الفتح الأخير لمعبر رفح يكشف انقلاب مصر على"اتفاق المعابر" الجديد

07.12.2015 03:53 PM

وطن - رأي اليوم: يشعر المسؤولون الفلسطينيون الذين أعلنوا عن التوصل لاتفاق جديد لتشغيل معبر رفح البري، بخيبة أمل كبيرة من الجانب المصري، الذي تنكر من الاتفاق والتف عليه، بتشغيل هذا المعبر ليومين فقط ودون تنسيق مع السلطة، بدلا من فتحه وفق جدول زمني وترتيبات معينة اتفق عليها، لعمله لصالح سفر الحالات المرضية والطلاب والحاصلين على تأشيرات لدول عربية وأجنبية.

في السلطة الفلسطينية لم يكن أحد يعلم حتى مكتب الرئيس محمود عباس وكذلك السفارة الفلسطينية في القاهرة، وليس فقط حركة حماس في غزة بأن السلطات المصرية تنوي فتح المعبر البري المغلق يومي الخميس والجمعة الماضيين لسفر ذوي الحاجة من غزة.

وهناك لم يخف مسؤولون كبار في السلطة امتعاضهم من الخطوة التي جرت دون تنسيق أو حتى إبلاغ من باب "رفع العتب" للسلطة الفلسطينية عن طريق السفارة في القاهرة كما جرت العادة، ويبرر أحد المسؤولين الذين استقت منهم "رأي اليوم" المعلومات أن مصر ربما أرادت أن توصل رسائل للسلطة الفلسطينية بأنها لن تعمل بالاتفاق الأخير الذي أبرم في القاهرة بين وفد رئاسي فلسطيني مكون من عزام الأحمد، رئيسا وعضوية اللواء ماجد فرج وصخر بسيسو، والذي فاوض حول آلية فتح المعبر كل من مدير المخابرات اللواء خالد فوزي وطاقم المسؤولين عن الملف الفلسطيني.

وسبق لعزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ان اعلن أنه تم التوصل إلى اتفاق مع مصر على اعادة تشغيل معبر رفح قريباً وفتحه أمام المسافرين والبضائع وفق ترتيبات جديدة.

وأوضح وقتها أن الاتفاق يقضي بإعطاء الأولوية لسفر الطلاب والمرضى والعاملين في الخارج، الذين يحملون تأشيرات سفر من دول أخرى أو اقامات في تلك الدول، على أن يجري سفر المواطنين وفق الاعتبارات المصرية، في ظل الأوضاع التي تشهدها مناطق شمال سيناء.

وزار الأحمد مصر مرة ثانية للاستفسار عن تأخير تطبيق الاتفاق لكنه لم يعود بنتيجة لأبو مازن، وقال وقتها انه سيعود مرة أخرى خلال أيام للاتفاق على آلية التشغيل الجديدة، غير أن مصر فتحت المعبر دون هذه الآلية.

وبالعودة إلى المسؤول الفلسطيني الذي تحدث لـ “رأي اليوم” فقد برر تصريحاته بإصرار الرئاسة المصرية على تكرار ذات الصيغة في البيان الذي تلا اجتماع الرئيسين أبو مازن وعبد الفتاح السيسي خلال اللقاءات الثلاثة الأخيرة التي عقدت في غضون الثلاث أشهر الماضية، خاصة اللقائين الأخيرين اللذان عقدا بعد اسبوعين، بتكرار مصر الحديث عن اقتران فتح المعبر بشكل دائم بعودة السلطة، والتأكيد على أن إجراءاتها هذه على حدود غزة تتم بتنسيق مع السلطة، وهو ما قد يفهم بأن السلطة راضية على ضخ المياه في منطقة الحدود، حيث قال المسؤول الفلسطيني أن الوفد الفلسطيني خلال التفاوض على فتح المعبر مع المخابرات المصرية، طالب رسميا بوقف ضخ المياه المالحة في منطقة الحدود، لما لها من أثر سلبي على شتى مناحي الحياة.

ولا تخفي أوساط في السلطة أن التعامل المصري مع السلطة، ربما يكون سببه راجع إلى خلاف بينهما، أو عدم رضا مصر عن السياسة الحالية التي تتبعها السلطة الفلسطينية، في ظل استمرار حالة الجمود السياسي، واندلاع المواجهات، إذ لم تخف مصر أن السيسي بحث مع أبو مازن تهدئة الوضع في المناطق التي تشهد مواجهات.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع انتقاد الإجراءات المصرية وطريقة التعامل معها بشكل علني، وأن ذلك يتيح الفرصة لمصر لعمل ما تريد سياسيا في هذا الملف.

وقد فتحت مصر المعبر الوحيد الذي يسلكه سكان غزة خلال رحلات سفرهم للعلاج أو الدراسة والعمل لمدة يومين، وأتيحت الفرصة بشق الأنفس لسفر 1500 مواطن، من أصل 25 ألف مسجلين للسفر، وقد عانى المغادرون كثيرا حتى اجتازوا الحدود، وبسبب البطء المتعمد، حسب وصف سكان غزة لعمل المعبر في الجانب المصري، اجتاز عددا منهم عنوة البوابة المصرية، وجميعهم كانوا مرضى بحاجة لعمليات عاجلة.

وبسبب حاجة سكان غزة للمعبر الذي لم تفتحه مصر منذ اول العام سوى لمدة 22 يوما على فترات متباعدة جدا، آخرها جاء بعد أكثر من 100 يوم، انفجر خلاف شديد بين فتح التي ساندتها فصائل منظمة التحرير وبين حركة حماس، ركزت على مطالب للأخيرة بتسليم المعبر.

على العموم فإن حماس رفضت مطالبات تسليم المعبر ومغادرة موظفيها ليحل محلهم موظفي السلطة، وربطت التسليم بالشراكة في الإدارة.
ومع زيادة الضغط على الحركة قال الدكتور صلاح البردويل القيادي في حماس، ان الحركة "لن تسلم المعابر خاصة معبر رفح للأيد قذرة خانت شعبها".

وأعلن الموافقة على تطبيق الاتفاق بإدارة المعابر "وطنيًا وقانونيًا وأخلاقيًا"، بما يشمل المساواة والعدالة.

تصميم وتطوير