافظة فلسطيننية من قبل ، لكن تسليمهم دفعة واحدة اقل خطرا وصعوبة  من ان يتم تسليمهم فرادى على مدار سبعة عشر يوما ، فالجنازات في هذه الانتفاضة اصبحت مشهدا من مشاهدها المتطورة القادرة على ترسيخها وتفعيلها .

وظنت اسرائيل انها ستحتجز الجثامين لايام قليلة ، لكن الايام تواصلت وامتدت الى اسابيع واشهر ، وامتدت معها المواجهات وتوسعت وتزايد معها سقوط الشهداء ، وبالتالي احتجاز جثامينهم .

  لقد وضعت اسرائيل نفسها باحتجازها جثامين الشهداء ، بعضهم نساء واطفال ، في ورطة متشابكة ومعقدة ، تمتد لتطول وجهها الاخلاقي الذي يتماثل مع الوجوه القبيحة في التاريخ القديم والمعاصر ، وارادت من اي جهة ان تخرجها من هذه الورطة . لكنها مع ذلك تنجح اخيرا في قلب الحقائق ، فتظهر بمظهر الدولة الانسانية ، فتعيد الجثامين الى عائلاتها ، وتبقي على جثامين القدس كي لا تبدو القدس فلسطينية . فيذكرنا هذا باسرى الداخل من الدفعة الرابعة التي لم يتحرر منهم اي اسير بعد

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير